لا خيارات كثيرة أمام هيئة التنسيق النقابية بعد التظاهرة المفصلية. فالهيئة ستوسع مروحة تحركها بإشراك قوى اجتماعية جديدة على عناوين أخرى تكون سلسلة الرواتب أحدها. هل تملك الهيئة مقومات إقامة التحالفات النقابية الواسعة في أوساط اتحادات المصالح المستقلة ونقابات المؤسسات العامة في القطاع العام واتحاد نقابات موظفي المصارف ونقابة الميديل إيست والطيارين والخدمات الأرضية في المطار والمجالس الطلابية في الجامعة اللبنانية وغيرها من القوى الأخرى؟ هل لدى هيئة التنسيق الجاهزية اللوجستية والتنظيمية التي تخولها البحث عن عناوين أخرى تجمع تحت لوائها كل هذه الفئات الاجتماعية؟ تقول قيادات هيئة التنسيق إنّها بدأت فعلاً تطبيق خطة عملية تصب في هذه الوجهة، إذ من المقرر أن تجتمع اليوم بـ10 اتحادات نقابية دعتها إلى التشاور في توصية الإضراب العام والشامل والتنسيق بشأن العناوين التي يمكن أن تجمع هذه القوى تحت لوائها. سيتوج ذلك بلقاء نقابي تحضره الاتحادات الإثنين المقبل.
وكان قد عقد أول من أمس لقاء تضامني مع هيئة التنسيق في الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان، حيث كانت دعوة إلى «التكاتف من أجل حركة نقابية جديدة ديمقراطية مستقلة وانتزاع حقوق عمال لبنان وموظفيه في العمل والعلم والطبابة والسكن ووقف سياسات الإفقار المتعمد ومنع هدر ثرواتنا الطبيعية وإملاءات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وبناء اقتصاد منتج ووقف الخصخصة والفساد ونهب الفقراء».
على صعيد آخر، سيتوزع أعضاء هيئة التنسيق، السبت المقبل، على الأقضية والمحافظات للاجتماع بلجان الإضراب فيها لبحث هذه الخطة أيضاً، على أن تعقد، الأحد المقبل، جمعيات عمومية مشتركة بين المعلمين في القطاعين الرسمي والخاص، بهدف استنهاض القطاع التعليمي الخاص تحديداً، مع بداية الأسبوع الثالث للإضراب، وخصوصاً أنّ المؤسسات التربوية الخاصة لا تزال تسجل خروقاً كبيرة في الالتزام بالإضراب المفتوح.
بالنسبة إلى هذه النقطة تحديداً، يقول نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمه محفوض إنّه جرى توجيه طلب مباشر إلى النقابيين الحزبيين للضغط باتجاه إقفال المؤسسات التربوية الخاصة التابعة لأحزابهم السياسية.
هكذا، فتحت سلسلة الرواتب الباب على مصراعيه لتأسيس حركة نقابية جديدة، كما يقول، رئيس رابطة موظفي الإدارة العامة محمود حيدر. يلفت إلى أنّنا «لمسنا تأييداً في صفوف بعض المصالح المستقلة، بل إنّ بعضها بدأ ينفذ مجموعة من الإضرابات التضامنية منها مصلحة مياه لبنان الجنوبي ومصلحة مياه لبنان الشمالي، على أن تنضم تباعاً إلى إضرابنا مصالح أخرى، مثل مؤسسة مياه البقاع ومؤسسة مياه بيروت». كذلك سيعقد لقاء لنقابات مستخدمي البلديات في بلدية بيروت.
هل الأرضية جاهزة فعلاً؟ يجيب: «تثبت معمودية النار فعاليتها على الأرض يوماً بعد يوم وقد توجت بالزحف إلى السرايا الحكومية الذي كان له مدلولاته الكبيرة ونستطيع أن نبني على هذا الرصيد».
إلى ذلك، استنكرت هيئة التنسيق خلال اجتماعها اليومي، أمس، تنكر الحكومة وعدم إحالة السلسلة، مشيرة إلى أنّ مقولة التمويل باتت مزاداً لإمرار الوقت والهروب إلى الأمام. ودعت الهيئة أساتذة الملاك والمتعاقدين في التعليم الرسمي ولا سيما الذين يدرسون في المدارس الخاصة إلى التزام قرارها بالإضراب المفتوح. كذلك طلبت من الأهالي وأولياء التلامذة، وخصوصاً موظفي الدولة مدنيين وعسكريين، عدم إرسال أبنائهم إلى المدارس الخاصة، طيلة فترة إعلان الإضراب بسبب مواقف بعض أصحاب هذه المدارس، الذين يرفعون قيمة الأقساط المدرسية ولا يدفعون حقوق الأساتذة.
وأكدت الهيئة متابعة التحرك اليوم الجمعة باعتصام تنفذه، عند التاسعة والنصف صباح اليوم أمام وزارة العمل. ويترافق ذلك مع اعتصام لموظفي بلدية بيروت أمام مبنى البلدية في وسط بيروت واعتصامات في المناطق وأمام بعض المدارس الخاصة، التي تهدد الأساتذة والمعلمين لمنعهم من الإضراب.
على وقع «يللا يا هتيف ولّعها»، بدأ اعتصام اليوم العاشر للأساتذة والموظفين أمام مبنى مديرية الواردات في وزارة المال. خرج أحد الموظفين ليقول «إنّني أخدم الوزارة التي تعتصمون أمامها منذ 35 عاماً وراتبي لا يتجاوز 850 ألف ليرة». ورأى الموظف في مديرية الواردات نجيب مرعي أنّ «السلسلة التي نطالب بها هي تحت المستوى الذي يحقق العيش المحترم وهي ليست منصفة لموظفي الفئة الرابعة».
«لن نتعب ونيأس، وسنستمر في تحركنا التصاعدي في وجه حكومة صماء تقف مكتوفة الأيدي وتكتفي ببعض التصريحات التافهة»، هذا ما قاله نائب رئيس رابطة موظفي الإدارة العامة وليد الشعار. أما عضو الرابطة نضال العاكوم، فأشار إلى أنّه «في زمن التقوقع والتمترس الطائفي والمذهبية ولدت من رحم المعاناة، هيئة نقابية ديموقراطية اسمها هيئة التنسيق النقابية».
من جهته، أكد رئيس رابطة التعليم الأساسي الرسمي محمود أيوب أنّ «حركتنا هي حركة الشعب من دون استثناء، لا 8 ولا 14 آذار». أما عضو نقابة المعلمين في المدارس الخاصة انطوان مدور، فوصف مشهد التظاهرة بالشريف الذي حرّك كل لبناني على هذه الأرض، «إذ لم نشهد ضربة كف واحدة، وهذا دليل على أنّ المعلمين والموظفين هم فعلاً ديمقراطيون وحضاريون».
ورد على لجان الأهل في المدارس الخاصة التي أعلنت عدم دفع الأقساط بالقول: «لن نبادلكم الضربة بالضربة، سنعلّم أولادكم وإن مجاناً».
أمس، نفذت رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية إضراباً تضامنياً مع هيئة التنسيق شمل كل الكليات والمعاهد والفروع. وحضر ممثلها في الاعتصام أمين الإعلام د. جوزيف شريم لإلقاء كلمة تضامنية.
بعدها، انطلق المعتصمون في مسيرة إلى مبنى مديرية الشؤون العقارية ومصلحة المساحة التابع لوزارة المال في وسط بيروت.
في المناطق، استمرت الاعتصامات أمام السرايات الحكومية في المحافظات والأقضية، وقد عقدت مجالس الأهل في المدارس الرسمية في التبانة في طرابلس والبداوي اجتماعاً طالب هيئة التنسيق، بـ«ملاقاة الطروح العملانية للحكومة، و فك الإضراب سريعا لمصلحة الطلاب».
ولليوم الثاني على التوالي، اعتصم موظفو قصر العدل في بيروت وعلقوا الأعمال الإدارية وبعض الجلسات وتجمعوا في باحة «الخطى الضائعة».