غزة | في الوقت الذي تدفع فيه قوات الاحتلال بإخلاء مئات الآلاف من سكان محافظة شمال قطاع غزة، وتحديداً سكان مخيم ومدينة جباليا، وأحياء بيت لاهيا والشيخ زايد وبيت حانون ومشروع بيت لاهيا وأحياء شرق مخيم جباليا، إلى المناطق الغربية من المحافظة، في أحياء الشيخ رضوان والنصر والكرامة والرمال، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي والقوات الأميركية النجاح في تثبيت رصيف الميناء العائم، مع الإشارة إلى أنه «مؤقّت». وأعاد هذا التزامن المريب هواجس الترحيل الجماعي للسكان، عن طريق البحر، علماً أن الميناء مخصّص، وفق المعلن، لتوريد المساعدات إلى مناطق شمال قطاع غزة وجنوبه. وفي الوقت نفسه، شاهد الأهالي وصول عدد من السفن التابعة للجيش الأميركي من منطقة «ميناء أسدود» غرب مدينة بيت لاهيا، إلى الميناء المحاذي لمنطقة البيدر، بالقرب من موقع «نتساريم» المستحدث وسط القطاع.ووفقاً لـ«هيئة البث» الإسرائيلية، من المقرّر أن يشهد اليوم الجمعة، نقل أولى المساعدات إلى القطاع عبر الميناء العائم، بعدما تمّ تفتيشها سلفاً من قبل مسؤولي الأمن الإسرائيليين في قبرص، لتُنقل إلى الميناء بحماية إسرائيلية. وعلى خطٍّ مواز، أعلن جيش العدو نقل لواء «كوماندوز» للقتال في رفح، ما يشير إلى أن المعابر الحدودية التي تربط القطاع مع دولة الاحتلال (كرم أبو سالم)، ومع مصر (صلاح الدين) بالإضافة إلى معبر رفح، ستخرج من الخدمة بشكل كامل، فيما سيقوم الميناء العائم بالدور الرئيسي لنقل البضائع والمساعدات إلى شمال القطاع وجنوبه.
وفي السياق نفسه، ادّعت الخارجية الأميركية، في تصريحات متفرقة، أن الميناء العائم سيقوم بدور المساهمة في تدفق المساعدات إلى جانب المعابر البرية، ولن يكون بديلاً منها. وأعلن المسؤولون الإسرائيليون، بدورهم، أنه لن يعمل أي جنود أميركيين على أرض قطاع غزة، مشيرين إلى أن «برنامج الغذاء العالمي ومؤسسات أممية أخرى ستتولى مهمة توزيع المساعدات من دون تدخل من حركة حماس». وزعم المتحدث باسم جيش الاحتلال، من جهته، أن «جيش الدفاع يقوم بجهد إنساني ويعمل بالتعاون مع القيادة المركزية الأميركية لإنشاء الرصيف العائم لتوصيل المساعدات إلى القطاع، وقد شارك قسم الهندسة والبناء في وزارة الدفاع والتشكيل الهندسي للقيادة الجنوبية وفرقة البناء 563 والبحرية وقسم التكنولوجيا واللوجستيات ومنسّق العمليات الحكومية في تلك المهمة».
إزاء ذلك، يقدّر الباحث السياسي، أحمد هاني، أن «الهواجس التي يعيشها الشارع من تحويل الميناء العائم إلى نقطة تهجير للأهالي إلى الخارج ليست واقعية في المطلق». ويتابع هاني، في حديثه إلى «الأخبار»، أن «الميناء العائم لا يقع في شمال القطاع، كي يتم ربط خطوة تهجير سكان محافظة الشمال من المناطق الشرقية إلى الغرب بالتمهيد للتهجير»، لافتاً إلى أنه «يقع في المنطقة الوسطى، ومن رفض الخروج إلى جنوب القطاع، لديه موقف ثابت من التهجير، كما أن الإطار الدولي والإقليمي لا يبدي أي قبول لمخططات التهجير». ويضيف هاني أن «للميناء مَهمة مؤقتة مرتبطة بالمساعدات، أما ما يستبطنه المشروع، فلا يتعلق بالدور الملاحي، إنما بنقطة نتساريم التي تربط شمال القطاع بجنوبه»، موضحاً أنه «فيما ترفض حركة حماس التقدم بأي خطوة في اتجاه اتفاق وقف إطلاق النار من دون انسحاب قوات الاحتلال من خاصرة نتساريم، فإن هذا اللسان البحري الموجود عملياً خارج حدود القطاع، يمكن أن يشكّل مستقراً لأي قوات دولية ستقوم بمهمة مراقبة نتساريم في حال انسحب منها الاحتلال، ويشكل ذلك حلاً مرضياً لكل الأطراف». أيضاً، يستبعد الباحث السياسي أن يكون «مشروع صغير كهذا له صلة بحقول الغاز، لأن التنقيب عن غاز القطاع وسرقته أمر مستمر منذ عقود، وليس بحاجة إلى مشاريع تُستحدث تحت نار الحرب».