أُطلقت أمس «هيئة المجتمع المدني للتنسيق البرلماني»، التي تضم أكثر من ٧٠ جمعية تنشط من أجل إقرار خمسة مشاريع قوانين، بعضها لا يزال نائماً في أدراج مجلس النواب منذ سنوات، وبعضها الآخر لا يزال قيد الدرس.
تنسّق أعمال الهيئة منظمة «اندي أكت»، وهي تسعى إلى إقرار خطة وطنية للنقل المستدام، عملت عليها جمعية «الخط الأخضر» ضمن تحالف لبناني يضم عدداً من الجمعيات البيئية. كما تهدف إلى إقرار مشروع قانون إدارة النفايات المنزلية الصلبة الذي يطالب به عدد من الجمعيات المنضوية في «تحالف صفر نفايات»، ومشروع تعديل قانون حقوق المعوقين ليتوافق مع الاتفاقية الدولية لحقوق المعوقين. وينشط عدد من الجمعيات من أجل تعديل القانون، أبرزها اتحاد المقعدين اللبنانين وجمعية الشبيبة للمكفوفين. كما تسعى إلى إقرار مشروع حق الوصول الى المعلومات، الذي تعمل عليه الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية، إضافة إلى مشروع قانون مشاركة المجتمع المدني في الاضطلاع وإبداء الرأي في مشاريع القوانين المقدمة إلى مجلس النواب.
طارق ذبيان، الذي يتولى تنسيق عمل الهيئة، طالب بتثبيت ثقافة التواصل الدائم والفعال بين النواب ومن يمثلون. وعبّر عن طموحه بأن «تتحوّل الهيئة إلى خلية دعم للجمعيات اللبنانية الهادفة إلى توثيق العلاقة مع مؤسسة المجلس النيابي، وإلى مكتب دراسات للنواب الذين يبادرون إلى التواصل مع الجمعيات المدنية ويقدّرون أهمية انعكاس هذا التواصل على العملية التشريعية».
صندوق أممي جديد أعلن عن تمويله لهذا المشروع، هو صندوق الأمم المتحدة للديموقراطية. اللافت أن المشروع حاز دعم رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، الذي استقبل في القصر الجمهوري المجلس التنفيذي للهيئة، فيما لا يزال رئيس مجلس النواب نبيه بري (المعني الأول بهذا المشروع) رافضاً تحديد موعد مع الهيئة. وبحسب معلومات لـ«الأخبار»، فإن الرئيس بري لديه العديد من التحفظات حول هذه الهيئة وآلية عملها.
المحامي نزار صاغية قدّم مقاربة قانونية حول عمل الهيئة خلال حفل الانطلاق. وذكّر بأنه في ١٣ نيسان الماضي، حاول أهالي المفقودين الوصول إلى ساحة مجلس النواب للمطالبة بإقرار قانون يكشف مصير أبنائهم، لكن القوى الأمنية منعتهم من الوصول. وحصل الأمر نفسه مع الشباب الذين طالبوا بقانون مدني للأحوال الشخصية من خلال إقامة عرس مدني في الساحة، فاعتدت عليهم القوى الأمنية واقتيدوا الى المخافر، ووصل الأمر إلى حد الإهانة والتحرش الجنسي بعدد من الناشطين. ولفت صاغية الى أن ساحة البرلمان هي الساحة الحقيقية، ومن حق الناس أن يعبروا عن رأيهم وأن يستردوا هذه الساحة، لأنها ليست ساحة للزعامات والشخصيات السياسية. وذكّر بالتعميم الصادر عن مجلس الوزراء بوجوب نشر الوزارات المعنية مشاريع القوانين التي تعدّها على المواقع الإلكترونية الحكومية، فيما لم يصدر مجلس النواب تعميماً يلزم بنشر مشاريع القوانين التي يطرحها النواب، والتي تناقش في اللجان النيابية على الموقع الإلكتروني للمجلس. وطالب بمساءلة الحكومة عن مهل إصدار المراسيم التنفيذية للقوانين، لأنه لا يجوز أن تبقى هذه المراسيم في الأدراج إلى ما لا نهاية، والمهلة القصوى يجب أن تكون ثلاث سنوات.
النائب غسان مخيبر رأى أن مشروع الهيئة يرفع الشعار نفسه الذي يتبناه منذ سنوات «السياسة أخطر من أن تترك للسياسيين وحدهم». وانتقد مخيبر أداء المجلس النيابي الذي لا يقوم بوظيفته التشريعية والرقابية بشكل منتظم وسليم. وعلى عكس صاغية، اعتبر مخيبر أن من الأفضل أن ينتقل المجتمع المدني من المطالبة في الساحات إلى المشاركة في النقاش داخل قاعات المجلس النيابي، معلناً أن مشروع قانون الحق في الوصول الى المعلومات سلك طريقه من اللجان النيابية الى الهيئة العامة، ويجب أن يدرج على جدول الأعمال للتصويت.
ومن المعلوم أن مشروع قانون المصادقة على الاتفاقية الدولية لحقوق المعوقين يواجه مشكلة سياسية في إقراره، كونه من ضمن رزمة مشاريع القوانين التي أحيلت في عهد حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، وهو بالتالي لا يحوز موافقة فريق ٨ آذار، لأنها اعتبرت أن هذه الحكومة غير ميثاقية، الأمر الذي يعرقل إقرار الاتفاقية، وبالتالي يعطّل مشروع تعديل قانون المعوقين الذي أقرّ عام ٢٠٠٤، ولم يصدر إلا نزر يسير من مراسيمه التطبيقية.