أوتاوا | يواصل طلاب جامعة أوتاوا في كندا، تنفيذ اعتصام تضامني مع قطاع غزة في حرم جامعتهم، مطالبين إدارة الجامعة بالإفصاح الكامل عن استثماراتها مع الشركات الإسرائيلية، ومقاطعة كل ما له علاقة بحرب الإبادة على القطاع. وتحت شعار «افصح (عن الاستثمارات)، قاطع، لن نتوقف، لن نهدأ!»، أقام الطلاب مخيّماً هو الثالث في كندا بعد مخيّم طلاب جامعة مِكجيل في مونتريال، ومخيّم جامعة بريتش كولومبيا في فانكوفر. على أن هذه النسخة الأخيرة ليست عبارة عن مركز تجمع للاعتصام وإلقاء الخطب والشعارات فحسب، بل ثمة أيضاً مساحة ثقافية وسياسية فيها تتجلى في وجود مكتبة مفتوحة، وحلقات نقاش عن فلسطين، وحوارات في التاريخ والفكر والأدب الفلسطيني بين الطلاب والمدرّسين والناس، وجلسات مع جماعات طالبية مختلفة وحركات ناشطة لدعم القضية الفلسطينية.وعلى رغم حملات التشويه و«البروباغندا» الموجّهة ضد مخيّمات الطلاب وتظاهراتهم، ومحاولة التشهير بهم، واتهامهم بالتحريض على العنف و«معاداة السامية»، إلا أن الدعم من المجتمع المحيط بالمخيّم يفوق كل تصوّر. والتقت «الأخبار» مع بعض المنظّمين الذين أكّدوا استمرار الاعتصام، مهما طال الوقت، حتى تُنفّذ إدارة الجامعة كل مطالباتهم، علماً أن حركة تسمى «إنصاف يو أوتاوا» (U Ottawa INSAF) تشرف على المخيّم وتنسّق مع الحركات الطالبية والحقوقية المختلفة. ويقول أيهم، أحد المنظّمين، إن «الوعي بالقضية الفلسطينية وأهميتها جزء لا يتجزأ من النضال ضد الاستعمار حول العالم. وبقدر ما يمثّل مخيّم الاعتصام تسجيلاً للموقف الرافض للإبادة في غزة، فهو يجسّد الوعي بأن نضال الشعوب نضال واحد، وأن القضية الفلسطينية تحرّرنا جميعاً». ورداً على المشكّكين في تأثير حركة الطلاب واعتصاماتهم، يؤكد أيهم أن «الطلاب يملكون القوّة الكافية لعمل التغيير وصنع الفارق بالتكاتف والتعاون والحضور بأعداد كبيرة. وهناك أمثلة تاريخية كثيرة على ذلك، منها حركة الطلاب للمطالبة بقطع الاستثمار والعلاقات مع نظام الفصل العنصري السابق في جنوب أفريقيا».
يؤكد بعض منظّمي الحراك استمراره حتى وقف الاستثمارات في إسرائيل


وكسرت حركة مخيّمات الاعتصام الطالبية الصورة النمطية التي حاولت بعض وسائل الإعلام والمؤسسات الصهيونية تكريسها في المجتمعات الغربية عن حركات دعم القضية الفلسطينية. فلم تعد تهم مثل «معاداة السامية» ودعم «الإرهاب» مجدية، ولم تعد حواجز الخوف والرهبة تمنع الناس من إعلان موقفهم الصريح ممّا يحدث اليوم في غزة. وتؤكّد نور، المشارِكة في التنظيم، أن «مخيمات الاعتصام أعطت الطلاب فرصة التعلّم، بعضهم من بعض، والقراءة عن تاريخ فلسطين معاً، والتعرّف إلى المصادر التي تنقل حقيقة ما حدث تاريخياً. فحضور الطلاب من مختلف الخلفيات الثقافية والدينية، وإصرارهم على الوقوف مع فلسطين وغزة ضد الإبادة والاحتلال، دليلٌ على أهمية الاستمرار في الاعتصامات والتصميم على تحقيق المطالب». كما تعتبر ستار، إحدى المعتصمات، أن «الوقوف مع فلسطين واجب أخلاقي يجب أن ينعكس على أرض الواقع»، وتضيف أن «من واجبي أن أكون هنا للمساعدة بقدر ما يمكن، ولإيصال صوتنا ومطالبنا إلى إدارة الجامعة، والمطالبة بوقف حرب الإبادة في غزة. لطالما كانت حركات الطلاب في الجانب الصحيح من التاريخ».
وفي أجواء التظاهرات والاعتصامات الصاخبة في كندا، رفض قاضي محكمة كيبك العليا طلب جامعة مِكجيل إصدار أمر قضائي ينهي اعتصام الطلاب، ويجبرهم على مغادرة الحرم الجامعي. وأتى ذلك بعدما عمدت إدارة الجامعة إلى رفع قضية، مطالبة بفضّ اعتصام المخيم، ومحاولةً تصويره وكأنه «يخلق حالة من العداء والكراهية بين طلاب الجامعة»، كما ادّعت وجود جماعات لا علاقة لها بالطلاب المعتصمين فيه. ورداً على تلك الادّعاءات، ازداد عدد الطلاب المعتصمين، وكبُر حجم المخيّم، ما أثار تكهنات بأن حركة الاحتجاجات الطالبية ستظل تتنامى في أميركا الشمالية، خصوصاً بعد قمع طلاب وأساتذة الجامعات الأميركية.