ويكيليكس | هو الشيخ الشيعي «الشجاع» الذي وعد الأميركيين بـ«محاربة الظلمات بالنور». «نور» سينبعث من حوزاته المموّلة من الحكومة الأميركية التي ستخرّج شيوخاً شيعة «معتدلين» كما روّج. هو الذي أعلن مراراً رفضه «استخدام حزب الله الدين لأهداف سياسية»، مذكّراً أن رجال الدين الشيعة اكتفوا تاريخياً بدورهم كمرجعيات روحية فقط. لذا، ووفقاً لهذا المبدأ، تعامل الشيخ محمد علي الحاج مع الحكومة الأميركية على أنها جمعية خيرية ترعى النشاطات الدينية حول العالم!
هو الوجه الديني لجمعية «هيّا بنا» (رئيسها لقمان سليم) المموّلة من الحكومة الاميركية والتي تدعم حوزته. كما هو مؤسس جمعية تختصر في اسمها كل الاهداف المشتركة، «تيّار الاعتدال اللبناني».
فماذا عن لقاء الشيخ بميشيل سيسون في عزّ أحداث أيار ٢٠٠٨؟
أن يتحرّك شيخ شيعي معارض لحزب الله خارج منزله يوم ٧ أيار ٢٠٠٨ ويقطع المسافات ليكون أمام باب السفارة الاميركية في عوكر في الموعد المحدد «لهو أمر شجاع بالتأكيد ويستحق الثناء»، نوّهت ميشيل سيسون (08BEIRUT665).
الشيخ أبدى انزعاجاً من الأحداث الدائرة في بيروت يومها والسبب؟ أن «هذه الاحداث ستزيد غطرسة حزب الله أكثر بمئة مرّة مما كانت عليه بعد انتصارهم المزعوم في حرب ٢٠٠٦». وحسب تحليل الشيخ، فإن «حزب الله يستغلّ الأحداث الحالية لينظّف الساحة المحلية كي يركّز بكل هدوء على حربه المقبلة في الصيف مع إسرائيل». وللشيخ الحاج صفة واحدة يطلقها على حزب الله: «منظمة انتهازية الى أقصى الحدود».
الشيخ الحاج كان واضحاً في رؤيته لمبدأ «الشيعة المستقلين»، فشرح لسيسون أنه «لا يمكنكم أن تأخذوا أفراداً من حزب الله وتضعوهم مباشرة في ١٤ آذار، لذا سيوفّر الشيعة المستقلون هذه المساحة الانتقالية الوسطية».
وفي الحديث عن الأهداف المشتركة والخدمات المتبادلة، تطوّع الحاج لاحضار «عيّنة واسعة من الشباب ليتحدثوا مع دبلوماسيي السفارة بغية مناقشة المبادرات وسبل المساعدة».
الشيخ بهر سيسون «بأفكاره التقدمية ودوره الفاعل بتنفيذ البرامج الحكومية الاميركية وطرحه مشاريع تمكّننا من التقدّم في مخططاتنا الى الامام»، بحسب ما أشارت السفيرة في ملاحظاتها. وعلى هذا الاساس، أفرد الشيخ لائحة مطالبه التي تحتاج الى تمويل أميركي وهي: إنشاء مدرسة دينية للشيوخ الشباب «الذين سينيرون الظلمات» حسب الشيخ، ووضع برامج شبابية بديلة عن تلك التي يعتمدها حزب الله للتوظيف والتجنيد، تأسيس «اتحاد» للشيوخ المعتدلين، دعم التيّار الذي أسسه بنفسه وإصدار جريدة لنشر الأفكار «المعتدلة».
لكن الشيخ لا يريد أن تعتقد السفيرة بأنه يطلب كل تلك الاموال لنفسه، لذا روى لسيسون كيف «اصطحبه النائب عقاب صقر ليعرّفه إلى رئيس الحكومة سعد الحريري. واذ بالحريري يقترح وضعه على الـpayroll الشهرية». لكن الحاج قال إنه «رفض أن يقبض أي أموال تهدف فقط الى تصوير الحريري كصديق للشيعة».
من جهة اخرى أبدى الشيخ «عدم ثقة» بالسيد علي الأمين، فسرد لسيسون تاريخ علاقات الاخير مع إيران وحزب الله و«أمل»، مشكّكاً «في تحوله المفاجئ الى حركة الشيعة المستقلين، علماً أنه لا يملك قاعدة شعبية قوية».
وفي شباط عام ٢٠٠٩ كان الشيخ الحاج من بين عدة «شخصيات شيعية مستقلة» اتصلت السفيرة ودبلوماسيون أميركيون بهم (09BEIRUT234) للاستماع الى خططهم لمواجهة حزب الله. هنا، ركّز الشيخ على «ضرورة منافسة حزب الله برسالته» موضحاً أنه «اذا أراد المستقلون الوصول الى شريحة كبيرة من الشيعة فيجب أن تتضمن رسالتهم عنصراً دينياً». وذلك العنصر يتكفّل به رجال الدين الشيعة «المستقلون».
أما مشروع الشيخ الخاص الذي يقوم بتنفيذه مع جمعية «هيا بنا»، فهو «إيجاد مفت شيعي من العراق، يعمّم الشيوخ الشباب المستقلين الذين درسوا في حوزة الحاج بهدف أن يكتسبوا شرعية أكبر». و«عندما يعود هؤلاء الشيوخ معممين الى لبنان نوزّعهم على مساجد بعض البلدات والمدن التي سيتم تحديدها لاحقاً»، أضاف الحاج. البرقية تشير الى أن «واحداً من هؤلاء الشيوخ الجدد على الأقل سيعيّن في منطقة المتن الشمالي ذات الأغلبية المسيحية والتي تلعب دوراً مهماً في الانتخابات البرلمانية». علماً أن للحاج نشاطات دينية مكثفة في هذه المنطقة.