فريقان مدنيان اجتمعا في ندوة كلية الآداب في جامعة القديس يوسف عن الزواج المدني؛ الأول تمثله د. يوغاريت يونان ويطالب بقانون لبناني للأحوال الشخصية، رافضاً تجزئة الحق أو حصره بفئة محددة من اللبنانيين. والثاني يمثله الباحث القانوني طلال حسيني ويدعو إلى عقد الزواج داخل الأراضي اللبنانية مع اشتراط شطب الإشارة إلى الطائفة، والخروج منها إدارياً.
بعد تقديم من رئيسة الهيئة الطلابية في الكلية دونا ماريا نمّور، شرح الفريقان مضمون القرار 60 ل. ر. الذي شاع الحديث عنه أخيراً، والذي يعطي اللبنانيين الحق في الزواج المدني، شرط إبرامه في الخارج أو داخل الأراضي اللبنانية لمن لا طائفة لهم أو لطوائف الحق العادي (وهم أقلية في لبنان) كما نصّ القرار. لم يظهر أي تناقض في الشرحين، لكن مشكلة الحالتين الأخيرتين المذكورتين في القرار تكمن، برأي الفريق الأول، في عدم وجود قانون يرعى أحوالهم الشخصية.
هكذا، قدم كل فريق خلاصته، فتحدثت يونان عن القرار 53 ل. ر. الصادر عام 1939، وينص على أن القرار 60 ل. ر. يسري مفعوله على غير المحمديين فقط، رافضةً حصر الزواج بمن لا طائفة له، وملمّحة إلى عدم قانونية زواج نضال وخلود. أما الكاتب العدل جوزيف بشارة الذي وقّع على عقد الزواج المذكور، فبدا مقتنعاً بقانونية توقيعه استناداً إلى القرار 60 ل. ر.، مفنداً المبادئ التي جرى على أساسها الزواج.
إذاً بقيت الحلقة المفرغة مبهمة لجهة الربط بين شطب الإشارة والزواج بوجود مخاوف الطائفة التاسعة عشرة التي يمهد لها البعض، وما إذا كان شاطبو الإشارة مثل نضال وخلود يعدّون من الخارجين عن الطائفة. حتى الهيئة العليا للاستشارات لم توضح هذه المسألة.
جديد الكلام عن الزواج المدني حضور ممثل عن السلطة التشريعية، وهو النائب سيمون أبي رميا، المتزوج هو الآخر مدنياً في فرنسا. الرجل رأى أن زواج نضال وخلود أسس لحالة معينة، وإن كانت هناك إشكاليات إدارية وقانونية، مشيراً إلى أنّه «قد يكون الزواج قانونياً، لكن مفاعيله التطبيقية غير متوافرة».
اعترف المرشح للانتخابات النيابية المقبلة بفشل المجلس الحالي في طرح القضية، مبرراً بأن الموضوع شخصي بالنسبة إلى كل نائب ولا علاقة له بالسياسة، إذ يندرج ضمن القضايا المجتمعية. وبينما أوضح أبي رميا أنّه أقدم على الزواج دينياً مباشرةً بعد عقده للزواج المدني، لم يتردد في القول إنّه «سيطرح القضية بعد انتخاب المجلس المقبل، نظراً إلى ضيق الوقت حالياً وعدم القدرة على مناقشة القانون الشائك والمعقد».
وعرض جو معلوف تقريراً قديماً عن الزواج المدني أجراه في برنامجه «إنت حر»، متوقفاً عند «الحرب على التطرف التي يقودها المطالبون بدولة مدنية». ووصف معلوف الزواج الديني بـ«التجارة المربحة» التي يخاف منها رجال الدين.
إلى ذلك، تحدث الممثل يورغو شلهوب عن تجربته في الزواج المدني، والدور الحقيقي الذي تستطيع الدراما والمسلسلات أن تؤديه في مجال التوعية.



الأفكار المسبقة

في الوقت نفسه الذي كانت تعقد فيه ندوة جامعة القديس يوسف، حاضر أستاذ الحقوق المتخصص في قوانين الأحوال الشخصية في الجامعة اللبنانية د. خليل أبو خليل عن الزواج المدني بعنوان «من حقي لأنه اختياري»، بدعوة من «حملة تكريس الطائفية»، وذلك في كلية الهندسة ــ الفرع الثالث.
وقد عكست مداخلات المشاركين أفكاراً مسبقة مشوهة عن القضية، مثل اتهام الناشطين المدنيين في هذا المجال بالكفر والإلحاد ومحاولة الدعوة إلى زواج المثليين، والطلاق السريع والزنى. ورغم محاولات أبو خليل التوضيح، فقد خرج الطلاب كما دخلوا، من دون أي تغيير ملموس، بالصدمة التي أطلقتها الحملة أخيراً، والتي كانت أول من يطرح هذه القضية في الجامعة.