لكن «العويل» السعودي على وقع الضربات الباليستية لم يُقابَل على الجانب اليمني إلا بجرعة تحدٍّ إضافية، تولّاها قائد «أنصار الله» الذي أكد، في كلمة بمناسبة ذكرى استشهاد مؤسس الحركة حسين الحوثي، أنه «كلما استمر العدوان في حربه، فإن قدراتنا العسكرية سوف تكبر وتتطور وتتعاظم»، واعِداً بـ«(أننا) سنعمل على تفعيل الطائرات المسيّرة بشكل كبير ونوعي». ورأى أن «التحالف» يتجه نحو «التصعيد على الساحل وعلى الحدود»، داعياً إلى «رفع حالة الجهوزية»، ومشدداً على ضرورة «التحرك المسؤول» في مواجهة ذلك التصعيد. وجاءت دعوة الحوثي في وقت شهدت فيه جبهتا الحدّ الجنوبي والساحل الغربي محاولات تقدم من قبل القوات الموالية لـ«التحالف»، نجح الجيش واللجان في صدّها.
صدّ الجيش واللجان عدة هجمات على الحدّ الجنوبي خلال الساعات الماضية
وتمثلت أبرز تلك المحاولات في هجوم هو الثاني من نوعه في غضون ساعات على موقع السديس العسكري في منطقة نجران، أسفر بحسب ما أفادت به مصادر «أنصار الله» عن «سقوط قتلى وجرحى في صفوف الجيش السعودي». وفي منطقة عسير، تصدّى مقاتلو الجيش واللجان، وفق ما ذكرت وكالة «سبأ» الرسمية، لـ«لزحف واسع قبالة منفذ علب»، وأوقعوا «قتلى وجرحى» في صفوف المهاجمين، الذي لم يتمكنوا من «إحراز أي تقدم». وكان أفيد، مساء الخميس، عن «مصرع العشرات» من القوات الموالية لـ«التحالف»، بينهم قائد الكتيبة الثالثة في اللواء 117 محمد أحمد الصندوح، في «عمليات نوعية للجيش واللجان» على جبهة قانية، جنوبي مأرب. وعلى جبهة الساحل الغربي، أدت عملية للجيش واللجان إلى «مصرع 15» مقاتلاً من قوات الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، طبقاً لما نقلت «سبأ» عن مصدر عسكري.
ويأتي هذا التطور في وقت يشهد فيه معسكر القوات الموالية لـ«التحالف» على جبهة الساحل توتراً متزايد، على خلفية الانقسامات بين المقاتلين الموالين لنجل شقيق الرئيس السابق، طارق محمد عبد الله صالح، وبين «المقاومة الجنوبية» و«المقاومة التهامية» التي ترفض القتال تحت لوائه. وعلى الرغم من تلك الخلافات، التي تفيد آخر المعلومات بأنها وصلت إلى مستوى غير مسبوق من الاحتدام (بعدما عمدت الإمارات إلى حجز مساحة كبيرة في مدينة المخا لمقاتلي صالح الذي بلغ عددهم قرابة 1500 ضابط وجندي)، إلا أن قيادة «التحالف» لا تيأس من مساعيها إلى إعادة هيكلة قواتها، أملاً في تشكيل جبهة متماسكة يُمكِنها، من وجهة نظر الرياض وأبو ظبي، تحقيق مكاسب على الأرض، ومن ثم تصريفها سياسياً.
في هذا الإطار، يأتي السماح لحكومة هادي، التي يرأسها أحمد عبيد بن دغر، بالعودة مساء أول من أمس إلى مدينة عدن جنوبي اليمن، بعدما خرجت منها أوائل شباط/ فبراير الماضي إثر الاشتباكات بين قوات «الشرعية» وميليشيات «الحزام الأمني» الموالية لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي». اللافت أن هذه العودة تأتي تزامناً مع استبقاء الإمارات رئيس «الانتقالي»، عيدروس الزبيدي، وعدداً من قياداته في «ضيافتها»، في ما تقرأ فيه مصادر جنوبية محاولة لنزع فتيل التوتر، والسماح لحكومة بن دغر بممارسة نشاطاتها، التي تَمثَّل أولها أمس في زيارة محطة الحسوة الكهرو - حرارية. إزاء ذلك، يبدو أن قيادة «التحالف» تشتغل على خطّين متوازيين: أولهما تعزيز قواتها بالعناصر الذين عملت الإمارات على تدريبهم جنوباً طيلة الأشهر الماضية، وهي مرحلة بلغت وفق المؤشرات الآتية من جبهة الساحل مرحلة متقدمة. وثانيهما تشذيب كلّ من بنيتَي «الشرعية» و«الانتقالي»، عبر تعويم الشخصيات التي لا تناوئ آل صالح (كأحمد بن دغر الذي تحدث قبل فترة عن «قيادة مشتركة» مع صالح) من جهة، وإرجاع قيادات «الانتقالي» إلى «حظيرة الطاعة» (لا تستبعد بعض المصادر أن يتم دفع المجلس إلى التحول لحزب سياسي)، بما يمهّد لاجتماعهما سوياً، مجدداً، على هدف مواجهة «أنصار الله».