اللاذقية ــ الأخبار ليل أمس، أكدت مصادر في البيت الأبيض في واشنطن لقناة «سي أن أن» أن طائرات إسرائيلية أغارت على منطقة اللاذقية السورية أول من أمس، مستهدفة قاعدة فيها أنظمة صواريخ «كانت إسرائيل تخشى أن ينقلها النظام السوري إلى حزب الله». طوال يوم أمس، كانت وسائل الإعلام الإسرائيلية تنشر الخبر، متحدثة حيناً عن مخزن لصواريخ «ياخونت» المتطورة المضادة للقطع البحرية، وطوراً عن صواريخ أرض ـــ جو استراتيجية.

في سوريا، وتحديداً في اللاذقية، وقع انفجار ضخم أول من أمس. قرابة الرابعة من بعد الظهر، دوى الصوت الذي قلما سمع أهل المدينة ومحيطها مثيلاً له. المدينة محاطة بقواعد عسكرية، وفيها عدد ضخم من العسكريين وعائلاتهم. سريعاً، جرى التداول برواية تتحدّث عن انفجار صاروخ داخل مخزن صواريخ، وأن الانفجار ولّد انفجاراً أكبر سُمِع صداه في اللاذقية ومحيطها على نطاق واسع. لاحقاً، جرى التداول برواية «أكثر دقة» تفيد بأن صاروخاً من فوق البحر أصاب ثكنة للدفاع الجوي على مقربة من بلدة صنوبر جبلة الواقعة بين مدينتي اللاذقية وجبلة.
على المستوى الرسمي، الصمت المعتاد. من تحدّث من الرسميين السوريين إما قال إن ما جرى «حادث عرضي»، أو صرّح بأن الانفجار يدخل في «خانة السري». في جميع الأحوال، كانت الروايات تتقاطع عند كون هدف الغارة هو ثكنة للدفاع الجوي السوري، متاخمة لبلدة الصنوبر جنوبي اللاذقية.
وهذه القاعدة تضم بطاريات صواريخ أرض جو من نوع S125 التي تسميها الدول الغربية سام 3. والمعلومات عن هذه الثكنة متوافرة على المواقع الإلكترونية التي تقدم خدمات عرض صور الأقمار الصناعية. وهذا النوع من الصواريخ من صنع الاتحاد السوفياتي في عام 1961، ويبلغ مداه نحو 35 كلم.
وكان يُعدّ من الصواريخ الاستراتيجية في العالم في سبيعينيات القرن الماضي، فيما أخرجته روسيا الاتحادية من الخدمة الفعلية في جيشها في أول التسعينيات، ولم تعد تستخدمه سوى كهدف طائر للتدريب. لكن هذا النوع من الصواريخ لا يزال في الخدمة الفعلية في عدد كبير من دول العالم، بينها سوريا، إلا أنه لا يُعدّ من «الصواريخ الاستراتيجية» إذا قيس بصواريخ من نوع أس 200 التي تملكها سوريا، أو صواريخ أس 300 التي جرى الحديث عن مباشرة روسيا بنقل منظومات منها إلى الأراضي السورية.
لكن الصواريخ الموجودة في ثكنة صنوبر جبلة تُعدّ في الحسابات العسكرية اللبنانية كاسرة للتوازن. فنظرياً، يمكنه إسقاط طائرات فوق المنطقة الشمالية لفلسطين المحتلة.
خلاصة القول إن صواريخ «صنوبر جبلة» بلا قيمة جدية سورياً، وكاسرة للتوازن لبنانياً. وفي حال صحّ ما أعلنه الإعلام الإسرائيلي والمصادر الأميركية، تُصبح مفهومة «حافزية» إسرائيل لقصف هذا الموقع.
في دمشق، وبعد أكثر من 24 ساعة على وقوع الانفجار، صرّح مصدر رسمي قائلاً إن صاروخاً سقط في ثكنة قرب جبلة الساحلية، «من دون أن يخلّف أضراراً تُذكر». وأضاف أن مصدر الصاروخ «لا يزال مجهولاً»!
التعامل الرسمي السوري مع الحدث أدى إلى سخط شعبي، وخاصة في صفوف مؤيدي النظام الذين طالب بعضهم بمن يخبره عن حقيقة ما جرى. أحد السكان المقيمين بالقرب من قاعدة الدفاع الجوي المستهدفة أكّد أن حالة الهلع التي أصابته وعائلته جرّاء الانفجار الحاصل جعلته يبحث وراء الخبر لمعرفة خلفيته، ليكتشف لاحقاً، حسب قوله، أن الرواية الإسرائيلية أقرب إلى الواقع من التوضيح الرسمي السوري الذي لم يوضح شيئاً في الواقع، وجاء فقيراً كالعادة.
وما زاد من القلق الشعبي الحريق الذي شبّ أمس في قرية جوبة البرغال على مدخل اللاذقية الجنوبي، قبل أن تجزم مصادر رسمية بأن لا صلة له بأي عمل عسكري.
والجدير بالذكر أن الاستهداف الإسرائيلي، فيما لو اعترفت الحكومة السورية بحصوله، يكون الثاني خلال 3 أشهر، إذ استُهدفت ثكنة عسكرية في الخامس من تموز، قرب السامية في منطقة الحفة في ريف اللاذقية. وأكّدت مصادر ميدانية لـ«الأخبار» حينذاك أن القصف استهدف مخزناً فارغاً للجيش السوري، قبل أن تنشر صحف أميركية نقلاً عن مسؤولين رسميين في واشنطن قولهم إن الصواريخ المستهدفة في الغارة السورية كانت قد نُقِلَت قبل مدة من القصف.
قبل ذلك، تعرّضت مواقع عسكرية سورية لقصف إسرائيلي في محيط العاصمة السورية دمشق، ابتداءً من نهاية كانون الثاني الماضي. واستُهدف مركز البحوث العلمية في جمرايا بالقصف الإسرائيلي مرتين (كانون الثاني وأيار)، فضلاً عن استهداف مواقع عسكرية في جبل قاسيون وفي ميسلون وقرب مطار دمشق الدولي، بينها ثللاثة مواقع استهدفت في غارة واحدة.