أصدر الرئيس الأوّل لمحاكم التمييز، رئيس مجلس القضاء الأعلى، جان فهد، تعميماً يقضي بمنع قضاة محاكم التمييز من ركن سيّاراتهم في الموقف المخصّص للقضاة في الطابق السفلي من قصر عدل بيروت. التعميم ــ السابقة جاء بعد انتهاء أعمال ترميم القصر وصيانته ضمن ورشة تدعيم العدلية وتمتين أساساتها ووقف انزلاق تربتها نتيجة أمطار الشتاء وارتفاع منسوب مياه مجرى نهر بيروت الذي يمرّ في محاذاتها!وقد فوجئ قضاة محاكم التمييز، بشقّيها الجزائي والمدني، بهذا الإشعار الذي تضمّن عدم أحقّيتهم في ركن سيّاراتهم في الموقف الذي يتسع لمئات السيّارات، ويمكنه استيعاب سيارات أكثر من عدد القضاة الذين يفدون يومياً إلى العدلية.
وخصّص الموقف، بحسب قرار فهد، لسيّارات رؤساء محاكم التمييز ورؤساء محاكم الاستئناف، واستثني مستشارو التمييز الذين ليس لديهم مرافقون، أيّ الذين لم يسبق أن عيّنوا محقّقين عدليين لكي ينعموا بالامتيازات المخصّصة لهؤلاء من مرافقين وهواتف خلوية رباعية وراتب شهري إضافي مقداره ثلاثمئة ألف ليرة حتّى ولو لم يكتب أحدهم حرفاً واحداً في الملفّ طوال الشهر، أو على مدار تعيينه.

ولتنفيذ التعميم، وُضع حاجز كهربائي يعمل بـ»الريموت كونترول»، ما ولّد استياءً لدى عدد من القضاة الذين تحدثوا الى «الأخبار». وتساءل هؤلاء عن سبب تهميش المستشار في محاكم التمييز بدلاً من العمل على تعزيز وضعه، لافتين الى أن مستشارين في محاكم التمييز تحوّلوا مع الأيّام الى أهمّ قضاة لبنان، ومنهم على سبيل المثال رئيس مجلس القضاء الأعلى الأسبق عاطف النقيب صاحب الاجتهادات والمؤلّفات القانونية المُعْتَبرة، ونائب رئيس المجلس الدستوري الراحل مصطفى العوجي الذي لا يزال كتابه عن «القانون المدني ــ العقد والمسؤولية المدنية» يُدرّس في كليّات الحقوق في الجامعة اللبنانية بسبب أهمّيته ومقاربته القانونية السليمة للقانون المدني.
وسأل القضاة: «هل باتت وظيفة المستشار في محاكم التمييز عقوبة يجري نقل القضاة إليها لأسباب تأديبية؟».
وزاد من استياء القضاة أنّ التعميم يقتصر عليهم ولا يشمل قضاة مجلس شورى الدولة، مع أنّ بينهم من هم أقلّ درجةً وأقدميةً من قضاة محاكم التمييز، لافتين الى أن من شأن عدم إيجاد مكان لركن القاضي سيارته يؤدّي إلى تأخير سير المحاكمات والجلسات، وهو أمر لا يخدم مسار العدالة.