غزة | تواصلت العملية البرية التي يشنّها العدوّ في مخيم جباليا شمال قطاع غزة لليوم الرابع على التوالي، بينما بقي المشهد على حاله في مدينة رفح جنوب القطاع، لجهة حدود العملية البرّية. ففي جباليا، ينفّذ جيش الاحتلال عملية تدمير وإبادة واسعة لبلوكات سكنية بأكملها، كما يواصل نسف المئات من المنازل والأبنية المرتفعة، فيما تخوض المقاومة مواجهات ضارية جداً في كل بقعة يحاول التمدّد إليها. وتقول مصادر ميدانية، لـ«الأخبار»، إن العدوّ أقام مربّعاً أمنياً يحيط بالبلوك 2 جنوب عيادة «وكالة الغوث»، يبدأ من حيّ الصالحين شرقاً، ويحاصر شارع الهدد خلف مدارس الوكالة وشارعي أبو العيش وسلطان من الجهة الجنوبية للمنطقة. ويخوض المقاومون هناك معارك شرسة جداً، تلتقي فيها عيون المقاتلين والجنود وجهاً لوجه عشرات المرات. ولعلّ ما تظهره المشاهد المصوّرة التي وزّعتها الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة، وما يتداوله الشارع من حكايا الملاحم، هو جزء بسيط من حقيقة الواقع على الأرض.وسجّل عدّاد المهمات القتالية التي نفّذتها الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة حتى مساء أمس، نحو 23 مهمة، من بينها 3 كمائن قاتلة في مخيم جباليا، فيما فجّر المقاومون ثماني آليات بقذائف «الياسين 105».
وكانت أولى المهام النوعية التي أبلغ «الإعلام العسكري التابع لكتائب القسام» عن تنفيذها، في منطقة البلوك 4 في الجهة الشرقية من المخيم. ووفقاً للكتائب، تمكّن المقاومون من تفجير جرافة «دي ناين» بقذيفة «الياسين 105»، كما استهدفوا قوة راجلة من الجنود كانت تتحصّن في أحد المباني السكنية، بقذيفتين مضادتين للأفراد. أيضاً، واصل المقاومون كمونهم في مسرح الحدث، قبل أن يعاجلوا قوة نجدة وصلت على متن دبابة «ميركافا» إلى المكان، بعبوة «شواظ». وبينما حاولت قوة أخرى سحب عتاد القوة المستهدفة الملقاة على الأرض، قام سلاح الجو بقصف المكان، وأكد مقاتلو «القسام» أنهم أجهزوا على 12 جندياً في هذه العملية. كذلك تمكّنت «كتائب القسام» من إسقاط قذيفة مضادة للأفراد محمولة على طائرة مسيّرة، على مجموعة من الجنود شرق مخيم جباليا، في حين أعلنت «ألوية الناصر صلاح الدين» أنها نفّذت، بمشاركة «القسام»، عملية فدائية، تمكّن فيها المقاومون من تفجير ناقلة جند بعبوة لاصقة من مسافة صفر، وأوقعوا عناصر القوة بين قتيل وجريح.
بقي المشهد على حاله في رفح لجهة حدود العملية البرّية


وإلى جانب ما سبق، ضجّت وسائل الإعلام الإسرائيلية، في ساعات المساء، بالحديث عن وقوع حدث أمني خطير في مخيم جباليا. وتحدّث موقع «حشدوت بزمان» عن مقتل خمسة جنود وإصابة عشرين آخرين، في حدث أمني وصفه بـ«الصعب»، ثم حاولت وسائل إعلام أخرى نسب الحدث إلى نيران صديقة، قبل أن تفرض حظر نشر كامل حوله. بدورها، قالت «سرايا القدس» إن مقاوميها أوقعوا قوة راجلة للعدوّ بين قتيل وجريح خلال اشتباكات خاضوها معها في منطقة السكة، كما تمكّنوا من استهداف مبنى تعتليه قوة خاصة بقذائف مضادة للأفراد، مقابل عيادة الوكالة وسط جباليا. أيضاً، نفّذ مقاتلو السرايا عملية مشتركة مع «كتائب المجاهدين»، استهدفوا فيها دبابة «ميركافا» بقذيفة مضادة للدروع في شارع أبو العيش.
وشهد أمس، كذلك، حضوراً مكثّفاً لقذائف الهاون، حيث قصفت «كتائب القسام» مرابض المدفعية شرق مخيم جباليا بقذائف الهاون النظامية الثقيلة، فيما قالت «سرايا القدس» إن مقاوميها أطلقوا وابلاً من قذائف الهاون من عيار 81 ملم على قوات العدو المتمركزة على جبل الكاشف شرق المخيم. واستطاع المقاومون، أيضاً، توظيف صواريخ «107» النظامية على نحو شديد الفعالية، حيث استهدفت «السرايا» مجموعة من جنود الاحتلال كانت تتحصّن في إحدى الشقق السكنية بصاروخ «107». كما تمكنت «سرايا القدس» و«كتائب القسام» من إطلاق رشقات صاروخية في اتجاه مستوطنات «غلاف غزة»، حيث سجّل جيش الاحتلال تشغيل صافرات الإنذار 16 مرة منذ بداية الأسبوع الجاري.
وفي محور القتال في مدينة رفح، التي تصدّر مقاتلوها المشهد، أول من أمس، حينما ظهروا وهم يخرجون من فتحات أنفاق ملاصقة لحشد من الآليات، ويضعون عبوات «شواظ» في مقابل الدبابات، بينما يحيط بهم جنود العدو من كل جانب، فجّرت «كتائب القسام»، أمس، دبابة «ميركافا» في منطقة العرادات شمال المقبرة شرق رفح، كما فجّرت جرافة «دي ناين» بقذيفة «الياسين 105». وأعلنت «مجموعات عمر القاسم» التابعة لـ«الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين»، بدورها، أن مقاوميها تمكّنوا من تفجير عبوة بعدد من الجنود في محيط مسجد ابن تيمية شرق رفح، ودكّوا القوات المتوغّلة بقذائف الهاون.
في محصلة الأمر، يضغط الواقع الميداني بوتيرته الحالية على كل المستويات السياسية والعسكرية في دولة الاحتلال، إذ تعود الألوية العسكرية المقاتلة من المناطق التي تفترض أنها قضت على خلايا المقاومة فيها، وقد منيت بخسائر كبرى، لم تتعرّض لها في أشهر الحرب الأولى حتى. وينبئ مستوى الضغط الميداني هذا، باحتمال أن ينكفئ العدو من شمال القطاع في غضون أيام معدودة، ويعيد تكرار تجربته في خانيونس، عبر الإعلان أنه أنهى عملياته في مناطق الشمال و«حقّق أهدافه»، حتى وهو يتعرّض لضربات قاصمة.