حلقة خاصّة (إلى أنسي الحاج)
منذ أكثر من ثلاث سنوات، وخلال دردشة اعتيادية في مكتبه في "الأخبار"، قال أنسي الحاج: "عندي وصيّة واحدة لا أعرف كيف يمكن تحقيقها". لم يكن للحديث الذي سبق استطراده هذا أي علاقة بالموت أو بالموسيقى. قال: "كم أتمنّى لو يُعزَف خلال مراسم دفني "القدّاس الجنائزي الذي ألّفه موزار". قلنا له: " هذه كانت وصيّة شوبان (ابتسمَ)... وتحقيقها صعب، صحيح، لكنه ليس مستحيلاً". انتهى الموضوع عند هذه الحدود، لكنه بدا راغباً بتحقيق هذه الوصيّة رغبةَ الطفل بالحصول على ضمّة من أمّه. أكملنا الجلسة ثم افترقنا.
بصراحة، أول فكرة خطرت في بالنا لإتمام هذه المهمة يوماً ما (وقد حلّ هذا اليوم) هي التواصل مع الأصدقاء السوريّين الموسيقيّين، الطلاب في الكونسرفتوار في دمشق أو الأعضاء في الأوركسترا الوطنية، لنرى إن كان هناك إمكانية لذلك. اتجاه فكرنا إلى الاستعانة بالسوريين له سببان: أولاً، قبل هذا الحديث مع أنسي بقليل سمعنا بأن الموسيقيّين السوريّين كانوا قد قدّموا هذا العمل بكامله في أمسية، بالتالي لديهم خبرة وإمكانات لتنفيذه. ثانياً، لدينا شعور ويقين أن في سوريا تقدير عام، شعبي ورسمي، للشخصيات المهمة في الحياة الثقافة أكثر منّا.
اليوم سوريا بأكملها بحاجة إلى موسيقى جنائزية.
لهذا السبب، نعترف بعجزنا عن تحقيق هذه الوصية. لذا، ونظراً للظروف القاهرة، سنقدّم لروح أنسي الحاج هذه الحلقة ونسمع فيها مطلع "القدّاس الجنائزي" الذي كتبه موزار على فراش الموت ورحل قبل إتمامه.