صيدا ــ الأخبار في خطوة لافتة وستكون لها تداعيات سياسية وغير سياسية، اتهمت مصادر أمنية رسمية حركة «حماس» بعدم التعاون جدياً في توقيف مشتبه في تورطهم في عمليات قصف الضاحية الجنوبية في أيار الماضي. وقالت المصادر إنه بعد توافر معطيات لمديرية المخابرات في الجيش اللبناني حول عملية إطلاق الصواريخ على الضاحية، جرى التعرف إلى هوية أحمد محمود طه، فلسطيني من مواليد بيروت عام 1983، ويسكن في الشارع العريض في حارة حريك، ولديه محل لتصليح وبيع أجهزة التلفزيون. وتشتبه الاجهزة المعنية بالتحقيقات في أن طه مسؤول عن عملية إطلاق الصواريخ، بالتعاون مع آخرين، تبين من التحقيقات أنهم فلسطينيون، يقيمون في أكثر من مخيم في لبنان، وتربطهم علاقة بحركة حماس.
وطلبت الاستخبارات من «حماس» مساعدتها في الوصول الى أحمد طه، فنفت علمها بمكانه، مؤكدة أنه ليس عنصراً فيها، حتى ولو كان أفراد من عائلته أعضاءً في الحركة. ثم لبّت طلب الجيش تسليمه فادي طه، شقيق أحمد، بداعي سؤاله عن أخيه، وهو لا يزال موقوفاً لدى الاستخبارات رهن التحقيق، وإن كان ليس متهماً كما تقول الاجهزة المعنية.
لكن المصادر الرسمية قالت إن الاستخبارات العسكرية طلبت من «حماس»، أيضاً، تسليمها أحد مسؤوليها في مخيم الرشيدية جنوبي صور، المدعو علاء الدين محمود ياسين (مواليد 1/6/1989 والدته انجي أحمد ياسين، ويقيم في شارع ياسين في المخيم نفسه)، وذلك لكون المعطيات تشير الى أنه كان من يشغّل طه في عملية قصف الصواريخ والإعداد لعمليات إرهابية أخرى. لكن «حماس» لم تلبّ الطلب بعد.
وكان مقرراً، أمس، أن يقوم وفد من «حماس» برئاسة ممثلها في لبنان علي بركة بزيارة لرئيس فرع مخابرات الجنوب في الجيش العميد علي شحرور في مكتبه في ثكنة زغيب في صيدا، وذلك في إطار زياراتها الدورية للقيادات الأمنية. لكن الزيارة لم تحصل واقتصرت وجهة الوفد على مجدليون حيث زار النائبة بهية الحريري.
أوساط قريبة من «حماس» كشفت أن الزيارة أرجئت بطلب من شحرور الذي فضّل تأجيلها إلى موعد يحدده قيام الحركة بتسليم شخص تريده مخابرات الجنوب للتحقيق معه في أعمال أمنية. وقد طلبت الأخيرة من «حماس» المساعدة في توقيفه، إذ تتوافر معلومات أنه موجود في الجنوب، لكنها لا تزال تتنظر تلبية طلبها.
وفي ما خص ملف مخيمات بيروت، جرى تواصل بين مسؤولي حماس في لبنان مع مديرية المخابرات في الجيش ومع قوى الأمن الداخلي وحزب الله، وكانت حماس مشغولة في الرد على ما تصفه بـ«الإشاعات عن مشاركة عناصر منها في بعض الاعمال الارهابية».
ويقول بركة إن «التنسيق مع حزب الله شغّال، ولم ينقطع التواصل مع قيادات الحزب للحظة». كذلك عقدت الحركة لقاءً مع أهالي المخيمات ووجهائها ومسؤولي الفصائل فيها للعمل على منع الانجرار الى أي إشكال مع حزب الله. وفي هذا الإطار، كشف بركة نفسه أن مديرية المخابرات في الجيش طلبت من «حماس» تسليم فادي طه، شقيق المشتبه فيه بإطلاق الصواريخ على الضاحية الجنوبية الفلسطيني أحمد طه. وبحسب بركة، تجاوبت الحركة فوراً مع المطلب وسلمته قبل ثلاثة أيام إلى مسؤول المخابرات في الضاحية الجنوبية. وإلى جانب فادي، سلمت الحركة قريباً له بصفتهما شاهدين، لمعرفة بعض المعطيات عن تحركات أحمد المتواري عن الأنظار، لا كمتهمين. ولفت بركة إلى أن فادي وقريبه ليسا عنصرين في «حماس». وقال: «ليس لدينا مطلوبون أو متهمون بإطلاق صواريخ»، مؤكداً حرص «حماس» على «التعاون مع مديرية المخابرات لجلاء الحقيقة ومع كافة المؤسسات والأحزاب اللبنانية من أجل محاصرة أي محاولة لإشعال الفتنة».
من باع الصواريخ؟
وبعد تفجيري الرويس وبئر العبد، ازدادت التحقيقات والتواصل، خصوصاً بعدما تبين أن الصواريخ التي أطلقت على الضاحية تم شراؤها من تاجر سلاح في مخيم البرج (أ. خ.). ومن المعروف عن التاجر الذي أمّنها أنه من أشد المؤيدين للمقاومة. وقال إنه باعها لجهات يعتقد أنها تريد إطلاقها على العدو الاسرائيلي كما جرت العادة. وأكّد أنه باع في السابق صواريخ أطلقت من الجنوب باتجاه العدو الاسرائيلي. وبعد سقوط صاروخي الـ107 على الضاحية، أبلغ حزب الله أنه باع صواريخ لطرف ثان باعها بدوره الى طه.
أما في ما يتعلق بسيارة الـ«كيا» التي فجّرت في بئر العبد، فيتردد بقوة أنها نقلت، بعد سرقتها من صاحبتها في منطقة خلدة، الى مخيم برج البراجنة، ومن هناك خرجت الى المرأب الذي انفجرت فيه. وحصلت مداولات وعمليات تفتيش للتأكد مما إذا كان تفخيخها تم في المخيم نفسه.
لكنّ مسؤولي الفصائل الفلسطينية يستبعدون أن تكون السيارة قد فخّخت في المخيم. ويقول أحدهم إن «أغلب الملاجئ الموجودة في المخيم والتي يمكن العمل فيها من دون مراقبة تقع تحت سيطرة الفصائل الموالية لحزب الله والنظام السوري». يضيف هؤلاء إن «هناك احتمالاً أن تكون قد فخّخت في صبرا، حيث تعمل مجموعات ضد حزب الله». وعن الأماكن المحتمل العمل فيها، يسمّي الرجل مناطق تقع «خارج حدود المخيم حيث لا سلطة لنا».
ما هو دور نعيم ع.؟
في السياق نفسه، كشف مصدر أمني لـ«الأخبار» أن الفلسطيني نعيم ع. خرج من عين الحلوة بتاريخ 14 آب الجاري وأمضى خارج المخيم أكثر من ست ساعات قبل أن يعود متخفياً بطريقة غير شرعية عبر أحد المسارب. وفي الخروج الذي سجل قبل يوم واحد من تفجير الرويس، حلق عباس لحيته وغيّر في شكله الخارجي. وترددت معلومات أنه غادر المخيم في شهر رمضان الفائت أيضاً ومكث خارج المخيم حوالى ثلاثة أيام قبل أن يعود.
وقال المصدر إن نعيم واحد من أبرز المطلوبين، وكانت حركته لافتة في الفترة الأخيرة، خروجاً وعودة إلى مكان إقامته في حي حطين في المخيم، إذ غادر المخيم قبل أسبوع من إطلاق صاروخين على الضاحية الجنوبية. وكان لافتاً غيابه الطويل مرة واحدة، إلى أن عاد منتصف تموز الماضي. وتكتسب عملية تعقب تحركات نعيم أهمية خاصة، لكونها ارتبطت سابقاً بالإعداد أو بتنفيذ عمل تخريبي. وقد ارتبط اسمه بعمليات إطلاق صواريخ باتجاه الأراضي المحتلة انطلاقاً من الجنوب، والتي كانت شبيهة بصواريخ الضاحية. المصدر رجّح ارتباط نعيم بمجموعة داريا، التي كشف قيام عناصرها بزرع ثلاث عبوات لم تحدد أمكنتها بعد. ولفت المصدر إلى أن نعيم موجود حالياً في حي حطين في عين الحلوة حيث يشكل منزله مركز لقاءات مسؤولي مجموعات بقايا «جند الشام» و«فتح الإسلام»، علماً بأنه لم يغادر الحي باتجاه حي الطوارئ الذي لجأ إليه معظم أمراء ومسؤولي الجماعات، مثل بلال البدر وهيثم الشعبي.
ويعدّ نعيم ع. (43 عاماً) أحد الناشطين في الدائرة المشتركة بين تنظيمي «القاعدة» و«فتح الإسلام»، ويمتاز بالاحتياطات الأمنية العالية التي يتخذها. فعلى سبيل المثال، لا يتوافر رسم أو صورة له لدى الأجهزة الأمنية الفلسطينية واللبنانية.