مطلع الأسبوع، غادر إلى واشنطن وفد يمثل نواب «المعارضة» يضمّ ميشال معوض ونديم الجميل وجورج عقيص ومارك ضو ووضاح الصادق. ليست الزيارة الأولى إلى محجّة «السياديين» لمناقشة ملفات داخلية. لكن التوقيت يأتي في سياق حفلة التوتّر التي عبّرت عنها تصريحات هؤلاء على الشاشات والمنابر وفي الصالونات المغلقة. فكانت فكرة معوّض السفر إلى «الأصيل» بما أن المناشدات أمام «الخماسية» وغيرها لم تؤدّ إلى نتيجة. وعليه، بدأ هؤلاء ترتيبات قبل شهرٍ ونصف شهر، معتمدين على العلاقات الشخصية، وخصوصاً تلك التي تربطهم برئيس معهد الشرق الأوسط بول سالم، أبرز المنظرين لما يعرف بـ«المجتمع المدني»، ومهندس جماعات الضغط التي تدور في الفلك الأميركي في لبنان، وأحد العاملين على فكرة إيصال نواب «تغييريين» الى الندوة البرلمانية.استهل الوفد الزيارة بلقاء نائب وزير الخارجية للشؤون السياسية الأسبق ديفيد هيل، تبعتها سلسلة لقاءاتٍ مع مسؤولين (غير رفيعي المستوى) في البيت الأبيض ووزارتي الخارجية والخزانة والكونغرس وفريق لبنان في دائرة الأمن القومي. وبعدما طلبوا موعداً للقاء مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى بربرا ليف، استقر الأمر على لقاء معاونيها. وفي المعلومات، «قدّم النواب أنفسهم كممثلين عن فريق يعبّر عن رأي وازن في لبنان، يشعر بالقلق مما تسرّب من معطيات حول الورقة التي حملها المبعوث الأميركي عاموس هوكشتين إلى بيروت لتكون منطلقاً للتفاوض مع حزب الله». مع التركيز على نقطتين: الملف الرئاسي والمساعدات الاقتصادية. فـ«السياديون» أبلغوا أصدقاءهم الأميركيين أنّ «انخراطهم في تسوية تسمح بمجيء رئيس جمهورية مقرّب من حزب الله وغيرها من المكتسبات السياسية، سيكون بمثابة إهداء الحزب سلاحاً جديداً عوضاً عن الضغط للتخلّص من سلاحه غير الشرعي». وقالت مصادر مطلعة إن هذا الفريق «يخشى التضحية به»، لأن حزب الله الذي «قرّر خوض الحرب، ويقرّر متى يتوقف عن إطلاق النار ويباشر المفاوضات ضمن سقوف يحددها، أمامه فرصةً لقطف ثمرة ذلك بعهد رئاسي واحتمال ازدهار اقتصادي سيحسب لمصلحته».
رغم الشكاوى والتحذيرات لم يسمع الوفد كلاماً جديداً من المسؤولين الأميركيين


إلى ذلك، أباح «السياديون» أمام أصدقائهم الأميركيين بمجموعة شكاوى، بدءاً من «اختراق حزب الله للشارع السني» الذي انخرط بالعمل المقاوم على الجبهة الجنوبية، مروراً بـ«هيمنة» الحزب على قرار الدولة عبر تناغم الموقف بينه وبين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وصولاً إلى «طلب الضغط للسير في اتفاق مع صندوق النقد الدولي»، لأنّ «اقتصاد لبنان بات يعتمد على الكاش، ويشبه نموذج اقتصاد حزب الله». في مقابل ذلك كله، تؤكد المصادر أن الوفد «لم يسمع كلاماً جديداً من المسؤولين الأميركيين».

الزيارة التي تنتهي آخر الأسبوع، تخللها لقاء مع لجنة المشتريات التي تعدّ ميزانيات الدعم المخصص للجيش اللبناني، ودعوة عشاء أقامها على شرف الضيوف عضو الكونغرس رئيس لجنة الصداقة الأميركية - اللبنانية دارين لحود، الذي أرسل بصفته هذه رسالة عاجلة إلى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في حزيران الفائت، يحث على الضغط لفتح مجلس النواب اللبناني وإجراء انتخابات رئاسية، تماهياً مع مطلب «السياديين» آنذاك. كما أنه معروف بمواقفه الأكثر تطرفاً حيال سلاح الحزب، ونشاطه على هذا الملف بارز ضمن مجموعات الضغط.