سافر وزير الاشغال العامّة والنقل غازي العريضي من دون ان يرفع الصيغة التي اقترحها «التنظيم المدني» لزيادة عامل الاستثمار، في حين ان وزير المال محمد الصفدي جاء بمقاربة جديدة لملف السلسلة الى اللجنة الوزارية المكلّفة بدرس سبل تمويلها. وباشر رئيس هيئات اصحاب العمل عدنان القصّار جولة جديدة من «الحوارات» بدأها امس مع الرئيس نجيب ميقاتي وحطت رحالها اليوم مع وزير السياحة فادي عبّود. بمعنى ما، لا تزال الحكومة تعتمد المسار الطويل في مواجهة الاضراب المفتوح الذي تنفّذه هيئة التنسيق النقابية منذ 10 ايام.
فبعد تظاهرة حاشدة يوم الاربعاء الماضي، قرر مجلس الوزراء تكثيف اجتماعات اللجنة الوزارية لإنجاز الجانب التمويلي تمهيدا لتحرير مشروع السلسلة من الاسر. وبالفعل عقدت هذه اللجنة اجتماعا امس، الا ان الوزير الصفدي جاء اليها بمشروع جديد لتقسيط الدرجات على 5 سنوات بالاضافة الى تقسيط الزيادات على الرواتب. وبرر ذلك بالحاجة الى خفض الضغط على الخزينة العامّة اكثر مما كان ملحوظا في المشروع المقرّ منذ ايلول الماضي. والفارق بين طرح الصفدي وما يطرحه رئيس الحكومة هو في كون المشروع الثاني يسجّل قيمة السلسلة كاملة كحق مكتسب للموظفين، على أن يجري تقسيط هذه القيمة على خمس سنوات. اما مشروع الصفدي، فيجزئ السلسلة إلى 5 أجزاء، يرد كل جزء منها في موازنة السنة التي سيُدفع فيها، وفق الآتي:
ــ265 مليار ليرة في عام 2013.
ــ 408 مليارات ليرة في عام 2014.
ــ 515 مليار ليرة في عام 2015.
ــ 695 مليار ليرة في عام 2016.
ــ 844 مليار ليرة في عام 2017.
وبرأي الصفدي أن الطريقة التي يقترحها لتسديد السلسلة لن تزيد عجز الموازنة ولن تحمّل الخزينة والاقتصاد اعباء خطرة. وتضع مصادر قريبة من وزير المال طرحه هذا في وجه رئيس الحكومة «الذي تجاهل سابقاً دور وزارة المالية في كل الطروحات التي جرى تقديمها بشأن السلسلة».
هذا التطور دفع بوزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية محمد فنيش إلى القول «إن الصفدي قدم مقاربة جديدة وليس افكاراً جديدة». ورد فنيش ووزير الصحة علي حسن خليل على الصفدي بالقول إن إقرار السلسلة والالتزام بتقسيطها لن يزيدا من عجز الموازنة لأن عجز الموازنة يُحتَسَب على أساس الانفاق الفعلي، لا وفقاً لما يتم الالتزام به، تماماً كما يجري في قوانين البرامج. من جهته، قال وزير العمل سليم جريصاتي ان «النقاشات راوح مكانك». واشار الى ان اعضاء اللجنة طلبوا من وزير المال المزيد من الايضاحات بشأن كلفة السلسلة، اذ لا معارضة لتقسيطها او تجزئتها. امّا وزير الصناعة فريج صابونجيان، فاختصر نتائج الاجتماع بقوله «إن اللجنة لم تفهم شيئاً على الصفدي».
وجرى الاتفاق في نهاية جلسة أمس على أن يقدّم رئيس الحكومة ورقة جديدة للبحث خلال 24 ساعة.
في الواقع، ليس هذا هو التطوّر الاهم على هذا الصعيد امس، بل ان الرئيس نجيب ميقاتي ابلغ اللجنة ان هيئات اصحاب العمل لم تعد تضع «فيتو» على ضريبة التحسين العقاري وانما تشترط ان تأتي مع سلّة واسعة من «الاصلاحات» تطال تحديدا نظام التقاعد والمنح التعليمية ونظام الموظفين ودوام العمل، فضلا عن المطلب الاساسي بخفض كلفة مشروع السلسلة الى ادنى مستوى ممكن، بمعنى اعادة طرحه من جديد وصياغة مشروع بديل. وهو ما عبّر عنه القصار، بعد اجتماع هيئات اصحاب العمل مع عبّود، اذ قال إن «إقرار مشروع سلسلة الرتب والرواتب، يجب أن تسبقه وتواكبه إصلاحات كبيرة، من شأنها أن تساعد في مكافحة مكامن الفساد المستشري في الإدارات الرسمية، وعلى هذا الأساس، لا بد للاتحاد العمالي العام ولهيئة التنسيق النقابية، بما يمثلون من شراكة فعلية وأساسية مع القطاع الخاص، من التعاون معنا باتجاه إقرار هذه الإصلاحات، التي من شأنها أن تعالج الركود الاقتصادي، وإعادة دوران العجلة الاقتصادية، والتخفيف من عجز الموازنة ومن ارتفاع الدين العام».
والمعروف ان وزارة المال كانت قد احالت سابقا مشروعا يرمي الى استحداث ضريبة على الارباح الناتجة من تفرّغ الاشخاص الطبيعيين والمعنويين عن العقارات، الا ان مجلس الوزراء لم يأخذ به بسبب رفض هيئات اصحاب العمل تمويل كلفة السلسلة بأي نوع من الضرائب. علما ان المشروع المطروح يعدّ في مصلحة المضاربين العقاريين ولا يغرّمهم بل يكلّفهم بضريبة لا تتجاوز 15% تعفى منها الشركات العقارية والسكن الاساسي للبائع، كما يمنحهم فرصة قبل تطبيق هذه الضريبة لتهريب جزء مهم جدّا من ارباحهم عبر السماح لهم باجراء اعادة تقييم استثنائية لاسعار العقارات بحجة تصحيح اثار التضخم السنوي وذلك لقاء معدّل ضريبة منخفض.
وتتوقع وزارة المال ان تحقق هذه الضريبة 50 مليار ليرة فقط في هذا العام لترتفع الى 300 مليار ليرة في العام المقابل، في حين ان ضريبة اعادة التخمين ستبلغ 174 مليار ليرة لسنة واحدة كونها غير متكررة.
الجدير بالاشارة ان قيمة البيوعات العقارية المصرّح عنها في عام 2012 بلغت نحو 9.5 مليارات دولار، وهي غالبا مسجّلة بقيم ادنى من قيمتها الفعلية للتهرّب من رسوم التسجيل، وتقدّر ارباحها الفعلية باكثر من النصف، وهي لا تشمل البيوعات التي تسجّل لدى كتاب العدل.
(الاخبار)