القاضية ماتيلدا توما لا تجيب على هاتفها. لا يمكن التواصل معها لتفسير أحد أحكامها الصادرة أخيراً. حكم يحتاج إلى شرح، ومن ثم رفع الصوت، إذ ثمّة فتاة ذات 13 ربيعاً، باتت حياتها، بسببه، على مشارف الانهيار. قرر الوالد والوالدة أن ينفصلا، لكن ابنتهما سناء ظلت بينهما، وبحكم من قاض شرعي تقرر حق الأب بمشاهدة ابنته بانتظام. ليست المناسبة الآن للحديث عن عدالة أحكام تلك المحكمة الشرعية، هذا بحث آخر. وضع الحكم بعهدة دائرة التنفيذ، برئاسة توما، لدى القضاء العدلي. مرّت أيام بعد الحكم، ليتبيّن أن الفتاة لا تريد رؤية والدها. لا تطيق العيش معه للحظات. كلما علمت انها سوف تكون معه، في مكان واحد، أصيبت بأزمة عصبية. يمكن البحث في الأسباب، بالتأكيد، ولكن يكفي الفتاة أن تقول «لا أحبه» حتى تكون منسجمة مع نفسها. الوالد متدين، ويقال متشدد، ويفترض انه أكثر من سواه يعلم أن «المحبة من الله». والدة الفتاة، هناء، مهندسة الديكور، أخذت ابنتها إلى أكثر من معالج نفسي. ذهبت معها وكيلتها المحامية غزل مرعب. اليوم تحمل المحامية هذه التقارير، التي تؤكد «عدم إمكانية تسليم الفتاة لوالدها، لأنها تعاني من أزمة نفسية حادة، ولا بد لها من مواكبة نفسية متخصصة عند كل لقاء لها معه».
المحامية مرعب لا تصدق كيف تُصدر القاضية توما حكماً تطلب فيه سجن الأم؟ الأم يا حضرة القاضية؟ تسأل مستغربة. حجّة القاضية أن والدة الفتاة هي التي تمنع اللقاء مع الوالد، علماً أن لدى الموكلة تقارير طبية، موثقة ومصدقة، تفيد بأن الفتاة من نفسها هي من تكره لقاء والدها. أكثر من ذلك، لنقل أن الأم لديها هذا الميل، فالفتاة لم تعد طفلة ويمكنها أن تقرر مع من تريد أن تقضي وقتها. وما ذنب الأم أصلاً؟ الفتاة عمرها 13 عاماً. ذات مرّة، أحضرتها الأم إلى القاضية، بحضور الأب، فراحت «سيدة العدالة» تحاول إجبار الفتاة على الجلوس مع والدها، رغم نفورها، الذي وصل إلى حد الهستيريا. قالت لها «بدك تشوفي أبوكي بالقوة». اليوم هناك أم مطاردة من جانب «العدالة» والأمن! منذ نحو أسبوعين، بقرار من قاضية، بتهمة تحريض ابنتها. المعنيون يتحدثون عن «نكد» قضائي في القضية. هم لن يسكتوا، وحالات كهذه عادة تجذب الجمعيات الحقوقية الناشطة، هذا فضلاً عن وصول القضية إلى هيئة التفتيش القضائي. الأيام المقبلة كفيلة بإيضاح أي طريق سوف تسلك هذه القضية.