يحق للحملة المدنية لمراقبة تطبيق القانون ١٧٤ المتعلق بالحدّ من التدخين، أن تعلن انتصارها في جولة أساسية من المعركة المستمرة لتطبيق هذا القانون. فبعد حملة ضغط واسعة من نقابات أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي لتعديل القانون، بحيث يسمح بتقديم النراجيل داخل الصالات المغلقة، تتجه الكتل البرلمانية الأساسية إلى رفض هذا التعديل، الذي تنافس حزبا القوات اللبنانية والكتائب على طرحه من خلال مشروعي قانون معجّل مكرّر تقدّم بهما النائب نديم الجميّل وسامر سعادة وأنطوان زهرا، فيما بادر النائب إبراهيم كنعان إلى تبني طرح تعديل القانون وتسويقه داخل كتلة النائب ميشال عون بضغط من أصحاب المقاهي في منطقة المتن الشمالي.
معالم الهزيمة «النكراء» ظهرت داخل الأحزاب المتحمسة لأصحاب المقاهي على حساب الصحة العامة والحد من التدخين؛ إذ علمت «الأخبار» أن كتلة حزب القوات اللبنانية البرلمانية، حسمت أمس بعد اجتماع عاصف، خيارها برفض تبني مشروع القانون الذي طرحه النائب زهرا، وقادت هذه الحملة النائبة ستريدا جعجع، تساندها بقية أعضاء الكتلة. كذلك أعلن النائب سامي الجميّل، صراحة رفضه للمشروع المطروح من قبل ابن عمه ونجل الرئيس الأسبق لحزب الكتائب، وهدّد بإعلان موقفه علناً ما لم يتراجع النائبان الشابان عن مشروع القانون المعجل المكرر الذي يتضمن العديد من المخالفات القانونية والشروط التعجيزية، وأهمها إثبات المؤسسات السياحية أن نسبة ٦٠ بالمئة من أرباحها ناتجة من بيع النراجيل!
وليزيد الطين بلة، علمت «الأخبار» أن الرئيس نبيه بري رفض صفة المعجل المكرر لمشروعي تعديل قانون الحدّ من التدخين، وأحالهما على اللجان النيابية كمشاريع عادية. في المقابل، أعلن النائب ميشال عون صراحة أمام وفد الحملة المدنية لتطبيق قانون الحد من التدخين، أن كتلته ستصوت ضد التعديل إن طُرح في الهيئة العامة، وذلك بعدما أشيع سابقاً أنه ترك خيار التصويت لأعضاء الكتلة. كذلك حسم الرئيس فؤاد السنيورة خيار كتلة المستقبل المتشددة لجهة رفض تعديل القانون، وذلك بضغط من رئيس لجنة الصحة النيابية عاطف مجدلاني الذي يعدّ نفسه «أبا قانون الحد من التدخين»؛ لأنه أول من طرحه على المجلس النيابي عام ٢٠٠٤. وأكد مجدلاني في دردشة مع الإعلاميين في لقاء دعته إليه الحملة المدنية الأسبوع الماضي في الجميزة أنه مع تعديل القانون ليكون أكثر تشدداً في منع التدخين في الأماكن العامة، ولجهة المنع الشامل للدعاية والإعلان لمنتجات التبغ بجميع الطرق المباشرة وغير المباشرة.
سيُعلَن الانتصار اليوم في لقاء دعت اليه نقابة الأطباء والحملة المدنية لتطبيق القانون ١٧٤ يعقد في بيت الطبيب ويحضره وزير الصحة علي حسن خليل، الذي أعلن بدوره رفض تعديل القانون. ويأتي هذا الاجتماع الذي يشارك فيه إلى نقيب الاطباء شرف ابو شرف، نقيب المهندسين ايلي بصيبص ونقيب شركات الإعلانات جورج جبور وممثل منظمة الصحة العالمية، عدد من ممثلي الهيئات الأكاديمية رداً على اللقاء الذي دعت إليه ٨ نقابات تمثل المؤسسات السياحية والمطاعم والمقاهي والملاهي، عقد الاسبوع الماضي وطالب بتعديل القانون. ويبدو أن أصحاب المصلحة في تعديل القانون قد اعترفوا بأن معركة التعديل خاسرة، فعمدوا أمس إلى التسويق عبر شركة ترويج الرسائل القصيرة لـ«فشل المفاوضات بين نقابة المطاعم والكتل السياسية لتعديل قانون الحد من التدخين، والأمور تتجه الى قطع الطرقات ووقف تسديد مستحقات البنوك وفواتير الموردين». ويستدلّ من هذا التهديد العلني لنقابة المطاعم مدى الاستخفاف بمنطق «دولة القانون» ما دامت لا تمثل مصالحهم، وهي نبرة تكرّرت كثيراً في الآونة الاخيرة على ألسنة ما يسمى «الهيئات الاقتصادية» التي انتهجت الأسلوب نفسه في ما يتعلق بموضوع إقرار سلسلة الرتب والرواتب للقطاع العام. لكن ماذا عن بقية جولات المعركة لتطبيق القانون؟ يؤكد ناشطو الحملة المدنية أن هناك الكثير من القضايا التي يجب رصدها ومتابعتها، أهمها التشدد في تطبيق الحظر الإعلاني لمنتجات التبغ، حيث سجل العديد من الخروقات عبر وضع إعلانات غير مباشرة في المؤسسات التجارية. كذلك سترصد الحملة عملية التحضير لوضع التحذيرات الصحية على علب الدخان، بدءاً من مطلع عام ٢٠١٣.