منذ فترة يُدغدغ مخيلة طلاب المدارس في لبنان مشروع يضع بين يدي كلّ واحد منهم حاسوباً لوحيّاً (Tablet PC) يؤمّن لهم المحتوى التعليمي على نحو حديث. اليوم أصبح المشروع قائماً نتيجة تعاون بين وزارتي الاتصالات والتربية مع شركة التصنيع الإلكترونية العالمية «Intel».
فقد أطلق المعنيون في المدينة الرقمية في بيروت أمس، هذا المشروع التربوي التكنولوجي الذي يرصد تأمين الحواسيب الأكثر إغراءً في السوق حالياً لقرابة 500 ألف تلميذ مدرسي في المرحلة أولى على أن ترتفع المقوّمات تدرجياً لتلبية طلب يُقدّر بـ1.1 مليون وهو عدد طلاب المدارس والمهنيات في لبنان حالياً.
يُسمّى المشروع «المبادرة الوطنية للوحات الإلكترونية»، ووفقاً لوزير الاتصالات نقولا صحناوي فإنّ من شأنه «تأسيس نظام جديد يتألف من مكونات متعددة تشارك في ابتكار حلول تربوية جديدة، وإطلاق فرص عمل جديدة». وعلى المدى الطويل يُفترض أن يؤمّن رافعة اقتصادية تسهم في النمو العام وتفتح الآفاق للشباب والطلاب.
يُقسّم المشروع طلاب المدارس إلى ثلاث فئات عمرية من الصفوف، الأولى وصولاً إلى المرحلة الثانوية (18 عاماً). ويتميّز بمبدأ التقسيط الذي يُعتمد لتسديد ثمن هذه الآلات الحديثة.
فبحسب المدير المشرف على المشروع، حسام كيال، أضحى بإمكان جميع الطلاب الحصول على حاسوبهم اللوحي الخاص بكلفة 29 ألف ليرة شهرياً (19.29 دولاراً) على فترة عامين، ليكون السعر الإجمالي حوالي 465 دولاراً. ويُشار هنا إلى أنّ ليست هناك فوائد مفروضة على عملية التقسيط هذه نظراً لأنّها ستكون مدعومة من مصرف لبنان.
لكن السعر يجب أن يُحلّل على نحو أعمق. «فالطلاب سيستفيدون من اللوح الإلكتروني المتمتع بتقنية «Wi-Fi» ولكن سيحصلون أيضاً على اشتراك مستمرّ ــ ومحدّد ــ بالإنترنت عبر تقنية الجيل الثالث (3G) وبمحتوى تعليمي وترفيهي في آن بالتعاون مع مشغلَي قطاع الهاتف الخلوي» يوضح حسام كيال.
والمهمّ في هذا السياق هو أنّ المواد التعليمية ومضمون البرامج سيكون خاضعاً للرقابة بحيث يحجب ــ على سبيل المثال لا الحصر ــ المواقع الإباحبية مثلاً أو تلك التي تروّج للعنف وأي مضمون مخالف للهدف الأساسي.
ومن المنظور الأوسع، يُفترض أن يوصل المشروع إلى فوائد أكبر. فبعد تخطّي حدّ معيّن من الطلبات ــ على الأرجح 10 آلاف طلب ــ تبدأ الشركة المصنّعة، «Intel»، بتخصيص خطّ إنتاج للبنان، تماماً كما حصل مع البرتغال.
أمّا اللافت في الاتفاقية المبرمة فهو أنّ وزارة التربية ستحصل على هبة عبارة عن 1500 جهاز توزعها مجاناً على طلاب مختارين من 31 مدرسة في جميع المناطق اللبنانية، تكون بمثابة تجربة حيّة تعكس تفاعل الطلاب مع الخطوة.
ولكن ما هي استفادة «Intel» تحديداً ــ وهي شركة عملاقة تبغي الربح بطبيعة الحال ــ من هذا المشروع وخصوصاً أنّها تُقدّم هبة من اللوحات في إطاره؟
يُجيب حسام كيّال بأنّ لبنان طالما كان أكبر منتج للمحتوى الثقافي، فالشركة الأميركية استثمرت 5 ملايين دولار في المشروع لتدعيم تطوير البرامج على أن يكون المشروع منصّة تُعمّم التجربة على باقي البلدان العربية.
تبقى الإشارة إلى أنّ حجم شاشة اللوحات هو 10 إنشات، أي أكبر من اللوحة المعيارة في السوق، «iPad» من صناعة «Apple»، بواقع 0.3 إنش، وتعمل على البرنامج التشغيلي الخاص «Android» الذي تُطوّره شركة «Google».
وبانتظار بدء تقديم الطلبات واستلام الأجهزة عبر «LibanPost»، يبقى تساؤل وحيد هو بالأحرى قضيّة كبيرة: هل بإمكان اللوحات أن تؤمّن مدخلاً إلى إصلاح النظام التعليمي خارج معضلة كتاب التاريخ؟