منذ بدء الحرب في أوكرانيا، تمسك تركيا، كما بات معروفاً، العصا من وسطها
ويرى عبد الله قره قوش، في صحيفة «ميللييات» الموالية، أن بعض التطوّرات الأخيرة تجعل من تركيا «بلداً مفتاحاً في المنطقة، من السلام والغذاء إلى الطاقة والوساطات. فالغرب كما الشرق، يحتاجان إلى تركيا التي تريد إنهاء الحرب. وهي البلد الذي يتطلّع إلى أن تلتقي روسيا وأوكرانيا. واليوم، ستصبح تركيا قاعدة مهمّة لتوزيع الغاز الطبيعي في أوروبا. وغاز شرق المتوسط يمكن أن يُنقل بسهولة إلى أوروبا عبر تركيا». ووفق قره قوش، «هذا هو الوقت الأفضل لتركيا لتعزّز علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي في ذروة الضائقة الاقتصادية الأوروبية، ولا سيما على صعيد الطاقة».
في المقابل، فإن تعزيز تركيا علاقاتها بروسيا بدأ يطرح علامات استفهام وتساؤلات حول مستقبلها وأبعادها، بين مَن يدعو إلى الذهاب بعيداً في مسألة التنسيق، ومَن يدعو إلى التروّي. من جهته، يقول أحمد طاش غيتيرين، الكاتب الإسلامي في صحيفة «قرار» المعارضة في مقالته بعنوان: «هل تتبع تركيا سياسة واقعية مع روسيا؟»، إن أنقرة «تزعم بأنها تمضي في سياسة حيادية مع طرفَي النزاع. وعلى رغم أن لها علاقات جيدة مع أوكرانيا وتبيعها أسلحة ولا تعترف بقرار ضمّ القرم ولا بضمّ المقاطعات الأوكرانية الأربع، كما لها علاقات ممتازة مع روسيا ولإردوغان علاقات شخصية مع بوتين، لكن هل نحن متأكدون من أنه ليس لروسيا أطماع في الأراضي التركية: في قارص وأردخان وأرطوين؟ وهل تشعر تركيا فعلاً بأن التحالف الغربي - الأطلسي ليس بحاجة إلى دعمنا؟ ألم تقل مرال آقشينير، زعيمة الحزب الجيد، إن بوتين يرى في كل مكان على أنه سوريا ويتقدّم فيه؟ وهل يعتقد إردوغان أن العلاقات الشخصية يمكن أن تضع كل شيء في المسار الصحيح؟ هل نحن نثق ببوتين؟ ألم نتماهَ أكثر ممّا يجب مع بوتين؟ والتشبّه ببوتين في مسألة حكم الرجل الواحد، ألم يصل إلى أبعاد تُلحق الضرر بتركيا؟».
في اتجاه آخر، يتناول سليمان سيفي أوزغو، في صحيفة «يني شفق» الموالية للسلطة، القمم المتتالية لإردوغان مع بوتين وتأثيرها على السياسات الخارجية لهذا البلد. ويقول إن الدول الغربية ومصر واليونان منزعجة من الاتفاق التركي مع ليبيا في شأن التنقيب عن النفط والغاز في المنطقة الاقتصادية الخالصة لليبيا، وإن القاهرة مثل أثينا لا تريد أن يكون لأنقرة نفوذ في شرق المتوسط وفي أفريقيا. ويذهب أوزغو بعيداً بالدعوة إلى تعزيز التعاون مع روسيا، إذ يرى أن «المخرج لتركيا من هذه الكماشة هو تحديد ما تريده أولاً. ولكن يجب أن تبحث عن داعم لها في هذه المسألة. إن روسيا التي تتعرّض أيضاً للضغوط يمكن أن تكون هي الداعم لتركيا في ليبيا مثلاً. وروسيا في تنافس مع فرنسا في أفريقيا، حيث يتزايد التأثير الروسي في مالي وتشاد. وما يجعل فرنسا مستنفرة هو الانفتاح الأفريقي الذي بدأته روسيا وتركيا». ويضيف الكاتب إن «روسيا والنخب الروسية تدرك أن وضع موسكو من دون أنقرة سيكون أسوأ. لذا، يتعيّن على الجانبين أن يوفّرا أرضية مشتركة للتعاون في البحر المتوسط والمجالات الأخرى. وإلّا فإن اللوحة ستكون سوداء للطرفين».