بعدما دخلت البلاد رسمياً حالة انتظار العدوان الأميركي على سوريا، وُضِع ملف تأليف الحكومة في الثلاجة، وكذلك ملف عقد جلسة «نفطية» لمجلس الوزراء المستقيل. وفي هذا الوقت، باشر تيار المستقبل الانسحاب من تعهداته الأخيرة بشأن القبول بحكومة سياسية يشارك فيها حزب الله، شرط عدم حصول قوى 8 آذار والتيار الوطني الحر على الثلث المعطل. وبعدما رفض الرئيس سعد الحريري فكرة النائب وليد جنبلاط بمنح كل واحد من طرفي الانقسام (8 و14 آذار) ثلثاً معطلاً في حكومة الرئيس تمام سلام، ولو بطريقة مموّهة، أبلغ الرئيس فؤاد السنيورة من يعملون على خط المفاوضات الحكومية أن تيار المستقبل لم يقبل أبداً بوجود حزب الله في الحكومة. وعاد السنيورة إلى طرح حكومة مصغرة تكنوقراط من 14 وزيراً. وأتى كلام السنيورة بعد 3 أيام من إبلاغ السفير السعودي علي عواض عسيري النائب ميشال عون رفض السعودية مشاركة حزب الله في الحكومة. لكن مسؤولين آخرين في تيار المستقبل أكدوا أن من يعبّر عن رأي التيار هو الرئيس سعد الحريري، من دون أن يغوصوا في صيغ الحكومة المقبولة من الحريري.
وكان السنيورة قد صرّح أمس بأن «هناك جهات في لبنان وخارجه تتعمد تخريب أو تشويه ما بناه اللبنانيون مع العرب والعالم من انفتاح واعتدال وحيادية وإرادة ثابتة بعدم التدخل في شؤون الآخرين والاحترام والالتزام بقوانين البلاد التي يعملون فيها».
وأشار إلى أن «ممارسات البعض على قلّتهم تدفعني إلى التحذير في هذه الظروف التي تضيق فيها الإمكانات ... لا يجوز لنا أيها الإخوة أن نخاف من العالم، لكننا أيضاً لا نريد أن نخيفه».
من جهته، أكد البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي أنه «لا يجوز بعد الآن أي تأجيل لتأليف الحكومة الجديدة، ونحمّل الأفرقاء الذين يماطلون مسؤولية نتائج هذا التأخير». ودعا الراعي خلال ترؤسه القداس الاحتفالي لراحة أنفس شهداء الجيش اللبناني في الذكرى السادسة لشهداء مخيم نهر البارد، لأن «تشدد كل المساعي الخيّرة الهادفة إلى توطيد الوحدة في وطننا من أجل حل أزمة تأليف الحكومة الجديدة».
وعبّر البطريرك عن تأييده لـ«الجيش وسائر الأجهزة الأمنية والعسكرية التي يقرها الدستور»، مؤكداً أن «ضمانة أمننا وسيادة وطننا هي الجيش والأجهزة المذكورة، وأن ما يتهددهما إنما هو السلاح غير الشرعي المتفشي في أيدي بعض المجموعات المنتشرة في البلاد، ومع الشعب نطالب بوضع الاستراتيجية الدفاعية المشتركة وإنهاء ظاهرة الأمن الذاتي».
أما وزير الطاقة والمياه جبران باسيل، فاعتبر أن هجوم مسلحي المعارضة السورية على بلدة معلولا السورية «ضرب لمشرقية المسيحيين وإشارة جدية إلى تنفيذ مخطط تهجير المسيحيين من الشرق». وأكد باسيل في مؤتمر صحافي عقده في البترون أن «هناك خيارين في لبنان عند المسيحيين، خيارنا السياسة المسيحية المشرقية التي تدعو إلى الانفتاح مع الجميع، والتي بدأت بتفاهم مع حزب الله ونريد استكمالها مع الآخرين، أما الخيار الثاني فهو القبول بوصول التكفيريين إلى الحكم تحت عنوان الديموقراطية».
وانتقد باسيل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، الذي «دعانا منذ أسبوع إلى إعادة النظر بموقفنا، ثم جاءت أحداث معلولا لتجيب عليه»، مؤكّداً أنه «لا يمكن التنكر للموقف المسيحي وما يراه أساقفتنا في سوريا والعالم العربي، وقدرنا البقاء في هذه الأرض، ولو دمرت أي كنيسة في لبنان أو سوريا فسنعيد بناءها».
من جهته، جدّد وزير الصحة العامة النائب علي حسن خليل الدعوة إلى المبادرة التي أطلقها الرئيس نبيه برّي في الأسبوع الماضي، لأنه «ليس ترفاً اليوم النقاش في ضرورة تشكيل حكومة بشكل سريع، حكومة جامعة، قوية، قادرة، تستطيع أن تعكس تمثيلاً حقيقياً وقادرة على تحصين الساحة السياسية الداخلية.
وأكد خليل في حفل تكريم للناجحين في الامتحانات الرسمية في بلدة ميس الجبل أننا «نعيش اليوم مرحلة من أصعب المراحل السياسية التي يمر بها وطننا لبنان، ومبادرة الرئيس بري هي تعبير عن حاجة فعلية لإطلاق نقاش جدي لإيجاد تسويات للأزمات القائمة، بدءاً من تشكيل حكومة جديدة في لبنان، والتي أصبحنا بحاجة ماسة إليها».
وعن الوضع في سوريا، أشار إلى أن «طبول الحرب تستهدف سوريا الدور والدولة والإمكانات والجيش، ونعبّر بكل وضوح عن رفضنا للتدخل العسكري الأجنبي في سوريا، ونعتبر هذا الأمر يصيب لبنان كما يصيب سوريا، وهو سيؤثر بالتأكيد بتداعياته المباشرة وغير المباشرة سلباً على لبنان».
كذلك رأى وزير النقل والأشغال العامة غازي العريضي أن «من الخطأ الكبير أن يراهن أحد في لبنان على ما يمكن أن تأتي به الضربات أو التطورات العسكرية في سوريا».
وفي احتفال لجمعية «التراث اللبناني» في الجبل بمناسبة تدشين متحف الفنان النحات عادل صالحة في رأس المتن، قال العريضي إن «مؤسسات الدولة يجب أن تعطى كل الإمكانات والطاقات، وفي الوقت نفسه أن تعمل بتنسيق متكامل في ما بينها، وخصوصاً المؤسسات الأمنية».
وقد استقبل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط في كليمنصو سفير أميركا الجديد ديفيد هيل، في حضور وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال وائل أبو فاعور. واستبقى جنبلاط هيل والوفد المرافق على مائدة العشاء.
من جهته، علّق نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق على التهديدات الأميركية لسوريا، مؤكّداً أنه «بعدما فشل الوكيل في تحقيق أهداف المتآمرين جاء دور الأصيل، وأن الذي كان يموّل ويسلّح سراً بالأمس، فإنه اليوم يموّل العدوان علناً، وأن من الدهشة والتعجب أن أميركا وإسرائيل ودول الخليج والتكفيريين القتلة في خندق واحد ضد سوريا».
وسأل قاووق فريق 14 آذار خلال احتفال تأبيني في بلدة عيناتا الجنوبية: «هل أخذتم في حساباتكم احتمال أن يفشل العدوان على سوريا؟»، وأشار إلى أن «ما عجزوا عنه طيلة سنتين ونصف في سوريا لن يستطيعوا تحقيقه بعدوان خارجي، والمهم هو معادلة الميدان». واعتبر أن «إعاقة تشكيل حكومة في هذه المرحلة الحساسة هي جريمة وطنية تعكس انعدام مسؤولية وطنية، وأن المطلوب هو الإسراع بتشكيل حكومة مصلحة وطنية».
كما أكد وزير الزراعة حسين الحاج حسن «أن أسباب تعطيل تشكيل الحكومة والعبور إلى الدولة يعود لفريق 14 آذار». وانتقد خلال إحياء حزب الله أسبوع أحد شهدائه في بريتال «الصمت العربي والدولي حيال ما يجري في معلولا على مرأى من العالم».
وكذلك اعتبر عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي فياض «أن ما يجري في سوريا هو مخاض لولادة نظام دولي جديد، بدءاً من النتائج التي ستخلص إليها هذه الأزمة».
وقال خلال احتفال تأبيني في بلدة الطيبة إن «فريق 14 آذار وضع عبارات غير ميثاقية عندما وضع فيتو صريحاً على مشاركة حزب الله في الحكومة»، معتبراً أن ذلك الموقف «خطير لأنه لا يحق لفريق لبناني أن يضع فيتو على فريق آخر ذي وزن تمثيلي في التركيبة اللبنانية».