الحرب الدائرة في سوريا تقتل المواطنين، تقضي على المؤسسات والاقتصاد، تدمّر البلاد ومنشآتها، وتقضي أيضاً على تراثها وتاريخها وآثارها. لا ترف في الحديث عن هذا الموضوع. فتدمير الآثار أو سرقتها والمتاجرة بها ليس إلا الوجه الآخر لعملة واحدة تهدف إلى قتل سوريا على كل الأصعدة. وهو أمر لا يحدث بشكل فوضوي، بعدما باتت عملية سرقة المواقع الأثرية ممنهجة، ويجد المتورّطون فيها، من سارقين ومهرّبين، ما يبرّرون به فعلتهم البشعة وغير القانونية. الحادثة الأخيرة التي تعيد هذه القضية إلى الضوء هي محاولة تهريب 18 قطعة فسيفساء كانت الجمارك اللبنانية قد ضبطتها قبل عام ونصف العام. وتسلّمها اليوم المديرية العامة للآثار اللبنانية إلى وفد من المديرية العامة للآثار والمتاحف السورية.
وفي التفاصيل التي حصلت عليها «الأخبار» أن عملية تهريب القطع جرت في شهر تشرين الأول ــ أكتوبر 2012. يومها عبر الحدود اللبنانية باص سوري يحمل رقماً من محافظة إدلب، وكان على متنه عدد ضئيل من الركاب. لا شيء مريباً للمارّ على الطريق. ولكن، ولغاية ما، أوقف حاجر طيّار للجمارك اللبنانية الباص، وطلب من سائقه الترجّل وفتح غطاء الأمتعة في الجزء السفلي، فكانت المفاجأة: 18 قطعة فسيفساء ملفوفة ومكدسة بعضها فوق بعض. كانت قطع الفسيفساء موضّبة كما يوضّب السجاد في البيوت، وهذا هو الاسم الذي يطلقه عليها المهرّبون: سجاد. ذلك لأنه حين يجري نزعها من الأرض، تغطى بقطعة من القماش عليها لاصق قوي يقتلع الحجيرات الصغيرة الملصقة بعضها ببعض منذ أكثر من 2000 سنة، ثم يبدأ بلف الفسيفساء مثلما يُلفّ السجاد، وترفع عن الأرض، وحينما تقع الأحجار الصغيرة، يجري التقاطها لأنه حينما يعاد فتح الفسيفساء ترمّم بحجارتها الأصلية. وهذا ما حصل مع الفسيفساءات المكتشفة، التي سلّمتها الجمارك إلى مكتب السرقات الدولية. وكشف علماء آثار من المديرية العامة للآثار اللبنانية على القطع وأكدوا للسلطات اللبنانية أنها أصلية، وسورية المصدر. وأتى تقرير المديرية ليشكل الفاصل في المحكمة التي مثل أمامها سائق الباص بتهمة التهريب، مع أن محاميه حاول مراراً تغيير الجنحة من تهريب إلى نقل مقتنيات شخصية حديثة الصنع، إلا أن المرافعات لم تنفع أمام تقرير عالمة الآثار، لور سلوم.
هكذا صدر الحكم بإعادة القطع إلى سوريا، فحفظتها المديرية العامة للآثار في مخازنها، وبدأت المراسلات مع السلطات السورية التي بعثت فريقاً أوّل لمعاينة القطع والتأكد من أنها سورية المصدر. فتم اللقاء في حزيران في أحد مخازن المديرية، وحضر من الشام للمهمة المدير العام للتنقيب والدراسات الأثرية أحمد الطرقجي، ومدير مخابر الترميم العلمية الدكتور كميت عبدالله وهو مختص في الفسيفساء، وكان معهم ماهر جباعي مرمّم فسيسفاء. عُرضت القطع أمام الفريقين، وكانت الوجوه تتلبّد، وتتبدّل المعالم، كلما تم الكشف عن قطعة تلو الأخرى. في بداية اللقاء كان السوريون مستمعين، يصغون إلى زملائهم اللبنانيين، ولا يبدون رأيهم بسرعة، ويستفسرون بأسئلة بسيطة. وكانت البداية مع قطع فسيفساء في حال من التدهور الكبير، فكانت القطع الحجرية الكبيرة نسبياً (مربعة الشكل من سنتيمتر واحد) تقع على الأرض، ما صعّب على الحضور تحديد شكل الرسمة الأصلية في اللوحة. والأخيرة كانت قد قطعت إلى 11 قطعة صغيرة مربعة الشكل، بحيث وجب وصل هذه القطع بعضها ببعض لمعرفة صورة اللوحة كاملة. ثم بدأ فكّ الفسيفساءات التي تصغر فيها القطع الحجرية، وبدأت تبرز الوجوه على اللوحات والكتابات بالأحرف اليونانية. تصوّر إحدى اللوحات مشاهد من ملحمة هوميروس Odyssée وقد كتبت أسماء الشخصيات المصوّرة باليونانية. وبقي التشويق سيّد الموقف حتى جرى فتح آخر قطعة وهي الأكبر حجماً 3.40 *2.10، والتي تتميز عن باقي القطع بدقة رهيبة في التصوير وباستعمال حجارة لا يتعدى حجمها 3 ملم. وكانت اللوحة تصوّر فصول السنة الأربعة بشكل وجوه على الزوايا، أما في الوسط فرسوم لشخصيات وللحياة اليومية، وبرزت في الإطار الخارجي لوحات للأبراج الفلكية المعروفة اليوم، ما شرحه مدير مخابر الترميم العلمية الدكتور كميت عبدالله بالقول إن «تصوير الأبراج بشكلها الحالي يعود إلى القرون الماضية، وكانت قد اكتشفت على قطع فسيفساء أخرى». وعن صحة هذه القطع، يؤكد أنه «لا يمكن الجزم إلا بعد دراسة طرق قطع الحجارة في مختبرات ترميم المديرية في الشام». وأكد أن القطعة الأخيرة «متحفية من الطراز الأول. وتعدّ لوحة فنية قيمة من الناحية الفنية ومصدرها شمال سوريا».
وتجدر الإشارة إلى أن بعض القطع قد لا تكون أصلية بأكملها ولكن أضيفت إليها تفاصيل ووجوه، وذلك بهدف رفع سعر مبيعها في السوق، وهذا ما يشرح وضوح التفاصيل في هذه القطع من الفسيفساء، فتبدو كأن صف الحجارة كان على القماش، أي إنها غير منتشلة من الأرض.
وفي انتظار الإجراءات المخبرية في الشام للتأكد من أن القطع أصلية، يمكن التأكيد أن هذه أول عملية تبادل قطع أثرية سورية منذ اندلاع الاحداث في سوريا. ويشهد المدير العام للآثار والمتاحف في سوريا الدكتور مأمون عبد الكريم بأن «لبنان هو من الدول المجاورة الوحيدة التي أبلغتنا وتواصلت معنا بخصوص قطع أثرية تم تهريبها ومن ثم احتجازها. وهذه العلاقة الإيجابية تؤكد أن لبنان هو المهتم حقيقة بمكافحة تهريب الآثار السورية، ومشكورة له جهوده وصدقيته».
من جهته، يؤكد الدكتور أسعد سيف أن «تبادل القطع جرى بين الإدراتين العلميتين في البلدين، اللتين تعنيان بالمحافظة على الآثار ».

السلاح مقابل الآثار
يشرح المقدّم نقولا سعد، من مكتب السرقات الدولية، والمحقق في قضية الفسيفساء أن «عمليات تهريب الآثار السورية إلى لبنان هي واقع نتعامل معه منذ سنين، ولكنه في تزايد منذ اندلاع الحرب، ويوجد لدينا أكثر من 60 تقريراً عن سرقات وقعت في السنتين الأخيرتين، ويعدّ هذا العدد مرتفعاً لأنه دلالة واضحة على ضخامة التهريب. فالحرب الدائرة في الأراضي السورية تغرق البلاد أكثر فأكثر في دماء أهلها أولاً وفي كمّ هائل من الدمار ثانياً. وحيث لا تطال القذائف تذهب المعاول. المواقع الأثرية، حتى تلك البعيدة المنال، لم تسلم من حمى الحرب الدائرة. هناك، لم يغرق تاريخ سوريا في الردم بل في التراب المحمّل بالقطع الأثرية. فالتلال الأثرية باتت أرضاً مباحة، وكلّ يجد في الحفر فيها غايته ومبتغاه. منهم من يبرّر نبش الآثار ليلصقه بقضية، وآخر من يبرّره لمحاربة العوز! مقاتلون من الجيش الحرّ أقرّوا في أكثر من تقرير صحافي بأنهم يجيّشون قسماً من المقاتلين للتنقيب على الآثار بغية مقايضتها بأسلحة، وهذا ما يؤكده علماء آثار يتابعون وضع السوق عن كثب، بل يذهب أحدهم، وقد طلب عدم الكشف عن اسمه، الى أبعد من ذلك، فيحدّد أن الاتجار «سلاح مقابل الآثار» يتم حالياً، وبشكل مكثف في تركيا وليس في لبنان. فالطرقات المؤدية الى لبنان باتت أرض معارك في أكثر من موقع، في حين أن الحدود مع تركيا مشرّعة، والتجار كثر ويتحرّكون بسهولة كبيرة، والطائرات تنقل البضائع الى المواقع المختارة».
أما عن طرق التهريب فهي كثيرة ومعقدة، فلكل شبكة رجالاتها ومعابرها وأبطالها... ولا يخلط المهرّبون البضائع ولا الطرق. كل يعمل في قنواته، هذا ما يؤكده المقدّم سعد. بالنسبة إليه، «لكل شبكة تهريب مخططاتها وعملاؤها وعملاتها! وتختلف القنوات بين الدول المصدّرة للممنوعات وتلك المستوردة. ففي حين أن لبنان مستورد للسلاح فهو مصدّر للآثار أيضاً. لذا، فالاتجار بالآثار لا يختلط أبداً مع الاتجار بالسلاح». فتجار السلاح يملكون اتصالات على مختلف الصعد ولا يخاطرون أبداً بممرّاتهم للآثار، ولا يقايضون السلاح بالقطع الأثرية لأنهم لن يعملوا على بيعها، فهم يقبضون أموالهم عدّاً ونقداً. ولكن من يقايض السلاح بالآثار هم السماسرة والباعة المحليون، الذين يبيعون القطع، أو حتى يهدونها لحماتهم من السياسيين المحليين الذين يعتبرونها تزيدهم شأناً! فتكون الصفقة مربحة للكل، إلا للبلد المصدّر بالطبع. ولكن، بما أن تجارة الآثار هذه تهدف إلى تمويل حرب لها المؤمنين بها، فهي بنظرهم لم تعد غير مشروعة، بل شرّعوها، وسهلوا ممراتها.
وبالنسبة الى طرق التهريب، يقول المقدّم سعد إن «خارطة تهريب الممنوعات تقسم العالم الى قسمين: مصدّر ومستورد، ويمكن الدول أن تكون مصدّرة لبعض الممنوعات ومستوردة لأخرى. فلبنان مستورد للسلاح والسيارات المسروقة ومصدر للآثار والحشيشة. وبالنسبة إلى الآثار السورية فهو ليس وجهة نهائية بل معبر، لذا قد تستخدم طرق التهريب نفسها للقطاعين». ولضمان نجاح عمليات التهريب من هذا الحجم، هناك تواطؤ من داخل الأجهزة الأمنية العاملة على كل حدود الدول، المصدرة والمستوردة في آن واحد. الأمن العام والجمارك هما المعنيان بهذا الموضوع، وتواطؤ بعض من أفرادهم يضمن وصول القطع. وبات هناك تعرفة متفق عليها بين المهرّبين والمتواطئين، وتختلف التعرفة بحسب الكمية والحجم والأهمية للقطع المهربة. وعادة تفضح عملية التهريب حينما لا يتم التوافق على التعرفة... فتأتي «الدزّة» أو المعلومة التي تصل الى السلطات غير المتواطئة عن عملية التهريب، فيجري توقيفها. ولكن، ما دام الاتفاق والتسعيرات متفقاً عليها... فالتهريب ساري المفعول».

سطح القمر أو التل الأثري؟
لا إحصاءات رسمية عن حجم السرقة في سوريا، ولكن الصور الجوية قد تكون حالياً الإثبات الوحيد. في معهد الأمم المتحدة لصور الأقمار الاصطناعية، تؤكد المراجع عدم توافر صور للمواقع المنتشرة على نهر الفرات، وخاصة في منطقة الحسكة، ولكن دراسة تفصيلية لصور أفاميا التي تقارن بين عامي 2011 و2012 تبرز تحوّل التلّ الأثري إلى مشهد من سطح القمر. فأكثر من 5000 حفرة يصل قطر بعضها إلى مترين أو أكثر انتشرت في الموقع. ويخاف علماء الآثار من أن يكون الأسوأ من ذلك يحصل في موقعَيْ دورا اوربوس وماري. ويؤكد المدير السابق للحفريات الأثرية في سوريا، الدكتور ميشال المقدسي «أن أخباراً وصلت عن انتشار جماعات مسلحة (غير مقاتلة) حول الموقعين الأثريين لحماية العمال المنتشرين على أرضهما، الذين ينبشون الموقع بلا انقطاع».
ولكن من يسرق الآثار في سوريا حالياً؟ لكل منطقة شبكة خاصة بها. ففي المناطق الحدودية مع تركيا، الخاضعة لسلطة الجيش الحر، تنشط مافيات التهريب والاتجار بالسلاح، في حين تنشط في المناطق التي لا تزال تحت سيطرة الجيش السوري النظامي المافيات المصدّرة للقطع إلى سوق الآثار. والمؤكد أن النبش جارِ في كل الأراضي السورية، ولكن يختلف بحسب درجات الأمن والعوز.
والجدير ذكره أن سرقة الآثار ليست جديدة في سوريا، بل هي مشكلة معروفة وتعالج منذ سنين طويلة، وتصل عقوبة القانون السوري على سرقة الآثار والاتجار بها إلى20 سنة من السجن. ولكن الحرب الدائرة في العراق، وتهريب الآثار العراقية عبر سوريا ولبنان، ضاعفا كثيراً من قوة القطاع داخل الأراضي السورية، لأنه من المعروف أن مافيا تجارة الآثار تنشط حينما تشتعل الصراعات في الدول المصدّرة للآثار، إذ يصل التجار ويحكمون الطوق على الحدود، ويرسلون عملاءهم إلى داخل البلاد. وفي أول أيام الاقتتال تدفع المبالغ الهائلة مقابل قطع أثرية عادية، فيكون ذلك بمثابة طعم وشرك، لكن ما إن تقع فيه الفئات الباحثة عن السيولة حتى تعود الأسعار إلى الانخفاض ويبدأ نزف القطع. ولائحة المشتركين في تهريب الآثار طويلة: تبدأ بالمزارع الذي يبحث عن القطع الأثرية ليبيعها في السوق، إلى السمسار الذي يشتريها منه فيحيلها على التاجر المحلي الذي يوصلها بدوره إلى تاجر ثانٍ على اتصال بشبكة التهريب، والأخيرة تعبر بها الحدود إلى التاجر الأكبر في البلد المجاور الذي يقيم الاتصالات بالسمسار الدولي، فيعمل هذا الأخير على إيصالها إلى تاجر أكبر في العواصم الكبرى يكون له ارتباطات سياسية واجتماعية «عالية الشأن». يشتري الأخير القطعة ويعمل علي بيعها إما إلى المتاحف، أو لعاشقي جمع التحف الأثرية مباشرة (ويكون لديه زبائنه) أو لصالات عرض تعتبر ذات شأن عالٍ.
كيف نحمي الآثار؟
في ظل هذا الفلتان على الحدود، وتعاظم قدرة التهريب للمقتنيات الأثرية، وعدم تكافؤ جهود الدول المحاذية لسوريا، وفي غياب ضمائر الدول المستوردة للآثار، تصبح المنظمات غير الحكومية والعالمية الملجأ الوحيد للحدّ من هذا الاتجار. فتطلق منظمة اليونسكو نداء استغاثة كلما طالت القذائف المواقع الأثرية، وتدرج مواقع التراث العالمي السورية على لائحة المواقع المهددة بهدف حثّ القوات المتقاتلة على تحييدها، وتنضم اليها كل المنظمات الأخرى. ولكن، بغياب قوات فعلية على الارض، تبقى تلك النداءات مجرد كلام لا يغير في أرض الواقع. ولكي نصل إلى محافظة حقيقية على الآثار، يجب أن تفرض هذه المنظمات على الدول المستوردة للآثار قوانين صارمة تمنع الاتجار بالآثار. الحل لوقف النزف لا يكون من دول المصدر بل في السوق. يجب الحدّ من قوة هذه السوق، وتحويل هذه التجارة الى تجارة غير شرعية، ليس بحسب اتفاقيات اليونسكو فحسب، بل من خلال سنّ قوانين موجعة على التجار والسماسرة في دول الاستيراد.





لماذا تسرق الآثار؟


تنزف سوريا آثارها اليوم للأسباب نفسها التي سبقتها إليها دول مثل العراق، ولبنان، وفلسطين، وقبرص، ومصر، وكل دول أفريقيا، والهند، وأفغانستان... سوريا لا تنزف آثارها بسبب الحرب الدائرة فيها فقط، بل بسبب سوق الآثار الرائجة التي تنتظر الحروب لتثبت جبروتها في دول تدور الصراعات في حماها فتقتل مع ما تقتله مبدأ المحافظة على التاريخ والآثار.
سوريا تنزف آثارها لأن هناك دولاً تسمح لأفرادها ومتاحفها بعرض قطع أثرية لحضارات لا تمت إليها بصلة. سوريا تنزف آثارها لأن سوق الآثار هي الثالثة في العالم من حيث التهريب، ويقدّر المبلغ السنوي للقطع المبيعة في السوق بما يفوق مئات ملايين الدولارات. سوريا تنزف آثارها لأن بعضاً من أصحاب الملايين يهوون اقتناء القطع الأثرية ويؤمنون بأن شراء التحف «ينقذها» من براثن الدمار، فهم بالتالي فاعلو خير. سوريا تنزف آثارها لأن هناك من يعرف أن التحف الأثرية ذات مردود مادي عالٍ ودائم، وامتلاكها يعني حيازة كنوز. كل هذه الأسباب باتت شبه ثابتة في اللاوعي الجماعي، مع العلم بأن القسم الأكبر يدرك أن من الخطأ الحصول على الآثار، لكنها عندما تكون رمزاً للثراء، تُحنى لها الرؤوس.





تهريب ودهم


لا يوجد في لبنان شرطة متخصصة في سرقة الآثار وتهريبها، بل يجري التعامل مع كلّ معلومة تصل إلى فرع من مؤسسات الأمن على حدة. لكن بما أن سرقة الآثار تعدّ من الجرائم الدولية، يتولى مكتب السرقات الدولية الملفات التي تعنى بها، لا سيما القطع المعدّة للتصدير، أو الآتية إلى لبنان كجهة عبور. قبل أسابيع قليلة نشرت مجلة الـSunday Times البريطانية مقالة تشير فيها إلى مركز لبيع قطع أثرية في منطقة الشياح، مار مخايل، وأكدت كاتبة المقال التي انتحلت صفة شارٍ أن القطع أصلية. فما كان من مكتب السرقات الدولية إلا أن اعتبر المقالة بمثابة إخبار، وتم توقيف صاحب المحل ووضعت اليد على كامل المقتنيات.
وفي حين قال صاحب المحل إنه زوّر هذه القطع وأنه يعرف المصنع، أكد علماء الآثار، من المديرية العامة للآثار، في تقاريرهم صحة القطع المعروضة للبيع وأفادوا أنها رومانية وبيزنطية العهد، وأن قسماً منها مصدره تدمر. وبناءً عليه يقبع التاجر في السجن، والقطع في مخازن المديرية. اللافت أن علماء آثار سوريين، كشفوا على صور القط، فأكدوا أنها مزوّرة، لأن التفاصيل المنحوتة عليها غير معروفة في المواقع السورية، كما أن الاشكال الهندسية المعتمدة غير موجودة في ملفات الآثار السورية.