ذكرت صحيفة «هآرتس»، أمس، أن الولايات المتحدة نقلت إلى كل من إسرائيل ولبنان خريطة تتضمن صيغة تسوية لتقسيم الموارد الغازية في المناطق البحرية المختلف عليها بين الجانبين. وقالت الصحيفة إن الاقتراح الأميركي تمت بلورته في إطار جهود الوساطة التي تبذلها الإدارة الأميركية، وهي جهود ترمي إلى تفكيك بؤرة التوتر التي تولدت بين الجانبين حول ترسيم حدود «المنطقة البحرية الاقتصادية» الخاصة بكل منهما.
ووفقاً لـ«هآرتس»، فإن نائب وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الطاقة، عاموس هوخشتاين، كشف للمرة الأولى تفاصيل عن الوساطة الأميركية بين إسرائيل ولبنان خلال مؤتمر نظمه معهد «أسبن» في واشنطن في 29 تشرين الثاني الماضي. وقال هوخشتاين في كلمة له أمام المؤتمر «إن الولايات المتحدة تعمل كوسيط (بين لبنان وإسرائيل) وقد اقترحت ترسيماً للحدود المائية يستند إلى القانون الدولي والاتفاقات الدولية».
وأوضح المسؤول الأميركي أن «الولايات المتحدة معنية بالتوصل إلى توافق بين لبنان وإسرائيل وقبرص بشأن حدود المياه الاقتصادية لكل دولة، وذلك من أجل إيجاد أجواء تسمح للشركات الأجنبية باستثمار أموالها في البحث عن الغاز في هذه المنطقة من دون مخاوف أمنية». وأضاف إن الشركة الرئيسية التي تنفذ أعمال التنقيب في المكان الآن هي «نوبل إنيرجي» الأميركية.
وأفادت الصحيفة بأنه من خلال أحاديث أجرتها مع مسؤولين في وزارتي الخارجية الأميركية والإسرائيلية، تبين أن الأميركيين نقلوا خريطة إلى الجهات المعنية قبل أربعة أشهر تتضمن اقتراحاً بترسيم حدود «المياه الاقتصادية». ونقلت عن مسؤول في الخارجية الإسرائيلية قوله إن الطاقم الأميركي الذي يعالج الموضوع يتألف من هوخشتاين وفريد هوف، الذي كان حتى ما قبل استقالته منذ أسابيع مسؤولاً عن الملف اللبناني داخل وزارة الخارجية الأميركية.
وأشارت «هآرتس» إلى أن هوخشتاين وهوف كانا قد زارا كلاً من إسرائيل ولبنان مرات عدة وأجريا محادثات مع المسؤولين في الجانبين. ووفقاً لمصدر في وزارة الخارجية الإسرائيلية، فإن الأميركيين نقلوا اقتراحهم إلى الطاقم الحكومي في إسرائيل الذي يرأسه المحامي عوديد عيران، وهو دبلوماسي متقاعد شغل في الماضي منصب سفير إسرائيل في الأردن في مؤسسات الاتحاد الأوروبي في بروكسل.
وقال مصدر في وزارة الخارجية الأميركية للصحيفة إن الولايات المتحدة نقلت خريطتها المقترحة إلى لبنان وإسرائيل لأن «الدولتين لا تقيمان علاقات دبلوماسية مع بعضهما البعض، ولذلك فإنهما لا تستطيعان التوصل إلى تفاهمات بشكل مباشر حول الموضوع». وأضاف المصدر إن الخريطة تستند إلى بحث كارتوغرافي نفذه خبراء أميركيون وهي لا تدعي أنها تمثل الحدود الجغرافية بين البلدين، وإنما فقط تقديم صيغة تسوية لتقسيم منصف للمياه الاقتصادية ولموارد الغاز الموجودة فيها.
وأكد الأميركيون في محادثاتهم مع المسؤولين في إسرائيل ولبنان أن اقتراحهم سيتيح للجانبين «وضع الخلاف في هذا الموضوع وراء ظهورهم، وتالياً زيادة مساحة المناطق في شرقي البحر المتوسط التي يمكن كل واحد منهما التنقيب عن الغاز فيها».
وحتى الآن، لم يسلّم أي من الجانبين الإسرائيلي واللبناني رده النهائي للأميركيين، وطلبا إيضاحات حول بعض النقاط.
وبحسب الأميركيين، فإن الجانبين لن يكونا محتاجين إلى تحويل الاقتراح إلى اتفاق سياسي بينهما، وإنما يمكنهما نقل موافقتهما إلى الولايات المتحدة التي ستكون راعية لهذه التفاهمات. أما على الصعيد الإجرائي، فقد اقترح الأميركيون أن يعلن كل طرف على نحو أحادي تعديل حدوده المائية وفقاً للخريطة الأميركية إذا ما وافق كلاهما على الصيغة المرفوعة.