تصل ماري جدعون عند الساعة السادسة والنصف من صباح كلّ يوم الى مركز الشرطة التابع لبلديّة جونية. تستقبل عناصر الشرطة، وتبدأ نهارها. الشرطيّة الأولى في لبنان «قدّها وقدود». دخلت كشرطيّة الى بلديّة جونية في اليوم الأوّل من عام 1982. «يومها كنّا نحو عشر شرطيّات وكانت بلديّة جونية أوّل من أدخلت الى صفوفها شرطيّات. لطالما أحببت أن أدخل السلك العسكري، وهذا ما دفعني الى التقدّم لهذه الوظيفة» تقول ماري، مشيرة الى أنّها عملت فترة 15 عاماً شرطيّة سير. «شرف للبنت أن تقف في الشارع أمام الناس، تقف وترفع رأسها» تقول ماري، متذكّرة أيّام جونية القديمة التي كانت تعجّ بالمصارف ومراكز السفارات، فكانت شوارعها وطرقاتها مزدحمة بشكل كبير. تذكر بعض الطرائف منها كيف كانت تقف خلال تأمينها السير، وتحمل بالعالي «الجزادين» الضائعة لكي تنبّه أصحابها اليها. هي تحبّ عملها، ولو عادت بها الأيّام الى الوراء لاختارته من جديد «وكمان بدخّل ولادي وعيلتي عالشرطة» تضيف بحماسة. أمضت ماري 15 عاماً في تنظيم السير، أصبحت خلالها الشرطيّة الوحيدة، إذ غادرت الأخريات لدواع مختلفة، منها السفر أو الزواج... أما هي فانتقلت إلى العمل الاداري، وفي جعبتها اليوم سجلات الدوام والخدمة، البريد، الملفّات الكثيرة. مسؤوليّاتها متعدّدة، فهي تشارك في الدوريّات، في قمع مخالفات السير والبناء وغيرها، توجّه الإنذارات الصحيّة، الاستقبالات، التشريفات، وغير ذلك. خضعت ماري لدورات في مجال البروتوكول، وأخرى مع الدفاع المدني اللبناني والصليب الأحمر اللبناني. تحمل بطاقة ضابطة صحيّة من وزارة الاقتصاد، وهنا يبرز عملها في مراقبة المحال والمطاعم وضبط المخالفات بالتعاون مع الوزارة. «يظنّ أصحاب المطاعم أحياناً أنّني أمزح معهم أو أقوم بمقلب ما، قبل أن يتأكّدوا فعليّاً من هويّتي الرسميّة».
رئيس البلديّة الحالي انطوان افرام فتح باب الانتساب من جديد أمام الشرطيّات. فكان أن انتسبت كلوديت سبع الى قلم البلديّة، ورانيا نعمة الى الاستعلامات. كلوديت تحمل شهادة في إدارة الأعمال وقد تقدّمت بطلب للعمل مع الشرطة حبّاً منها لهذا العمل. هي تشارك في الدوريّات وفي مراقبة المقاهي والمطاعم وفي معظم الأعمال على الأرض، باستثناء الأعمال التنفيذيّة كهدم المنازل وغيرها. كثيراً ما تسمع كلمة «بيلبقلك» وهي في بذلة الشرطة الرسميّة. تصف عملها بالجميل والجوّ بالعائلي، ولا تتردّد في أن تنصح الشابات بالعمل في هذا المجال.
كارلا نعمة، تعمل هي الأخرى في قسم الشرطة وفي تأمين الدلالة للمواطنين. وتقول إنّها لا تواجه صعوبات في العمل، وهي تساعد المواطنين الذين يقصدون المبنى البلدي، مسهّلة عليهم تحرّكهم.
تضفي الشرطيّات الثلاث رونقاً على العمل البلديّ في جونية، ويلاقي عملهنّ التقدير من الرسميين والمسؤولين والمواطنين على حدّ سواء. والتقدير الأخير وصل إليهنّ خلال تأمينهنّ مواكبة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي خلال زيارته الرعويّة لجونية.
ويشرح المفوّض العامّ لشرطة بلديّة جونية (والمسؤول عن قسم السير) جوزف نصرالله، أنّ الشرطة أنشئت عام 1940 أيّام كان عدد الشرطيين ثلاثة، وتطوّرت خلال السنوات اللاحقة. وقد دخل العنصر النسائي اليها عام 1982. الشرطة هي العين الساهرة على الطريق، تعمل بالتنسيق مع مختلف الأجهزة الأمنيّة. هي تضمّ اليوم نحو 65 شرطيّاً جاهزاً فعليّاً للعمل، منهم 42 شرطيّاً يعملون على تأمين السير وإزالة المخالفات وتنظيم محاضر الضبط. وتضمّ قسم السير، قسم المراقبة والتنفيذ وهو مختصّ بالرقابة على المقاهي والمطاعم، إلى جانب كشف مخالفات البناء وإزالتها، وقسم أمانة السر، فضلاً عن مركز العمال الأجانب. يعمل قسم الشرطة 24 ساعة في اليوم، وله خطّ ساخن يستقبل اتصالات المواطنين. ويشرح نصرالله أنّ عمل الشرطة يغطّي الى جونية والخطّ البحري، أربع بلدات هي حارة صخر، ساحل علما، غدير وصربا.