علمت «الاخبار» ان المقاومة الاسلامية اعلنت الاستنفار العام في صفوفها. وتقرر رفع مستوى الجهوزية البشرية وكافة الاجراءت المرافقة في جميع الوحدات العسكرية والقتالية في المقاومة، وفي كل مواقع انتشارها. وهو تدبير يشمل، عملياً، مجموعات الحزب الموجودة داخل سوريا. وقد باشرت المقاومة اجراءاتها بصمت ومن دون ملاحظة احد، مقابل نشاط لافت من جانب قوات الطوارئ الدولية لمتابعة هذه الخطوة.
ففي ليل أول من أمس، أعلمت قيادة «اليونيفيل» عناصر وحداتها وموظفيها المدنيين الأجانب، نيتها ترحيل عائلاتهم المقيمة في لبنان إلى بلادهم. مصادر بعثة حفظ السلام في جنوب لبنان، كانت تصر، حتى مساء أمس، على أن قائدها الجنرال باولو سييرا لم يوقع قرار الترحيل بعد ويتريث في اتخاذه حتى الاقتناع كلياً بالحاجة إليه في الوقت الراهن. إلا أن مسؤولاً بارزاً في قسم الشؤون السياسية أكد أمام عدد من الأمنيين اللبنانيين أن «اليونيفيل» ستبدأ الأحد المقبل ترحيل العائلات عبر مطار بيروت الدولي.
وفي التعميم الداخلي الذي وزعته على أسرتها، لم تحدد قيادة «اليونيفيل» السبب المباشر خلف قرار الترحيل الذي لا يمكن فصله عن التطورات الإقليمية المرتبطة بالأزمة السورية والتهديدات الغربية بضرب سوريا. رغم أن مصادر القوات الدولية تدرج القرار في إطار الإجراءات الوقائية التي تتخذها بعثات الأمم المتحدة المنتشرة في العالم لحماية عناصرها في حال وقوع أو احتمال وقوع تطور أمني إقليمي أو محلي في المنطقة التي تنتشر فيها، ما قد يعني أن بعثة الأمم المتحدة، ربما، تلقت معلومات أو إيحاءات سرية ما في ما خص النوايا الغربية تجاه سوريا ومخططات مجلس الأمن الذي تتبع «اليونيفيل» له.
مصادر مواكبة لفتت إلى أن سيرا وحده هو المخول التوقيع على قرار كهذا، لكونه رئيس بعثة حفظ السلام في جنوب لبنان. مع ذلك، فإن قراراً مفصلياً مماثلاً يتخذه بعد التشاور مع مساعديه العسكريين والمدنيين في قيادة البعثة. لكنه في الأساس يكون مستنداً إلى مشاورات مع ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان وسفارات الدول التي لديها وحدات فاعلة عاملة ضمن القوات الدولية، لا سيما إيطاليا وفرنسا وإسبانيا، فضلاً عن تقارير استخباراتية تصل إلى القيادة من أجهزة الإستخبارات التابعة للوحدات من جهة وللسفارات من جهة أخرى.
في كل الأحوال، لا يمكن إقناع الجنوبيين وأسرة اليونيفيل نفسها بأن هذا القرار عادي ووقائي فحسب. إنه قرار «خطير في شكله وتوقيته يجب التوقف عند دوافعه وخلفياته وحيثياته» تقول المصادر. جملة من التحليلات تتدفق في أذهان المعنيين في الجنوب: «هل هو نموذج لكيفية تعاطي اليونيفيل مع المواقف المصيرية في المنطقة؟. وهل سيتوقف الأمر عند ترحيل عائلات الأجانب، أم سيعقبه لاحقاً قرار بتقليص عدد القوات العسكرية؟. وهل تلقت «اليونيفيل» أو سفارات بلادها في لبنان، إشارات سلبية عن المرحلة المقبلة التي ستشهد تطوراً في الملف السوري وهل تتخوف من تداعيات حرب محتملة على سوريا قد لا تكون محدودة كما يروج الغرب؟. أم أن قرار الترحيل انعكاس للارتباك الأممي من التزام حزب الله الصمت حيال التهديدات الغربية بالحرب على سوريا واشتراك العدو الإسرائيلي بالتهويل بها وإعلانه الاستنفار العام على حدوده الشمالية؟.
مهما تكن النوايا والدوافع، يكشف القرار الأممي مجدداً سوء فهم اليونيفيل ذاتها لروحية وطبيعة مهمتها في جنوب لبنان. إذ مرة أخرى تتصرف على أنها طرف سياسي في الأزمات الإقليمية أو المحلية، وليست بعثة لحفظ السلام في الجنوب. وبرغم الانهيارات الأمنية المتلاحقة في المنطقة، حافظت منطقة القرار 1701 على هدوئها، فعلى ماذا تخشى «اليونيفيل»؟.
وفي الساعات الماضية، تهافت الموظفون الأجانب في بعثات الأمم المتحدة في الجنوب والمقيمون في مدينة صور وضواحيها، على المصارف لسحب كميات من الأموال لضمان توافر السيولة المالية بين أيديهم. في حين شوهد عدد منهم يقوم بشراء كميات من المواد الغذائية والتموينية من المحال التجارية في المنطقة.
واللافت وسط كل هذا بأن الإجراءات الأمنية لوحدات «اليونيفيل» لا تزال على طبيعتها، ولم ترفع قيادتها حتى الآن درجة التأهب والاستنفار الذي ينعكس على تنقلاتها وسير دورياتها.
وفي حين أن الكثيرين لا يستغربون إجراءات بعثة اليونيفيل، إلا أنه كان لافتاً دعوة قيادة جنوبي الليطاني في الجيش أمس إلى اجتماع هو الأول من نوعه، للبحث في سبل مواجهة حصول حدث طارئ. في السابق، جرت العادة بأن تدعو وحدات اليونيفيل أو أجهزة الدفاع المدني أو اتحادات البلديات إلى اجتماعات مماثلة لمواجهة كوارث قد تحصل في المنطقة. لكنها المرة الأولى التي يدعو فيها الجيش إلى اجتماع مماثل، شارك فيه رؤساء بلديات وقيادات أمنية وضباط من اليونيفيل والدفاع المدني، لتنسيق خطة مواجهة إشكال ما. فما هو الإشكال الذي يتوقع الجيش حصوله؟
في مجال آخر، مدّد مجلس الأمن الدولي أمس ولاية قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان حتى آب 2014. وحث إسرائيل على «سحب جيشها من شمال قرية الغجر من دون مزيد من التأخير».