لم تحتج الحكومة الأميركية إلى تمويه مشاريعها «السلمية» الرامية إلى تدمير «حزب الله» في لبنان. الأمر كان أشبه بإعلان رسمي عمّمته السفارة الأميركية في بيروت عبر قنواتها، فتهافت المحبّون والمتطوّعون من كل حدب وصوب لتلبية النداء. ازدحم مدخل السفارة في عوكر بشخصيات سياسية ودينية وأمنية ومدنية، عارضين خدماتهم على أنواعها ومستعرضين مواهبهم في النميمة والإخبار. مقدّمو الطاعة اللبنانيون كانوا كثراً، فاضطرّت السفارة إلى أن «تجوجل» من بينهم مَن أثبت جدارة في تنفيذ ما تطلبه واشنطن وتلبية ما تأمر به عوكر من دون تردد. طبعاً مع لحظ درجة الحقد التي يتمتع بها هؤلاء تجاه «حزب الله».
فرزت السفارة «عملاءها» كلّ حسب مهماته المحددة والمشروع الموكل إليه. ومن بين المشاريع المعلنة التي وضعتها الحكومة الاميركية منذ عام ٢٠٠٦: تشويه صورة «حزب الله» عند الشباب اللبناني وخلق بدائل له. جيفري فيلتمان أعلن ذلك صراحة في جلسة استماع في الكونغرس، مبيّناً أن حكومته «صرفت منذ عام ٢٠٠٦ أكثر من ٥٠٠ مليون دولار لتحقيق تلك الأهداف من خلال USAID ومبادرة الشراكة الأميركية الشرق أوسطية MEPI». مشروع أميركي ضخم، برقت له عيون «العملاء».
إحدى المحطات الأساسية لذلك المشروع، كما تبيّن البرقيات التي سرّبها وينشرها موقع «ويكيليكس»، تقضي بضرب «حزب الله» من داخل البيئة الشيعية، أي أن تقوم شخصيات لبنانية شيعية بتشويه صورة «حزب الله»، وأن يُخلق البديل من الحزب من داخل تلك البيئة. سرعان ما وجدت السفارة الأميركية مطلبها لتنفيذ ذلك الهدف، فألفت مجموعة من الشخصيات الشيعية السياسية والدينية وأطلقت عليهم اسم «الشيعة المستقلّين»، فصدّق هؤلاء أنفسهم، قبضوا الأموال، وبدأوا العمل. بين واشنطن وعوكر تنقّل «ناشطو المجتمع المدني» والشيوخ والسياسيون الشيعة، مدموغين بصفة «مستقلّين» أو «معتدلين»، لُقّنوا التعاليم ونُشروا في الجنوب والبقاع وبيروت لتنفيذها. عين عوكر كانت ساهرة على نشاطهم وتراقب مدى تقدّمهم على الأرض، وتستمع الى تقاريرهم المرفوعة بشكل شبه يومي. تقارير تبدأ بإخباريات عن تحركات «حزب الله» وصواريخه وتصل إلى رصد ما يقوله الأطفال في شوارع الضاحية. أحياناً، وكما تظهر البرقيات، يفاجأ السفراء بالاندفاع الزائد عند البعض، وبالشجاعة وحسّ المبادرة عند البعض الآخر، وبولاء تقشعرّ له الأبدان. هؤلاء، وغيرهم، مدّوا السفارة الاميركية منذ عام ٢٠٠٦ حتى ٢٠١٠ بمعلومات وتفاصيل وتحليلات عن كل شاردة وواردة سألت عنها السفارة وأحياناً من دون أن تسأل.
تنشر «الأخبار» ابتداءً من اليوم سلسلة برقيات معدّة تدور حول ذاك المشروع الأميركي والأدوات الشيعية اللبنانية التي استخدمت لتنفيذه، من سياسيين وناشطين مدنيين ورجال دين.
9 تعليق
التعليقات
-
المأساة انو العمالة لاميركاالمأساة انو العمالة لاميركا واسرائيل اصبحت وجهة نظر وبرستيج كمان.
-
شيعة السّفارة ليسوا شيعتنا...نعم هم شيعة السّفارة، لكن حزب الله يعرفهم واحداً واحداً ويعرف كلّ ما يكيدونه له في السّرّ والعلن، وبعضهم يعيشون في الضّاحية وحزب الله لايعكّر لهم ساكناً...لسبب واحد أنّه: حزب الله!! وأنّه يعرف هزالة قدراتهم مهما تمرجلوا وانحطاط قدرهم...ويعرف أنّهم مهما تطاولوا فلن ينالوا من المقاومة....
-
مصداقاً لكلامكم..عندما تنزل إلى إحدى المقاهي أو عندما تصعد في إحدى سيارات الأجرة أو عندما ترافق شخصا في الأماكن العامة فلا يكاد يخلو الحديث عن المشاكل الإجتماعية والإقتصادية من إنقطاع الكهرباء والمعاشات المنخفضة إلى الفساد الإجتماعي المتفشي في العنصر الشبابي وبالأشكال المتنوعة من الأركيلة في الشارع إلى الكحول إلى تعاطي المخدرات وفي النهاية إلى الإتجار بها,وبعد... ثم لا يلبث المتحدث أن يضع اللوم كله على حزب الله وأنه السبب في ذلك متذرعا بمنعه القوى الأمنية من الدخول إلى الضاحية وعدم تقديمه إعاشة الحريري التي لربما تزن أكثر من 20 كيلو..وهكذا.. أدعو الجميع إلى التفكير مليا قبل وضع اللوم على الحزب لكي لا نكون جزءا من مؤامرات عوكر.
-
شو هالبلد الفلتان يللي بيسمحشو هالبلد الفلتان يللي بيسمح بهذه الامور علي ارضه. يسترجي اي سفير لبناني باي دولة قوية متل اميركا او حتى اي دولة اضعف من لبنان ان يقوم بهكذا عمل، اكيد سوف يطرد فوراً خارج هذه الدولة. من هون انا لا أُأيد بعض اعمال الحزب في الداخل اللبناني ولكن ارفض بشدّة اي تتدخل لاي دولة خارجية مهما علا شأنها في الشأن اللبناني الداخلي.
-
من الواجبمن الواجب ولكي لا يكون هناك فتنة ولكي يطبق النظام اللبناني في نشر مثل هكذا مواد , استكمال النشر طائفة طائفة مذهب مذهب
-
لفت نظري ان بعضهم ساكن بنصلفت نظري ان بعضهم ساكن بنص دين الضاحية و الجنوب , و عم يتجسس و ينقل معلومات عن الحزب و المقاومة للامريكيين !! و الله العظيم لازم يشكرو ربهم ليل نهار على انهم يعادون هذا الحزب الذي يفيض في العقلانية و الادمية و الاخلاق و الاعتدال و الحلم زيادة عن اللزوم !! لو ان اي حزبا اخر بقوة و امكانات هذه المقاومة تتم بحقها هذه الطعنات , فليتخيلو شو ممكن كانت تعمل !!
-
خدمات مجانيةأصبح بإمكان الإدارة الأميركية الآن توفير المبالغ المخصصة لتشويه صورة حزب الله.
-
العنوان رائع و معبر جدا ..العنوان رائع و معبر جدا .. تسلم ايد اللي كتبه