عندما يسأل أحدنا عما آلت إليه قضية إيفا غ. من الناحية القانونية، سرعان ما يأتي الجواب «اتركوا القضاء يأخذ مجراه». منذ حادثة خطف الصغيرة قبل ثلاثة أسابيع، لم تتغير العبارة. لا تزال هي هي: اتركوا القضاء. فلنسلّم جدلاً بهذا القول، إلا أن ثمة سؤالاً محيّراً لا مفرّ منه، إذ كيف يمكن أن يأخذ مجراه إن كان المتهمون بقضية خطف الصغيرة القاصر واغتصابها يصولون ويجولون على عين القانون نفسه؟ هل انتهى كل شيء عند الحكم الذي قضى بعودة إيفا إلى منزل ذويها؟ أم أن ثمة سيناريو يحكمه منطق العشائر مجدداً؟
قبل ثلاثة أسابيع، عندما خطفت إيفا واغتصبت، تقدمت عائلتها بعد أيامٍ قليلة بشكوى أمام النيابة العامة التمييزية. أخذت الشكوى صفة «المعجّل» وحوّلت إلى مفرزة تحري الضاحية وصدرت إشارة قضائية استثنائية تجيز «الملاحقة الليلية» للمتهمين. لكن، فجأة، صار العاجل يحتمل الانتظار. مرت الأيام، ولم يلق القبض على المتهمين برغم فداحة القضية والأماكن المعروفة التي يسكنها هؤلاء وإطلالاتهم الإعلامية. وإلى الآن، لم يتم إلقاء القبض عليهم، لا لصعوبة تخفّيهم، وإنما لأن الدولة «تنتظر ما ستؤول إليه وساطات العشائر»، يقول أحدهم.
إذاً، الدولة ستنتظر. وهذا ما يحدث فعلاً، وإلا فما الذي يفسّر تقاعس القوى الأمنية عن القيام بأقل الواجب؟ في فترة الانتظار المقززة، تنشط الوساطات على خط العشائر. بتعبير أدق، على خط من وضعوا أيديهم على «الشارب». أولئك الذين تعهدوا بإعادة إيفا إلى مغتصبها. فمنذ بضعة أيام، يكثّف هؤلاء «اتصالاتهم بنا لردّها إلى الشاب بحجة الستر عليها، ويقولون لنا بأن حسن م. رح يعملّها عرس كبير ويكتبلها شقة باسمها ومقدّم 100 مليون ليرة ومؤخر 50 مليون ليرة وغيرها من الوعود»، يقول حسين غ. والد الصغيرة.
هكذا، صار المطلوب تحويل القضية عن مسارها. الطفلة القاصر التي خطفت وأكرهت على الزواج ومن ثم اغتصبت يطالبون لها اليوم بالسترة. لكن، مهلاً، السترة عمَّ؟ هل صار بقاء إيفا بلا ستر، بوضعها الذي فرضه «الوحش»، عاراً في مجتمع العشائر؟ وبعد كل هذا، ستصبح إيفا هي المذنبة؟ ممسوس شرف عائلتها؟ عار من هذا؟
قضية إيفا غ. ليست قضية سترة. الصغيرة التي عادت إلى حيث يجب أن تكون، «يجب أن تُستكمل قضيتها على هذا النحو، وهذا لا يحدث إلا بمعاقبة الخاطفين والمحرّضين والمتدخّلين في قضية خطفها واغتصابها والتحريض على اغتصابها وتشريعه أيضاً»، حسب ما تقوله الوكيلة عن العائلة المحامية بشرى الخليل. وما يفرضه القانون أصلاً إن كان لا بد من أن يأخذ مجراه.