اقترح «تكتل التغيير والإصلاح» في بيان تلاه وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، بعد الاجتماع الأسبوعي للتكتل، وقف استقبال النازحين السوريين والفلسطينيين وضبط الحدود على نحو كامل. وتتوقع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين أن يرتفع عدد اللاجئين الى البلدان خارج سوريا إلى 3,45 ملايين في نهاية 2013. وتقول الأمم المتحدة إنّ أعداد اللاجئين السوريين وصلت إلى ثلاثة أضعاف الرقم المسجل عام ٢٠١٢، وهم موزعون في 1500 موقع في مختلف المناطق اللبنانية. وأوضح باسيل أن طرح التكتل «يتضمن وقف استقبال النازحين السوريين والفلسطينيين القادمين من سوريا، وضبط الحدود على نحو كامل باستثناء الحالات الطارئة التي تتطلب قرارا معللا من وزيري الصحة والداخلية، فضلا عن التنسيق مع الدولة السورية لإعادة النازحين الى ديارهم، ولا سيما في المناطق الآمنة في سوريا، مع إعطاء الضمانات السياسية عند اللزوم».
ويعد هذا الاقتراح مخالفة صريحة لالتزامات لبنان الدولية، ولا سيما الاتفاقيات المتعلقة بحماية حقوق الانسان ومناهضة التعذيب، كما ان العديد من بنوده غير قابلة للتطبيق من الناحية العملية، بل بعضها يفترض ادوارا للدولة لا تقوى على أدائها كإعطاء «ضمانات سياسية» لتأمين امن النازحين العائدين الى سوريا. ورأى باسيل أن «أزمة النازحين السوريين والفلسطينيين إلى لبنان أصبحت وجودية كيانية تتربع على رأس الهواجس والأفكار الكيانية التي يعانيها لبنان، وهي أزمة يشعر بها أو بأخطارها كل مواطن، ويكفي للدلالة القول إن شعباً آخر يزيد على ربع سكان لبنان أصبح ينتشر بسرعة على كامل أراضيه، وهو ما لا قدرة للبنان على احتماله».
واعلن باسيل أن تكتل التغيير والإصلاح قد طرح سابقا افكارا للتعاطي مع هذا الموضوع من داخل الحكومة، الا انه لم يجرِ التجاوب معها لا بل جرى التهجم عليها تحت عناوين «العنصرية» و«اللانسانية»، ما ادى الى وصول البلد الى الكارثة الأكبر في تاريخه الحديث.
ويتضمن الطرح خمس نقاط اساسية، تبدأ بوقف استقبال النازحين السوريين والفلسطينيين القادمين من سوريا، وضبط الحدود على نحو كامل باستثناء الحالات الإنسانية والصحية الطارئة، التي تتطلب قراراً معللا من وزيري الصحة والداخلية. والتنسيق مع الدولة السورية من أجل إعادة النازحين إلى ديارهم، ولا سيما في المناطق الآمنة في الأراضي السورية، مع إعطاء الضمانات السياسية عند اللزوم لجهة أمن العائدين وحقوقهم. ولعل هذه النقطة هي الأكثر التباساً، اذ من يمكن ان يقدم «ضمانات سياسية» في ظل التفلت الامني غير المسبوق، وسلسلة التفجيرات الانتحارية المتنقلة في مختلف المدن والقرى السورية، وهو امر لا قدرة للحكومة السورية على ضبطه، فكيف بالحكومة اللبنانية، كما تضمن الطرح مقاربة مسألة انشاء تجمعات مدنية مؤقتة للنازحين الذين لا يتوافر لهم إمكان أو شروط العودة، وذلك على الجانب السوري من الحدود اللبنانية ـ السورية، مع تأمين وصول المساعدات الخارجية الإنسانية إليهم عبر لبنان. وسبق لهذا الطرح ان نوقش مفصلاً في مجلس الوزراء، لكن المنظمات الانسانية اعلنت انها لا تقبل ان تقدم مساعدات إلى النازحين طالما انهم موجودون في اماكن تعرض حياتهم للخطر.
وبحسب طرح «التغيير والاصلاح» يفترض العمل مع الدول والمنظمات الدولية المانحة من أجل «تأمين كل الحاجات الانسانية الطارئة من جراء النزوح، ومن اجل استضافة اعداد من النازحين في دول اخرى واعادة اعداد اخرى الى ديارهم او، إيوائهم في التجمعات المقترحة، اضافة الى اعتماد سياسة توجيهية موحدة من أجل قيام البلديات باحصاء النازحين في نطاقها، وتحديد مواقع وجودهم ومراقبتهم ومتابعة الأعمال التي يقومون بها، وإزالة أي بناء غير شرعي لهم، وضبط أي تحركات مشبوهة لهم على جميع المستويات ووقفها فورا، ومعالجة تفشي أي حالات صحية أو اجتماعية، والإفادة عن كل ذلك للجهات الرسمية المختصة». واعلن باسيل أن هذا الطرح قابل للتنفيذ في ظل الحكومة الحالية، ولا يتطلب قرارات حكومية استثنائية، بل جل ما يحتاج اليه، سياسة وطنية واعية وحازمة يتبناها رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وقرارات وزارية اعتيادية مرافقة لها.
وكانت وكالات الامم المتحدة قد اطلقت في مطلع حزيران الماضي نداءها الخامس إلى المجتمع الدولي، لجمع نحو 5,2 مليارات دولار حتى نهاية عام ٢٠١٣ لمساعدة السوريين المتضررين من النزاع. وسيذهب نحو 3,81 مليارات دولار لمساعدة نحو 3,45 ملايين لاجئ، وسيسمح 1,4 مليار دولار للأمم المتحدة بمساعدة حتى 6,8 ملايين سوري بقوا في بلادهم (بينهم 4,25 ملايين نازح)، فيما تطالب الحكومة اللبنانية بمنحة قدرها 450 مليون دولار. ورغم دمج الخطة اللبنانية التي عرضت في مؤتمر الكويت للمانحين مع خطة الامم المتحدة التي عرضت في جنيف، إلا ان الحكومة اللبنانية لم تتلق اي مساعدة من الجهات المانحة. وسبق للرئيس نجيب ميقاتي ان اعلن عزم الحكومة على انشاء صندوق ائتماني بادارة البنك الدولي لحث المانحين على دفع الاموال.
(الأخبار)