أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ان تفجير اللبونة بقوة إسرائيلية ليس ناتجاً من لغم قديم، بل من عبوتين زرعتهما المقاومة، وهما جديدتان. وأكد قائلاً «إننا لن نتسامح مع أي خرق بري لأرضنا». وأسهب خلال مقابلة مع قناة «الميادين» مساء أمس بالحديث عن حرب تموز عسكرياً وسياسياً وإنسانياً، وقال: «كنا مستعدين لمعركة طويلة ليس لأقل من ستة أشهر». وعن الخرق الإسرائيلي في اللبونة، اعلن السيد نصرالله أن «المقاومة زرعت عبوات جديدة قبل دخول القوة التي هي من لواء النخبة (غولاني)، ولم يكن التفجير ناتجاً من لغم من مخلفات الاحتلال عام 1948 كما تردد». واضاف: «العبوة الأولى فجرت في القوة الاسرائيلية الخاصة، وعندما تدخلت القوة الثانية فجرت العبوة الأخرى». وتكتم عن أهداف الخرق.
ولفت الى أن «خرق اللبونة ليس الأول الذي يقوم به جيش الاحتلال الاسرائيلي، ومن المضحك أنه بعد 65 سنة من التجربة مع الاسرائيلي يطلب أحد في لبنان من الامم المتحدة ان تردع اسرائيل».
وتابع: «بدأنا نشعر أخيراً بخروق اسرائيلية على الحدود ذات طابع عملاني لعمليات قد تستهدف المقاومة والناس، وهذه العملية في اللبونة قد لا تكون الاخيرة»، معلناً أنه «لن نتسامح مع الخروق البرية لأرضنا، سنواجه بالطريقة المناسبة في أي مكان نعلم فيه أن الاسرائيلي دخل الى اراضينا، فأي مكان يدخل اليه الاسرائيليون سنقطع أرجلهم».
ورأى أن صمت الطبقة السياسية اللبنانية عن الخرق «ليس مستغرباً، وبعض القوى في لبنان لا تعتبر إسرائيل عدواً». ووصف طلب رئيس الجمهورية ميشال سليمان تقديم شكوى ضد اسرائيل الى الامم المتحدة بأنه «موقف ضعيف»، موضحاً أنه «نقبل ان يساوي المجتمع الدولي بين الضحية والجلاد ونقبل ان يدين اسرائيل ويديننا. فمن حقنا الا نسكت عن اي خرق لأرضنا».
ولفت الى أنه «عندما حصل أسر الجنديين الاسرائيليين كنا جاهزين لمواجهة أي حرب وكنا ننتظرها سابقاً ونعتقد أنها تأخرت حتى عام 2006، والمقاومة لم تكن مرتبكة وقلقة بل كان لديها وضوح في المعركة؛ لأن هذا كان محضر مسبقاً».
واستطرد قائلاً: «في حرب تموز 2006 كان الهدف الاصلي الحاق القدر الاكبر من الخسائر في العدو، وفي بعض الاماكن تركنا للأخوة حرية التقدير، والاخوة قرروا ان يصمدوا حتى آخر نفس في مارون الراس. في عيتا كان لدينا عدد كبير من الاخوة وقد مرت فترة انقطع الاتصال معهم وعشنا في جو استشهادهم، وعندما عاد الاتصال معهم تكلم معي الحاج عماد مغنية وقلت له: «لا تلزمهم البقاء في المكان للقتال» ولكن الاخوة اخذوا قراراً بالبقاء حتى آخر لحظة. أما في بنت جبيل، فكان القرار بالبقاء والقتال حتى النهاية ومنع الاسرائيلي من الدخول اليها، ومن اليوم الاول كان حسابنا ان الحرب بالحد الادنى ستبقى لشهور وكنا جاهزين لذلك».
وأوضح انه «تمّ اعتقال عدد من العملاء خلال الحرب وتم تسليمهم للأجهزة الامنية اللبنانية ولم نصفّهم». ولفت الى أن «أحد أسباب فشل الاسرائيلي في الحرب هو ضعف المعلومات. فعندما قام بإنزال في مستشفى دار الحكمة في بعلبك ظن أن الاسيرين الاسرائيليين موجودان فيها» مؤكداً أنهما «لم يؤخذا الى بعلبك وبالتالي معطيات الاسرائيلي كانت خاطئة».
وأكد ان «الذي حمى بيروت خلال حرب تموز هو المقاومة وليس القرار السياسي، والاسرائيلي لا يسأل عن أي ضغط سياسي، فذهبنا الى معادلة الضاحية مقابل تل أبيب، كان لدينا القدرة على قصفها». وتحدث عن قصف البارجة الاسرائيلية الذي كان اولى المفاجآت وصواريخ «كورنيت» التي دمرت 200 دبابة ميركافا وملالات اسرائيلية «ولو استمرت الحرب اكثر من 33 يوماً لكنا دمرنا مئات الدبابات»، معلناً أن المقاومة حصلت على هذه الصواريخ قبل الحرب بمدة طويلة. وأوضح رداً على سؤال أنه «حصلنا على سلاح بشكل مباشر من سوريا، قبل حرب تموز»، لافتاً الى أن «جزءاً كبيراً من جاهزية المقاومة في لبنان كان يعتمد على السلاح من سوريا، وكثير من الصواريخ التي استخدمناها في حرب تموز كانت بصناعة سورية. ففي أثناء حرب تموز ومنذ بدايتها فُتحت مخازن الجيش السوري للمقاومة». وتابع: «سلاح الكورنيت قدمته لنا سوريا ونحن أخذنا سلاحاً من سوريا خلال الحرب للاحتياط لأننا افترضنا ان الحرب ستطول».
وكشف انه في أثناء الحرب حصل اتصال مع الرئيس السوري بشار الأسد بالقناة المختصة ونُقلت رسالة من الاسد إليه تؤكد استعداد سوريا للانخراط في الحرب ضد اسرائيل، وهو كان يرى ان «الهجمة اقليمية ودولية على المقاومة مع تواطؤ داخلي وانه لو تم القضاء على المقاومة فالمعركة ستستمر الى سوريا، وكان يفترض ان القوات الاسرائيلية قد تكمل من حاصبيا نحو المصنع ودمشق، وكانت القيادة السورية تدرس إمكان ان تبادر الى ادخال قوات سورية نحو حاصبيا لمواجهة القوات الاسرائيلية. وقلت للأسد إن وضعنا ممتاز ونتجه الى نصر وسيفشلون في تحقيق اي اهدافهم وانا لست قلقاً ولا اعتقد ان دمشق في دائرة الخطر ولذلك ادعو الى التريث وان لا تقدموا على اي خطوة، وقلت لا نريد ان تحصل حرب اقليمية في المنطقة وقادرون على ان ننتصر بهذه المعركة». وأوضح أنه «لم ننقل سلاحاً خلال حرب تموز من ايران لأننا لم نكن بحاجة اليه».
وأوضح ردا على سؤال، أنه «منذ بداية حرب تموز كان التركيز كله على موضوع سلاح المقاومة اي المقاومة، وعندما ذهبوا الى الحوار جاؤوا على قاعدة كيف سيحلون سلاح المقاومة والهدف الحقيقي لـ14 آذار أصلاً هو «اعطونا سلاحكم» وهمهم التخلص من المقاومة».
وأضاف: «موقف 14 آذار في الحرب كان معروفاً، ولكن رئيس الحكومة آنذاك فؤاد السنيورة ومن وراءه تبنوا اهداف الآخرين خلال الحرب».
وأشار الى أنه «حصل اتصال بنا من هذا الفريق خلال الحرب وعرضوا علينا شروطاً منها تسليم سلاح المقاومة والقبول بقوات متعددة الجنسيات لتنتشر في الجنوب وعلى طول الحدود مع فلسطين وسوريا، وتسليم الاسيرين، ولكننا رفضنا ذلك».
وتابع: «لم نشعر خلال الحرب بأن هناك رئيس حكومة او فريقاً سياسياً آخر يتعاطف معنا ولو إنسانياً، والسنيورة هو من قام بتأخير الحل في آخر الحرب، كان يجب على الحكومة أن تعطي قراراً للأمم المتحدة أننا قبلنا بالقرار 1701، ولكن بقي يومان او ثلاثة من دون ابلاغ القرار».
وقال: «فيما كانت إسرائيل تعترف بهزيمتها كان فريق السنيورة يأخذ قراراً بضرب أهم سلاح ساهم في انتصارنا، وفي 5 أيار 2008 وبعد إعلان لجنة فينوغراد أن أهم عوامل نصرنا كانت الاتصالات، أراد السنيورة وفريقه ضرب هذا السلاح».
وحول موقف رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون في حرب تموز، أوضح السيد نصرالله أنه «لم أُفاجأ بموقف العماد عون الداعم لنا»، لافتاً إلى ان من ميزات عون «ان ما في داخله يقوله لك، الموقف الذي كنا نتباحث به قبل الحرب ورؤيته للمقاومة والدفاع عن لبنان فهو كان حاسماً لخياراته». ووصف موقف عون خلال حرب تموز بأنه «تاريخي»، وهو حسم خياراته.
أما في موضوع الحكومة، فرأى «أن الكلام على حكومة حياديين هو احتيال، والظرف في البلد يفترض حكومة وحدة وطنية حقيقية»، وأكد أن «ما زلنا مع الرئيس تمام سلام ونؤيده كرئيس حكومة».
أما عن قول رئيس الجمهورية ميشال سليمان أنه «تم تشكيل حكومة من فريق واحد سابقاً ولم يكن فيها مشكلة»، فرأى السيد نصرالله أن «فيه مغالطة لأنه يوم كُلف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، فالأغلبية التي سمته قبلت بأن يشارك الفريق الآخر وميقاتي أخذ وقته للتفاوض». واستطرد «يخطئون بحق البلد اذا ذهبوا لتشكيل حكومة أمر واقع، وبهكذا حكومة يعني انهم يشطبون نصف البلد»، لافتاً الى أن «حلفاءنا لا يشاركون من دوننا بالحكومة ونحن كذلك».
ولفت إلى ان إقتراح الرئيس سعد الحريري بخروج تياره المستقبل وحزب الله من الحكومة هو مطلب أميركي. وعما اذا كان يتوقع ان يوقّع سليمان على تشكيلة حكومة أمر واقع، أجاب: «في السابق كنت لا اعتقد ولكن بعد خطاباته الاخيرة ربما يفعل».
و عن اتهام حزب الله بقصف الصواريخ على اليرزة رداً على موقف سليمان، وصف الأمر بـ«السخافة». وأعلن أن هناك خيوطاً واعدة في التحقيق الجاري بشأن متفجرة بئر العبد. واشار الى أن «السعودية تمارس عداوة مع حزب الله في السياسة والأمن والإعلام وكل شيء». ونفى أن يكون حزب الله قد خطف الطيارين التركيين أو كان على علم بالعملية.



السنيورة كان ليقطع رؤوسنا

أوضح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، أنه فوّض إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، التفاوض خلال حرب تموز وليس رئيس الجمهورية آنذاك إميل لحود، ليس لكون بري شيعياً، بل لأن الخارج قاطع لحود بسبب تمديد ولايته الرئاسية. وقال: «لم أكن لأفوض (رئيس الحكومة آنذاك) فؤاد السنيورة لأنه لم يكن موثوقاً به في هذا الملف، ومعركة التفاوض السياسي كانت مع السنيورة وفريقه السياسي قبل أن تكون مع الأميركي والأوروبي، ولو أعطيناهم رقابنا لقصوها». وأشار إلى أنه يأتمن الرئيسين سليم الحص وعمر كرامي «على دمائنا وأنفسنا وقضيتنا، والمسألة ليست طائفية أو مذهبية، بل سياسية».



جولة في بيروت

أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، أنه خلال حرب تموز 2006 تجول برفقة الشهيد عماد مغنية «وعدد من الأخوة» في بيروت «ولاحظنا الفرق بين الحياة الهادئة والسهرات والأعراس في العاصمة وبين مظلومية الضاحية». وتابع: «سرنا في الشوارع ليلاً وأكلنا سندويشات وبوظة ثم عدنا إلى الضاحية». وقال نصرالله: «شعرنا بأننا نعيش في دولتين مختلفتين، لكن ذلك أراحنا؛ لأن هدفنا كان حماية بيروت وأهلها من العدوان، وهذا شكّل لنا حافزاً إضافياً قبل إرساء معادلة بيروت مقابل تل أبيب».