أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أن رهانات قوى 14 آذار على تغيير النظام في سوريا خاطئة، ودعاها إلى المجلس النيابي لإنجاز قانون الانتخابات النيابية وتنفيذ هذا الاستحقاق، ومن يربح يؤلف حكومة جديدة، معتبراً أن «هذا المسار الطبيعي للبلد، ولا ننتظر فلاناً وفلاناً المصرّين على أن يأتوا من مطار دمشق»، ودعا الى «تشكيل مجموعة عمل وطني تبحث في كيفية وضع خطة لمواجهة الأزمة المعيشية قبل الانهيار». ورأى نصرالله، خلال حفل التخرّج الجامعي السنوي للتعبئة التربوية في حزب الله، أن «مقاطعة فريق 14 آذار لعمل الحكومة هدفها إسقاطها، أما الإصرار على ذلك اليوم، فأصبح يهدف إلى تعطيل مجلس النواب حتى لا يُقرّ قانون انتخابات جديداً». وأضاف: «أريد أن ألفت عنايتهم الى خطأ في التقدير. هم يراهنون على سقوط النظام السوري، فهل هذا التقدير صحيح؟ الأحداث في سوريا مستمرّة منذ عامين، ومن اليوم الأول قال بعض الأمراء والملوك والرؤساء والوزراء وقيادات في 14 آذار إن النظام في سوريا سيسقط بعد شهرين».
وتوجّه الى قيادات 14 آذار بالقول: «معلوماتكم خاطئة بشأن قرب سقوط النظام، وهي حرب نفسية إعلامية. فلترسموا خريطة للمدن السورية وتروا إن كان هذا النظام سيسقط». ونصحهم بـ«ألا يستمروا بالتقديرات الخاطئة، وأن يدققوا في معلوماتهم حول الوضع السوري، وألا يزيدوا البلد تقسيماً»، معتبراً أن «المسار الطبيعي في سوريا هو العمل وفق المصلحة الوطنية، أي من خلال الحوار ودراسة قانون انتخاب وإقامة انتخابات تؤدي الى تشكيل حكومة جديدة لاحقاً».
ورأى أن «الأمور تزداد تعقيداً، وأنها أخذت منحى مختلفاً في سوريا، فلم يعد الصراع بين النظام وشعبه، بل هناك نظام وجزء معارض له يحمل السلاح ويستعين بالقوى الخارجية». وتوجّه إلى من يطالبه بموقف أخلاقي تجاه القتل في سوريا، بالقول: «أين موقفكم الإنساني من الشعب السوري الذي تقتله المعارضة المسلحة؟ وممن يُذبحون ويلقى بهم من أعالي البنايات ويذبحون على الهوية؟». وأضاف: «هناك قتال دام في سوريا والمعارضة المسلّحة ترفض أي حوار مع النظام، أي تريد الاستمرار في سفك الدم». ورأى أن «كل من يمنع الحوار هو المجرم والمذنب لأنه مصرّ على سفك الدماء».
ونبّه نصرالله تنظيم «القاعدة» إلى «أن الأميركيين والأوروبيين نصبوا لكم كميناً في سوريا وفتحوا لكم ساحة لتأتوا إليها حتى يقتل بعضكم بعضاً، وأنتم وقعتم في هذا الكمين». ولفت إلى أن «هناك تيارات تكفيرية تدخل على الخط بشكل قوي وتُقلق المعارضة، والمسؤولية تتمثّل في أن تُبذَل كل الجهود من أجل أن يقبل الجميع بحوار تنتج منه تسوية».
وعلّق نصرالله على زيارة وفد «14 آذار» لقطاع غزّة قائلاً: «فرحت كثيراً، وهذا أمر جيد. وأنا أشجع على أن يذهب هذا الفريق إلى غزة، ولا نريدهم أن يؤيّدوا سلاح المقاومة في لبنان. يصلنا حقنا عندما يهنئون المقاومة في غزة. والأجمل أن بعض الشخصيات قالت: لن نتخلى عن شبر واحد من فلسطين وهذا ممتاز. نرسلكم على حسابنا إذا كان موقفكم سيتحول الى الدفاع عن مقاومة غزة». ورأى أن «المسار الانحداري بدأ عام 2000 عندما تم هزم إسرائيل بعد أن خرجت ذليلة مهزومة من دون قيد أو شرط، وهذا كان المسمار في نعش إسرائيل، والمسامير الباقية آتية».
وعن العلاقة بين حزب الله وحركة حماس، وعلاقة الأخيرة بإيران، أوضح نصرالله أن «علاقة الحزب مع كل الفصائل الفلسطينية علاقة طبيعية»، لافتاً الى أن «إيران عندما قدمت وتقدم الدعم للمقاومة الفلسطينية فإنها تقوم بواجبها الديني والأخلاقي». وأكد أننا «سنشيد بالدول العربية إذا أتت الى غزة وقدّمت التجارب العسكرية للمقاومين الفلسطينيين وقدّمت لهم المال والسلاح. في هذه الحال تكون هذه الدول وفّرت المال على إيران ونحن نأخذ هذا السلاح».
من جهة أخرى، دعا نصرالله إلى تثبيت الأساتذة المتعاقدين في الجامعة اللبنانية على غرار تثبيت 4000 عنصر في قوى الأمن الداخلي، كما دعا الحكومة إلى إنهاء درس سلسلة الرتب والرواتب وإحالتها على المجلس النيابي.
وتطرّق نصرالله الى الأزمة المعيشية، فأسِف لكون «عدد كبير من القوى السياسية لا تضع هذا الموضوع ضمن أولوياتها»، ودعا إلى «تشكيل مجموعة عمل وطني تبحث في كيفية وضع خطة لمواجهة الأزمة قبل الانهيار».
ميقاتي: للتعاون لمعالجة المشاكل الحياتية
من جهته، رأى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمام زواره أول من أمس أن «اللبنانيين ملّوا الاتهامات والسجالات، وكفروا بكل الطبقة السياسية، وبات همّهم الحقيقي أن يتعاون جميع المسؤولين لمعالجة مشكلاتهم الحياتية والمعيشية خارج معادلة الموالاة والمعارضة». وقال: «ليت مَنْ يطلق الأوصاف والاتهامات جزافاً يستلهم من بياض الثلج نقاوة القلب والرؤية، فنوحّد الجهود لإنقاذ الوطن، بدل التقوقع في زوايا الانتظار والرهان على متغيرات خارجية، لن تكون في كل الأحوال لمصلحة لبنان أولاً».
وفي ردّ على الرئيس فؤاد السنيورة الذي استغرب قول ميقاتي «إن انتشار الجيش منع إقامة إمارة» في طرابلس، أوضح الأخير: «قلت ما قلته من باب دعوة الجميع إلى التيقظ والتنبيه للإسراع في التعاون لمعالجة الأوضاع، قبل أن تتخذ منحى يصعب معه الحل ويجعل طرابلس، مرة جديدة، ضحية حروب الآخرين عليها».
وخلال استقباله وزير العدل شكيب قرطباوي، رأى ميقاتي أن مذكرات التوقيف السورية بحق الرئيس سعد الحريري والنائب عقاب صقر «سياسية بامتياز ولا قيمة لها، وهي لاغية من الناحية القانونية».
من جهته، أكد البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي أن «من العيب بحق لبنان وشعبه ومؤسساته أن يعلق الفرقاء السياسيون حل القضايا الوطنية الأساسية مراهنين على ما ستؤول اليه الأحداث في سوريا». وأشار إلى أن «سياسة النأي بالنفس التي دعا اليها رئيس الجمهورية ميشال سليمان والتزم بها الحكم اللبناني هي سياسة حياد لبنان الإيجابي، تعني احترام سيادة الأوطان الأخرى وعدم التدخل في شؤونها الداخلية بمساندة فريق دون آخر». وأعلن رفض هذا الأمر «لأنه لا يأتي للبنان إلا بالشر والمحن والأزمات والانقسامات».
في غضون ذلك، استمرت تسريبات قوى 14 آذار لنتائج لقائها الأخير مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، فأشار النائب بطرس حرب إلى أن الاجتماع «كان أقل حماسة من الأول، وهذا يمكن أن يكون عائداً إلى تشاور الرئيس بري مع قوى 8 آذار، مما لم يسهّل عملية التواصل». وأعلن رفضه مشروع اللقاء الأرثوذكسي للانتخابات، معتبراً أنه مخالف للدستور، «ومن غير المنطقي ألا يصوّت ابن الكفور أو حامات مثلاً للبترون».