«بعض قطاع الطرق انضموا للمتظاهرين الشرفاء الذين يُطالبون بلقمة عيشهم، وهؤلاء يستفزون المواطنين عبر قطع الطرقات ويُعيدون إلى أذهاننا أيام الحرب والميليشيات. لذا، نطلب منكم الالتزام بأقصى درجات ضبط النفس...». إضافة إلى هذا التعميم الداخلي في «التيار»، بدأ سياسيون حزبيون أمس عملية «الالتفاف» على الانتفاضة الشعبية من خلال التصويب على إغلاق الطرقات. الأسهم موجهة ضدّ «القوات» بأنّها تُقفل الطرقات وتُحوّل المواطنين إلى «رهائن»، لا سيّما أنّها ترافقت مع «خبريات» عن فرض «رسم مرور»، أو طلب بطاقات الهوية على بعض النقاط، وفي محلات أخرى يُلاحَق ويُضرَب من يُصرّ على تجاوز العوائق. ردّت القوات اللبنانية في بيانٍ أنّ الكلام العوني «محاولة مكشوفة لحرف الأنظار عن الحراك الشعبي... مناصرو القوات موجودون في التظاهرات كأي مواطن لبناني آخر». النائب شامل روكز، دخل على هذا الخطّ، مُحذراً من أنّ «حق التظاهر لا يعني العمل بطريقة العصابات». وأوضح في اتصال مع «الأخبار» أنّه يجب «ترك مسارب بديلة للناس التي باتت تعلو صرختها، مُطالبةً بتسهيل حركتها». قد يعتبر البعض أنّ دعوة روكز لفتح الطرقات، تتلاقى مع تحريض «التيار» على قطعها بهدف فضّ الحِراك. ينفي العميد المتقاعد ذلك، «فأنا مؤيد للثورة، والشباب يتظاهرون (العمداء المتقاعدون وقدامى التيار العوني)، ولكن لا يجب عرقلة المواطنين».
معلومات عن تحضير القوات لمواكب شعبية إلى بكركي
التصويب العوني على «القوات» في قطع الطُرق مُبرّر، لأنّ حزبييها أطلقوا شرارتها الأولى في «المناطق المسيحية». على رغم أنّ المُشاركين في الاعتصامات لا يأتون تلبيةً لدعوتها وليسوا جميعاً «قوات». أما هي فلا تزال مصادرها تنفي ذلك، «نحن ضدّ تسييس الموضوع، ولسنا حمقى لنُظهر انتماءاتنا الحزبية، في لحظة مصيرية نملك فيها فرصة جرف كلّ السلطة السياسية». وتعتبر أنّ كلّ ما يرتبط بقصة إغلاق الطرقات، «مصدره التيار العوني لضرب التحرك».
الكتائب اللبنانية أكثر «تماساً» مع هذه «المشكلة» الطارئة، خاصة مع تحولها إلى مادة للتجاذب العوني - القواتي. يبدأ النائب الياس حنكش حديثه من أنّ «شلّ الحركة أمر أساسي للضغط على السلطة التي تخترع بدعة حصر التظاهر في الساحات وليس الطرقات. والبرهان أنّ القوى الحاكمة، رغم ستة أيام من التصعيد الشعبي، لا زالت تُكابر». ينفي أن يكون حزبه قد بادر إلى إغلاق الطُرق، «نريد الحفاظ على الهوية الشعبية للتحرك، لذلك لم نكن في الخطوط الأمامية عند أي نقطة»، وقد اقتصر عملهم على «تقديم الدعم اللوجستي وإعطاء إرشادات لشباننا المتظاهرين». مع استمرار التظاهرات بشكل تصعيدي، «هناك أشخاص بدأ ينقطع نفسهم. أكثر المُتحمسين للحراك، باتوا يئنون من الساعات الطويلة التي يمضونها على الطريق. كان الحضور الصباحي اليوم (أمس) الأقلّ منذ الجمعة، لأنّ الناس بحاجة إلى أن تطلّ على مصالحها». ما العمل إذاً؟ «الحسابات دقيقة جداً. لا يجب إقفال الطرقات من دون مواكبتها شعبياً، وليس فقط للاحتفال. فانحراف الثورة أو الانتفاضة، وسيطرة أجواء النرجيلة وغيره تستفيد منه السلطة». لذلك، يتحدّث حنكش عن العمل لإقناع الناس بضرورة البقاء في الشارع، «فإقفال الطرقات موجّه ضدّ السلطة وليس المواطنين».