المحكمة الدولية تضرب من جديد. هذه الهيئة الدولية التي لم تترك معلومة عن اللبنانيين لم تحصل عليها، من البصمات والهويات وأرشيف الدولة الأمني وسجلات الاتصالات والرسائل الشخصية للمواطنين... وصولاً إلى السجلات التعليمية والصحية، وصلت اليوم إلى قرار منع اللبنانيين من حق الاطلاع على ما يُحاك فيها. وجّهت أمراً إلى القضاء اللبناني يوم 5 حزيران الجاري، يقضي بمنع وسائل الإعلام اللبنانية من نشر أي معلومة تصنفها المحكمة سرية. ويأمر القرار المدعي العام التمييزي اللبناني بـ«اتخاذ أي تدابير لمنع أو، عند الاقتضاء، لوقف نشر المعلومات على نحو مخالف لقرارات عدم النشر». وتُطالب المحكمة بالحصول على تعهد مسبق بذلك من المسؤولين عن وسائل الإعلام «الرئيسية»، بحسب ما ورد في قرار قاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرانسين (منشور على الموقع الرسمي للمحكمة، منشور على الموقع الالكتروني لـ«الأخبار»). بالتأكيد، لا يشمل هذا القرار وسائل الإعلام الأجنبية، والغربية خاصة، التي لا سلطة للمحكمة الدولية عليها، كما أن معركة الحريات خاسرة معها إجمالاً. كذلك فإن المحكمة، التي تدّعي اعتماد ما تسميه «اعلى معايير العدالة الدولية»، لم تُطلع الرأي العام على أي إجراء اتخذته لمحاسبة أولئك الذين يسرّبون المعلومات من داخلها، لتنشرها وسائل الإعلام. ونهج التسريب قائم منذ ما قبل ولادتها، واستمر منذ فتح أبوابها في إحدى ضواحي مدينة لاهاي الهولندية عام 2009. وكأن الهيئة الدولية التي تحصي أنفاس اللبنانيين سراً تسمح بالتسريب، لكن شرط أن يُنشر في وسائل إعلام غير لبنانية. كما أن منظومة التحقيق الدولي التي أفضت إلى إنشاء المحكمة، لم يكن لديها مانع يحول دون تسريب وقائع التحقيقات ونشر أسماء الشهود وتفاصيل إفاداتهم في قراراتها العلنية التي صدرت منذ العام 2005، إذا كان النشر يؤدي غرضاً يخدم فريق الادعاء العام السياسي، اللبناني والعربي والدولي، ويسمح باستثمار «المعلومات» المنشورة لتغيير الوجهة السياسية للنظام اللبناني. أما عندما لا يكون النشر على هوى هذا الفريق، فيُصبح محرّماً وتتحرّك المحكمة لأجل منعه مستقبلاً تحت طائلة الحبس والغرامة. سياسياً، طُوي خيار التمديد للمجلس النيابي، رغم استمرار الحديث عن المجلس الدستوري وتغيب 3 من اعضائه عن جلساته وإمكان اعتبارهم مستقيلين حكماً في حال تغيّبوا من دون عذر شرعي عن 3 جلسات. وامام هذا الواقع، بات تكليف الرئيس تمام سلام بتأليف الحكومة في مهب الريح، او على الأقل، لم يعد الرئيس سلام «يعرف ما الذي عليه أن يفعله»، بحسب مقربين منه. فاختيار سلام تم على أساس أنه سيؤلف حكومة مهمتها الوحيدة هي إجراء الانتخابات. وبناءً على ذلك، بدأ سلام البحث عن صيغ جديدة لتشكيلة حكومته.
في هذا الوقت، بقيت قضية القصف السوري على عرسال محور التجاذب السياسي، وسط إصرار رئيس الجمهورية ميشال سليمان على تقديم شكوى من لبنان ضد الدولة السورية إلى الجامعة العربية ومجلس الامن. وطلب سليمان من وزير الخارجية عدنان منصور، «بإلحاح»، تقديم الشكوى. لكن منصور يرفض تقديم الشكوى، «لأن العلاقة بين لبنان سوريا تحميها اتفاقيات وهما دولتان صديقتان تُعالَج المشكلات بينهما مباشرة لا بالواسطة»، بحسب مصادر في وزارة الخارجية. وترك أداء رئيس الجمهورية امتعاضاً لدى فريق الثامن من آذار الذي يرى أركانه أن سليمان يمارس ازدواجية المعايير تجاه الخروقات السورية، فلا يحرك ساكناً عندما تتعرض الأراضي اللبنانية للقصف من قبل مجموعات المعارضة السورية.

فرنجية: هناك فراغ في رئاسة الجمهورية

وفي هذا السياق، حمل النائب سليمان فرنجية أمس بعنف على رئيس الجمهورية، مشيراً إلى أن قوى 8 آذار قبلت بسليمان رئيساً في اتفاق الدوحة بقرار سوري ــ فرنسي ــ قطري. وأكّد فرنجية في مقابلة ضمن برنامج «كلام الناس» على شاشة «أل بي سي آي» أن من حقّ المقاومة أن تتدخّل في سوريا «أيديولوجيا وسياسيّاً ودينياً».
وعلّق فرنجية على موقف سليمان من قصف الطائرات السورية بلدة عرسال قبل أيام معتبراً أن «رئيس الجمهورية ليس حيادياً، بل يأخذ موقفاً، ولا أفهم توجهه بمعارضة النظام السوري الذي يحمي الأقليات المسيحية، أبشع شيء أن يتغير الموقف. على رئيس الجمهورية الاعتراض على كل الخروقات والتعديات الأمنية السورية كما الاسرائيلية». وقال فرنجية إنه ضد «قصف أي منطقة مدنية في لبنان ولا أي منطقة، لكن من يقصف الهرمل ليس الجيش السوري، على الأقل نضغط على «الجيش السوري الحر» ولا نسمح بدخول جرحاه إلى لبنان».
وأشار رئيس تيار المردة إلى أن «الجو في لبنان مفتوح على كل الاحتمالات، وإلغاء قداس 13 حزيران (ذكرى استشهاد والده ووالدته وشقيقته وعدد من انصارهم في مجزرة إهدن عام 1978) تمّ تخوفاً من أي حدث أمني وارد حصوله».
وعن سوريا وحزب الله، قال فرنجية إن «النظام السوري ناضل ضد حلفائه أكثر مما ناضل ضد أعدائه من أجل بقاء القضية الفلسطينية»، ولفت إلى أن «المشروع هو ضرب سوريا ومن ثم ضرب المقاومة، عندما تضرب سوريا تضعف إيران والعكس، لذلك المقاومة لها حق التدخل في سوريا ايديولوجياً ودينياً وسياسياً، ومقتنع بأن النظام السوري باق، و(الرئيس السوري) بشار الأسد صديق وأخ».
وشرح فرنجية أن «الفرق بين حزب الله والآخرين أن حزب الله قوة منظمة، فيما الآخرون كانوا يقاتلون بأعداد أكبر من حزب الله ولكن بطريقة مشرذمة».
وعن الانتخابات، قال فرنجية «في ظل الجو القائم اليوم في لبنان، نتائج الانتخابات في حال حصولها مهما كانت، لن يتقبلها أحد على أنها نتائج نزيهة». وعن العلاقة مع النائب ميشال عون، قال فرنجية «لا شيء سيغير علاقتنا الاستراتيجية بميشال عون».
وقال فرنجية عن طموحه في الوصول إلى رئاسة الجمهورية، «عيني لم تكن يوماً على بعبدا، ووصولي الى بعبدا رهن الظروف»، مؤكداً أنه لا يوافق على التمديد لسليمان، وأنه قد يصوت لقائد الجيش جان قهوجي للرئاسة «حسب الظروف»، وإذا طرح التمديد لقهوجي «أصوت معه ومن المؤكد أصوت لميشال عون لرئاسة الجمهورية».
وعن الحكومة، قال فرنجية إن «الحكومة ليست بيدنا اليوم بل بيد الفريق الآخر، إما أن يعتذر سلام أو يشكل حكومة أمر واقع، وإذا شكل حكومة أمر واقع فلن نعطيها الثقة لأنها لن تريح البلد».
واتهم فرنجية قوى الأمن الداخلي بشراء السلاح من دون رقابة وتدقيق و«قد استعملت الحسابات المالية الخاصة بالدولة اللبنانية لشراء السلاح وتوزيعه في الداخل اللبناني لتحقيق مشاريع سياسية معينة».