أكثر من 80% من النساء العاملات في العالم العربي لا يستفدن من أي تقديمات اجتماعية مهما كان شكلها. هذا المؤشّر الذي برز إلى الواجهة في اليوم الأول من «منتدى المرأة العربية والمستقبل ــــ NAWF» الذي عقد أمس في بيروت، يعني أن النساء العاملات في النظام العربي مكتومات في اقتصاد لطالما كان حكراً على الذكور ويعدّ انضمام المرأة إليه اختراقاً!
هناك الكثير من العوامل التي تدفع النساء إلى العمل في ظل كتمان كهذا. فالفقر والبطالة، على سبيل المثال، يعدّان سببين أساسيين لقبولهن بخيار لا يستفدن منه إلا راتبهن اليومي، فيما يتعرّضن لجميع أنواع المضايقات. التمييز لا يطال المرأة على أساس الكتمان حصراً. وبحسب الوزير السابق جهاد أزعور، الأجر الذي يُدفع للمرأة أقلّ مما يدفع للرجل ولو كان نوع العمل مماثلاً في الحالتين، وبصرف النظر عن مستوى الإنتاجية بين الاثنين.
ففي لبنان، تقول وفاء ميشال سليمان إن «قدرة المرأة على الإبداع وطاقتها على إنشاء الشركات وإدارتها، مستثمران بمستويات منخفضة، فضلاً عن وجود عوائق تقليديّة تكبّل المرأة في عالم الأعمال، فالمجتمع عوّدنا على رؤية الرجل صاحب المبادرات والمسؤول الأوّل عن العمل والمدخول والثروة».
لكن تفسير هذه الظواهر التي تمنع النساء من الدخول إلى عالم الأعمال يكاد يكون أمراً بديهياً. فبحسب كارلوس غصن، تبلغ نسبة متخرجي الجامعات في لبنان، حيث المؤشرات الذكورية في أقل مستوى لها، 54% للنساء و 46% للذكور. وهذه النسبة مرتفعة أيضاً في الكويت والإمارات العربية المتحدة وغيرها من البلدان العربية، وهي النسبة نفسها من المتخرجات في أوروبا وأميركا، «ولكن رغم معرفتهن، والمستوى العلمي الذي بلغنه، عدد النساء في سوق العمل أقلّ بكثير من الرجال... وهذا هدر كبير لرأس المال البشري». وفي لبنان أيضاً، «تبدو نسبة العاملات قليلة إذ لا تزيد على 25%، فيما لا تتجاوز نسبة العاملات في مراكز قيادية 8%» يقول غصن.
وما كان بارزاً في المؤتمر بالنسبة للنساء، هو أن فرص السيدات في الحصول على قروض من المصارف أقل بكثير من الرجال، فقد كان هناك تركيز واسع على أن حصول النساء على التمويل من أجل إنشاء مؤسسة أو عمل ما، غالباً ما يكون غير متاح بسبب ما يمكن وصفه بأنه سوء تقدير من المصارف لقدرات المرأة وإمكاناتها في مجال قيادة الأعمال. ولذلك تقترح السيدة الأولى وضع خطة عمل مفصّلة لدعم النساء تشمل الحصول على دعم المصارف المركزية والمصارف «لاستحداث منتجات مصرفية جديدة، منها قروض ميسرة على غرار ما تقدّمه شركة كفالات». واللافت هنا ان في لبنان، خلافاً لبقية دول المنطقة، تعمل معظم النساء في القطاع الخاص، ما يجعل إقدامها على تأسيس أعمال مستقلّة خطوة طبيعية».
وتشير إحصاءات أجريت في المنتديات العالمية عن قدرات المرأة في مجال الأعمال، إلى أن النساء اللواتي يملكن أعمالهن يطبّقن الوسائل التكنولوجية ووسائل التواصل الاجتماعي أكثر من الرجال.
في المحصّلة، يجب «الاهتمام بإدخال المرأة إلى المعترك الاقتصادي لا السياسي فقط كما يعمل عليه حالياً» على حد قول أزعور. وهذا الدور يمكن أن يبدأ من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ويجب إغراء المستثمرين بقدرات النساء علماً بأنه يمكنهنّ التكتل في مجموعات كبيرة تفرض نفسها على السوق.