فجأة، امتلأت روزنامة التحرّكات المطلبية في الشارع بين 28 و30 نيسان الجاري، موعد استكمال جلسة انتخاب رئيس الجمهورية ونهاية مهلة الـ15 يوماً التي أُعطيت للجنة النيابية ــ الحكومية لاقتراح صيغة جديدة لسلسلة الرواتب ومصادر تمويلها والإجراءات الإدارية المربوطة بها. فيما تقول مصادر اللجنة إن عملها لم يكتمل بعد، وإنها لم تجتمع إلا مرّة واحدة بصورة رسمية وبغياب عدد من أعضائها.
وبدلاً من الالتفاف حول هيئة التنسيق النقابية التي بادرت أولا للدعوة الى اضراب عام وتظاهرة عند الحادية عشرة من قبل ظهر الثلاثاء في 29 نيسان الجاري من مصرف لبنان الى مجلس النواب، مروراً بغرفة التجارة والصناعة وجمعية المصارف، وذلك كامتداد طبيعي لسلسلة تحرّكاتها في الشارع المستمرة منذ عامين ونصف عام، ظهرت دعوتان للتحرّك من خارج السياق، اذ قررت اتحادات ونقابات قطاع النقل البري في لبنان تنفيذ تظاهرة سيارة مركزية عند العاشرة والنصف من قبل ظهر الاثنين في 28 نيسان من مستديرة الكولا الى رياض الصلح ومن الدورة الى رياض الصلح ايضاً. وقرر الاضراب العام في كل لبنان على أن يحدَّد موعده لاحقاً، وذلك لإقرار مطالب السائقين العموميين بدعم البنزين وقمع المخالفات ومكافحة مزاحمة السيارات الخصوصية.
وزير المال
يرفض المشاركة في اللجنة النيابية الحكومية
وكذلك، قررت قيادة الاتحاد العمّالي العام الدعوة إلى إضراب عام واعتصام عند الحادية عشرة من قبل ظهر الأربعاء في 30 نيسان، في ساحة رياض الصلح، أي قبل ساعة من موعد انعقاد جلسة مجلس النواب، وذلك بحجّة مواجهة فرض الضرائب الجائرة والإسراع بإقرار قانون التغطية الصحية للمضمونين بعد بلوغ سن التقاعد، فضلاً عن المطالبة بردّ قانون الإيجارات وعدم إصداره قبل وضع خطة إسكانية وطنية شاملة، بما يحقق الإنصاف للمالك والمستأجر على حدٍّ سواء. وأعلن الاتحاد العمالي، في بيان له امس، ان نقابات الكهرباء والمياه والريجي والنقل المشترك والبلديات والمرفأ وأوجيرو والاهراءات والضمان الاجتماعي... اعلنت تأييدها للإضراب والمشاركة في الاعتصام. إذاً، ثلاثة أيام صاخبة ستشهدها ساحة النجمة بين الاثنين والاربعاء. إلا أن المكاتب العمالية لنحو 10 أحزاب دعت، في اجتماع عقدته الاول من امس، إلى رفع وتيرة التنسيق والترابط بينها، وصولاً إلى اعلان «يوم مطلبي» يتوّج مواقفها المعلنة، «دفاعاً عن حقوق العمال والمعلمين والموظفين، وللحد من طغيان الاخطبوط المالي الذي يمنع وصول الحقوق إلى أصحابها، ومن اجل بناء اقتصاد وطني اجتماعي عادل، ينهي حقبة هيمنة أصحاب الثروات على السياسة في لبنان».
هذا الكلام الكبير صدر في بيان وقّعه التيار الوطني الحر، حزب الله، حركة أمل، الحزب السوري القومي الاجتماعي، رابطة الشغيلة، الحزب الديموقراطي اللبناني، حزب البعث، جمعية المشاريع الخيرية، وتيار المردة. وقالت المكاتب العمالية لهذه الأحزاب، إنها «تأسف على اليوم التشريعي الأسود الذي شهدته قاعة المجلس النيابي في 15 نيسان، وتم فيه انقضاض الأخطبوط المالي على حقوق المعلمين والموظفين». وشددت على ضرورة إقرار سلسلة الرتب والرواتب كما يطالب بها مستحقوها، ودون تحميل المواطن أية ضرائب جديدة تثقل كاهله بذريعة تمويل هذه السلسلة. ورفضت رفضاً مطلقاً في هذا السياق أي زيادة على الضريبة على القيمة المضافة، واكّدت وقوفها إلى جانب الاتحاد العمالي العام في رفضه الزيادة على القيمة المضافة وإلى جانب أي تحرك قطاعي مطلبي، ولا سيما تحرك السائقين العموميين والمزارعين.
في هذا الوقت، واصلت جمعية المصارف ضغوطها لمنع زيادة الاقتطاعات الضريبية من ارباح المصارف. والتقى وفد من الجمعية رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون بحضور النائب ألان عون. وقال رئيس الجمعية فرنسوا باسيل: «ان الوفد اكّد لعون ان الاصلاح هو الاساس، وهو الذي يطرحه منذ زمن»، متمنياً ان تتوصل اللجنة النيابية الى الحلول المناسبة وليس فقط على صعيد الضرائب الاستثنائية على المصارف، التي تعدّ الاكثر شفافية واكثر قطاعات تدفع هي وموظفوها ضرائب بالكامل». وأضاف: «نحن طرحنا افكاراً جديدة بالنسبة إلى الاصلاحات كالضمان الاجتماعي الذي ينزف، فيما الخدمات الصحية بعد التقاعد ليست موجودة. وهناك مؤشر غلاء معيشة يجب ان يقدم كل سنة وليس التراكم كل 4 سنوات»، مشدداً على أهمية «إيقاف الهدر في الوزارات». وخلص الى القول: «هل إذا كان القطاع المصرفي ناجحاً يجب ان نحطمه؟». الى ذلك، أكّدت مصادر معنية لـ«الأخبار» أن اللجنة النيابية - الحكومية لم تنعقد إلا مرّة واحدة، ولم ينضم اليها كل الاعضاء، اذ ان رئيس مجلس النواب نبيه بري، ترجم معارضته لهذه اللجنة برفضه الاطلاع على عملها ومتابعتها، في حين أن وزير المال علي حسن خليل، امتنع عن الاجتماع معها شخصياً أو إيفاد أي مندوب عنه من الوزارة.
(الاخبار)