هنا يسلّط الإعلام الضوء على سلع وبضائع في الأسواق اللبنانية، مصدرها إسرائيل. على بعضها يظهر اسم البلد، المصنّف لدى الدولة اللبنانية عدواً بوضوح، أمّا بعضها الآخر فيدخل البلد بطرق أكثر التواءً. وهناك بضائع إسرائيليّة مموّهة، تعلّب على شكل فنانين ومثقّفين، يدخلون إلى لبنان للمشاركة في ندوات ومحاضرات أو لإحياء حفلات موسيقيّة. وهناك أيضاً فضاء «عنكبوتي» واسع، مفتوح على كل الاحتمالات، وخصوصاً مع تطوّر وسائل التواصل الاجتماعي. وهناك أيضاً وأيضاً عالم يتطوّر ويزيد من احتمالات المواجهات واللقاءات مع الإسرائيليين في الخارج.
بعدما ازدادت محاولات «التطبيع» هذه، الملتوية مؤخراً، تصدّت لها جمعيات مدنيّة عملت من خلال «حملة مقاطعة داعمي إسرائيل» بشكل رئيسي، على رصد هذه الخروقات لتنبيه المجتمع منها والدعوة إلى مقاطعتها، حتى قامت «الجمعية اللبنانية لدعم مقاطعة إسرائيل» مع لجنة متابعة من المحامين بإنجاز اقتراحات أو مشروع قانون يقضي بتعديل القانون الصادر في 23/6/1955 أو (قانون مقاطعة إسرائيل)، يُعلَن عنه اليوم في مؤتمر صحافي للجمعيّة. لِمَ يجب تعديل القانون المعتمد منذ عام 1955، وأليس هناك من نص قانوني لبناني واضح حول طبيعة العلاقات في أي مجال كانت مع إسرائيل؟
القانون المعتمد في لبنان ليس لبنانياً، بل هو قانون مرجعيته جامعة الدول العربية وهي أقرّته عام 1950 وتبنّاه لبنان على نحو كامل عام 1955. منذ ذلك الوقت، لم يطرأ أيّ تغيير يذكر على القانون، حتى إنّ الغرامات التي يفرضها بقيت ذاتها منذ خمسينيات القرن الماضي، تتراوح بين خمسة آلاف وأربعين ألف ليرة! من خلال مشاركته في «حملة مقاطعة داعمي إسرائيل»، اكتشف رئيس «الجمعية اللبنانية لدعم مقاطعة إسرائيل» عبد الملك سكريّة ضعف القانون اللبناني بالتبنّي في كفّ يد التطبيع عنّا، ويقول إنّهم كلّما قصدوا مكتب مقاطعة إسرائيل في وزارة الاقتصاد كان يأتيهم الجواب بأنّ المكتب سيعمد إلى رفع كتاب بالشكوى المقدّمة إليه، إلى مكتب المقاطعة المركزي التابع لجامعة الدول العربية لينظر الأخير بالموضوع عند أوّل اجتماع له. متى يجتمع أعضاء هذا المكتب؟ قبل بدء الأزمة في سوريا، يقول سكريّة إنّ المكتب كان يجتمع في دمشق، مرّتين في السنة، أي كلّ ستة أشهر، وبعد بدء الأزمة لم يعد يجتمع أبداً. ويضيف: «لكن إذا كان «الاختراق» الإسرائيلي شديد الوضوح، عندها يتصرّف المكتب في لبنان بالموضوع. لذا، ارتأينا أنّه يجب تطوير هذا القانون وتحديثه، وتحويله أيضاً إلى قانون لبناني بالكامل بما أنّ وضعنا يختلف عن وضع باقي الدول العربية. إذ إنّ عدداً كبيراً من هذه الدول رضي بالتطبيع، كما لدى مصر مثلاً معاهدة سلام مع إسرائيل».
الاقتراحات التي يقدّمها مشروع القانون الجديد تأتي لتجوّف ثُغَراً في القانون ولتضفي بعض الدقّة على عموميته، إذ إنّ المادة الأولى من القانون الصادر في عام 1955 تقول: «يحظر على كل شخص طبيعي أو معنوي أن يعقد بالذات أو بالواسطة اتفاقاً مع هيئات أو أشخاص مقيمين في «إسرائيل» أو منتمين إليها بجنسيتهم أو يعملون لحسابها أو لمصلحتها وذلك متى كان موضوع الاتفاق صفقات تجارية أو عمليات مالية أو أي تعامل آخر مهما كانت طبيعته»، فتضيف المقترحات على مشروع القانون «يعملون لحسابها أو لمصلحتها المادية أو المعنويّة ... عمليات مالية أو أي تعامل آخر ثقافي أو فني أو أكاديمي أو علمي أو تقني أو سياسي أو رياضي، مهما كانت طبيعته. كما يحظر التعامل بالمطلق مع الفرق الفنية والأكاديمية والعلمية والتقنية والرياضية التي تقيم نشاطات في «إسرائيل» أو تروّج لها أو للصهيونيّة أو تؤدي لهما خدمات مادية أو معنوية». كما يقترح القانون إجراء تعديل على المادة السابعة برفع الغرامة لمن يخالف أحكام المادتين الأولى والثانية من خمسة آلاف وأربعين ألف ليرة إلى أربعين مليوناً وخمسمئة مليون ليرة. هكذا يضيف مشروع القانون تعديلاته تقريباً على مواد القانون الثلاث عشرة. وتبدأ الجمعية بعد مؤتمرها الصحافي مباشرة بالسعي لإيصاله إلى الحكومة والمجلس النيابي وكي يقرّ بأسرع وقت ممكن بعدها، بحسب سكريّة الذي يرى أنّ لديه حظوظاً أكبر في أنّ تقرّه هذه الحكومة مقارنة مع سابقاتها.