الصحيفة الفرنسية أوضحت أن التوتر بين الرئيسين ظهر جلياً، الخميس الماضي، بعد الاجتماع بين إيمانويل ماكرون ورؤساء البلديات. أمّا السبب الأساسي، فهو الاختلافات في تقدير الأمور التي تراكمت وظهرت إلى العلن. فبينما يعمل فيليب، مثلاً، في سرية تامة على تطوير خطة إزالة العزل، كشف ماكرون عن الخطوط الرئيسية أمام المسؤولين المحليين، ولا سيما ما يتعلّق بارتداء القناع الواقي في وسائل النقل والمدارس.
«لو فيغارو» أشارت إلى أنه رغم رغبة فيليب في تخفيف إجراءات العزل، في وقت متأخّر، خصوصاً في المؤسسات التعليمية، اضطرّ في النهاية إلى القبول بالتقدير الذي وضعه رئيس الجمهورية، أي بتخفيف إجراءات العزل ابتداءً من 11 أيار، ما يعني أنّ رئيس الحكومة بات مضطرّاً إلى إعداد خطة سريعة تتوافق مع هذا التاريخ. يأتي ذلك فيما سرّبت وسائل الإعلام أنّ مستشاري الحكومة كانوا يفضّلون عدم فتح المدارس قبل بدء العام الدراسي الجديد في أيلول، في وقت قوبلت فيه الخطط الموضوعة بريبة من بعض الجهات، خصوصاً نقابات المدرّسين التي أعربت عن شكوكها في مدى إمكان تطبيق إجراءات على غرار فصل الطلاب في الصفوف المدرسية.
«الرئيس لا يتردّد في المخاطرة، بينما يعتمد رئيس الحكومة نهجاً أكثر ميلاً إلى التقنية وأكثر حذراً، وهذه اختلافات في الثقافة»، على حدّ تعبير أحد الخبراء.
يجري تداول بعض الأسماء التي قد تحلّ مكان إدوار فيليب
لكنّ الأمر لا يقتصر على ذلك، إذ «تحمل خطة إزالة العزل العديد من الأبعاد المعقّدة والمتناقضة، الأمر الذي يفتح المجال أمام تحليلات كثيرة»، وفق أحد المقرّبين من رئيس الحكومة، الذي أنكر كالعادة وجود أي توتّر مع الإليزيه. في ظلّ هذه الأجواء المشحونة، ذهبت «لو فيغارو» إلى حدّ توقع إمكانية استبدال فيليب بعد أزمة «كورونا». ونقلت عن مقرّب من فيليب قوله إن «السياسات الصغيرة ليس لها مكان في هذه القصة»، إلّا أنه أضاف أنّ «هذا ليس رأي الجميع. فكما هو الحال غالباً في أوقات الأزمات، تزداد شهية البعض على رئاسة الحكومة».
الصحيفة وجدت الأساس الذي يبني عليه هذا الأخير تصريحه، في الخطاب الذي ألقاه ماكرون في 15 نيسان، حين قال إنه مستعد «لبناء» مشروع «مع جميع مكونات أمّتنا»، ما فتح الباب أمام تعديل وزاري كبير. وبالتالي، أودى إلى تساؤلٍ مهم: «هل يستطيع فيليب البقاء في منصبه عندما يتعلّق الأمر بالبدء من النقطة الصفر؟». وفق الصحيفة، فإنّ الأجواء تفيد بـ«لا».
«لو فيغارو» ذكرت أسماءً قد تُطرح بدل فيليب، منها وزير الاقتصاد برونو لومير الذي لا يغفل أحد في رئاسة الورزاء ظهوره الإعلامي المتكرّر في الفترة الأخيرة. كذلك، يجري تداول اسم جان إيف لودريان «المتمرّس»، على اعتبار أنّ وزير الخارجية سيجسّد بعد ذلك تحولاً اجتماعياً ديموقراطياً. وهناك أيضاً فرانسوا بايرو.
في مقابل ذلك، هناك من يشكّك في أن يصل الأمر إلى حدّ تغيير رئيس الحكومة، ذلك أنّ الانطلاق في تنفيذ خطة اقتصادية تتناسب مع مرحلة ما بعد «كورونا»، لن يمنح وقتاً من أجل تغيير وزاري كبير، ولا سيما أن الأجواء ستكون محمومة العام المقبل، بالإعداد للانتخابات الرئاسية التي ستجري عام 2022.
بانتظار ما ستؤول إليه الأمور بين الرئيسين، يواصل فيليب القيام بمهامه كرئيس للحكومة، في مواجهة أزمة «كورونا». وفي هذا السياق، يعرض، اليوم، الاستراتيجية الوطنية للخروج من الحجر الذي فُرض لمواجهة الفيروس. وتم تحديد سبع عشرة أولوية لإخراج البلاد تدريجياً من حالة الإغلاق اعتباراً من 11 أيار، تشمل إعادة فتح المدارس، واستئناف عمل الشركات، وعودة حركة وسائل النقل العام إلى طبيعتها، وتأمين أقنعة ومعقّمات، إضافة إلى دعم كبار السن وتحديد سياسة لفحصهم. يأتي ذلك فيما أظهر استطلاع أجرته مؤسسة «إيفوب» لصحيفة «جورنال دو ديمانش»، أنّ 39 في المئة فقط من الفرنسيين يثقون بقدرة الحكومة على التعامل بفعالية مع أزمة «كورونا»، أي أقل بسبع نقاط عن الأسبوع الماضي.