الرباط | في وقت كانت فيه الدولة المغربيّة مشغولة بإلقاء القبض على مفجري القنابل من جهة، واعتقال الصحافيين من جهة أخرى، خرجت «مؤسسة محمد عابد الجابري للفكر والثقافة» إلى النور. انبثق هذا المشروع الثقافي الرصين، بمبادرة من مجموعة فعاليات ثقافية وحقوقية وإعلامية وتربوية في المغرب «إيماناً بالقيمة الفكرية والمعرفية للمفكر الراحل، وتقديراً للقيمة الحضارية لمفاهيمه». من أبرز أهداف المؤسسة الناشئة نشر الوعي حول القضايا التي كرس لها صاحب «نقد العقل العربي» جهده وحياته. وقد أكد عبد الله ساعف، الأمين العام للمؤسسة أن ملامح هذا المشروع الثقافي الجديد ترتبط شديد الارتباط بشخصية محمد عابد الجابري (1936 ــــ 2010). وسيطغى الطابع الثقافي على أهدافها، لكن من دون إغفال الجانب السياسي الحاضر في كتابات المفكر الراحل، على أن تتولى المؤسسة في هذا السياق الحفاظ على منجز الجابري، ونشره، وترجمته، وفتح النقاش حوله في أكثر من مناسبة.وقد أعلن المكتب التنفيذي للمؤسسة افتتاح برنامج عمل يمتدّ على ثلاث سنوات، وستكون أوّل أنشطته ندوة دولية تنعقد الشهر المقبل في الرباط، تحت عنوان «الثورة الشبابية العربية»، بمشاركة باحثين ومفكرين مغاربة وعرب وأجانب. على البرنامج أيضاً مجموعة لقاءات وندوات أخرى تُعلن محاورها لاحقاً، إضافةً إلى إنشاء «جائزة محمد عابد الجابري» التي تكافئ أبحاثاً متميزة، أو مبادرات ساهمت في خدمة إحدى القضايا التي عالجها الجابري في كتبه وأبحاثه. وإلى جانب عبد الله ساعف، يتكون المكتب التنفيذي للمؤسسة من عصام الجابري نائباً عاماً، وجمال بندحمان سكرتيراً عاماً، ورشيد الإدريسي نائباً له، وعبد القادر الحضري أميناً للمال، وبناني الناصري نائباً له، ومن الأعضاء: خالد السفياني، مليكة العاصمي، أحمد ويحمان، عبد الإله المنصوري، عبد المالك الودغيري، محمد المصباحي ومنى خرماش.
بعد الإعلان عن ولادة «مؤسسة محمد عابد الجابري للفكر والثقافة»، عادت إلى الأذهان «مؤسسة محمد شكري» التي تأسست في طنجة عام 2002، لكنّها غائبة كلياً عن الساحة الفكرية في المغرب، ولم يعد يسمع بها أحد. بل إنّها عجزت حتى عن حماية إرث محمد شكري من السرقة... إضافةً إلى «مؤسسة إدمون عمران المليح للأدب والفنون» التي تأسست قبل وفاة المليح ونجحت في تنظيم أنشطة بين الفينة والأخرى، كان آخرها ندوة في منتصف آذار (مارس) الماضي.
مما لا شكّ فيه أن مؤسسات فكرية وأدبيّة مستقلة، من هذا النوع، تملأ فراغاً على الساحة المغربيّة، وتلبّي حاجة ملحة إلى إنعاش الحياة الثقافية التي تعاني الركود وغياب التجديد. لكن يبقى السؤال: كيف تنقل هذه المؤسسات أهدافها إلى حيّز التنفيذ؟