تتفاقم أزمة المياه شيئاً فشيئاً في منطقة بنت جبيل ومرجعيون، التي تشمل أكثر من 36 قرية وبلدة، حيث توقف الضخّ بالكامل من برك تجميع مياه الري، التي جفّت نتيجة ضآلة الأمطار المتساقطة الشتاء الفائت، فأصبح الموسم الزراعي الذي يعتمد عليه معظم المقيمين مهدّداً باليباس.
بدأت احتجاجات الأهالي تأخذ منحى تصاعدياً، ولا سيما في القرى التي يعتمد جميع أبنائها على الزراعة، كبلدة عيترون، التي هدّد بعض المزارعين فيها باللجوء الى التظاهر وإقفال الطرقات احتجاجاً على «تهاون المسؤولين مع هذه المشكلة المتفاقمة، التي لم يسبق لها أن وصلت الى هذا الحد». أوضح رئيس بلدية عيترون حيدر مواسي
لـ«الأخبار» أن «المياه انقطعت بالكامل عن البلدة للأسبوع الخامس على التوالي، وأن آبار تجميع المياه المنزلية شحّت بالكامل، وذلك نتيجة انحباس المطر شتاءً، فيما نتلقى يومياً عشرات الشكاوى من الأهالي، الذين بات ضبط احتجاجاتهم متعذرا، وإذا استمرت الأزمة أياماً اضافية، فستشهد المنطقة تظاهرات غير محسوبة».
تحاول بعض البلديات الاعتماد على الآبار الجوفية القليلة المحفورة في نطاقها، وهي اضطرت إلى دفع مبالغ مالية طائلة لتشغيلها، لكون معظمها كان معطلاً، حتى إن بلدية عيترون تضطر الى دفع أكثر من 10 ملايين ليرة شهرياً لتشغيل وضخ المياه من البئر الارتوازية للبلدة، كما أن المواطن يتحمل نفقة نقل المياه من البئر الى منزله؛ يقول أحد أبناء البلدة إن «كلفة نقل المياه من البئر الى المنزل تزيد شهرياً على 200 ألف ليرة». يُشار في هذا السياق إلى اضطرار بلدية شقرا إلى دفع مبلغ 15 مليون ليرة لتأمين الكهرباء الكافية لضخ المياه من بئر البلدة، وإلى اضطرار بلدية بليدا إلى التهديد بأن «الأهالي سيبادرون الى تنظيف بئر شعيب للاستفادة من مياهها بعد انقطاع المياه عن البلدة؛ وجرى تحديد تاريخ السابع من أيار موعداً للبدء بهذه الخطوة، إذا لم يصر الى حلّ المشكلة»، علماً أن البئر تقع على الحدود مع فلسطين المحتلّة، ويسيطر عليها العدو «الإسرائيلي» ويدعي ملكيته لها.
من ناحية أخرى ،عُقد لقاء الأسبوع الماضي في مؤسسة كهرباء لبنان، بين المدير العام للمؤسسة كمال حايك ومدراء التوزيع والنقل والتنسيق والنائب علي فياض، ورئيس إتحاد بلديات جبل عامل علي الزين، وجرى التباحث في الحلول الممكنة لمعالجة أزمة ضخّ المياه من نهر الليطاني الى القرى والبلدات الحدودية. بحسب مصدر معني، أفاد حايك بأنه «يعمل على تلزيم خط كهربائي بقوة 66 kv ليغذي منطقة السلطانية، وبعد ذلك سيُعمل على تلزيم خط السلطانية ـــ حاصبيا، ما يعني ضمناً تلزيم خط النقل الذي يغذي منطقة مرجعيون في مرحلة لاحقة». وقد تبين للمجتمعين أن «محطة عبد العال التي تغذي المنطقة لم تعد قادرة على توليد الكهرباء بسبب جفاف نهر الليطاني للمرة الأولى منذ سنوات طويلة، وأن محطة ضخ بلدة الطيبة تغذّى حالياً من بيروت بعد المرور بمنطقتي القرعون ومرجعيون، الأمر الذي يجعل من الكهرباء ضعيفة جداً، وأقل من المطلوب لضخّ المياه». وأشار الزين الى أنه «سيُلجأ الى تأمين محولات كهربائية تسهم في رفع ضعف الكهرباء، وهذه المحولات متوافرة، الاّ أنها متوقفة منذ سنوات، وسيجري فحصها والتأكد من صلاحيتها، أو تأمين الطاقة المطلوبة من منطقة صور عبر محطة السلطانية، التي تعاني بدورها ضعفا في التردد». واقترح النائب علي فياض حل المسألة عبر شراء محول كهربائي لتحسين قوة التردد، لتمكين محطات الضخ من تأمين التغذية المطلوبة؛ وقد طلب حايك من المختصين في الوزارة متابعة الموضوع ميدانياً لمعرفة حجم الضعف في الترددات، وبالتالي تحديد مواصفات المحول الكهربائي المطلوب شراؤه، فيما رأى الزين أن اقتراح فياض هو الأمثل لحل المشكلة، مشيراً إلى أن «اتحاد البلديات والبلديات هو الذي سيتحمل الكلفة المالية المطلوبة للمعالجة، برغم ان ذلك يخرج عن صلاحيته». وقد أشار خبير المياه بديع قطيش الى «وجود محول كهربائي خارج الخدمة في معمل بسري في الزهراني، يمكن نقله الى بلدة الطيبة واستخدامه لضخ المياه فقط».
تجدر الإشارة إلى أن مجلس الجنوب يعمل على حفر ثلاث آبار جوفية في وادي السلوقي، بهدف المساعدة على ضخ المياه الى المنطقة، غير أن «كلفة الحفر ستكون مرتفعة كثيراً، ويحتاج ضخ المياه من هذه الآبار الى محولات كهربائية أيضاً»، بحسب مصدر متابع، أشار لـ«الأخبار» إلى أن «هذه الحلول قد تكون مفيدة، لكن كان الأجدى التركيز على تأمين الأموال لضخ المياه من النهر مباشرة، بعد انجاز مشروع بناء الخزانات الكبيرة في برعشيت وشقرا، الذي كلّف ملايين الدولارات»؛ علماً أنه حُفرت 9 آبار ارتوازية في منطقة الحجير والسلوقي خلال الأعوام الماضية، ما حال دون تدفق مياه الينابيع في المنطقة.