وجهت حملة «جنسيتي حق لي ولاسرتي» رسالة الى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان قبل ايام على انتهاء ولايته الدستورية. وقالت الحملة في رسالة مفتوحة الى الرئيس «لا شك ان عهدكم الذي امتد من 2008 الى 2014، قد شهد جملة من التطورات الخطيرة اقليمياً ومحلياً، ادت الى خلق حالة من الاحباط لدى الكثيرين/ات، والامال التي كانت معقودة للنهوض على العهد الجديد.
وللتذكير يا فخامة الرئيس، فان النساء اللبنانيات ومنهن المتزوجات باجنبي، يناضلن منذ زمن، للحصول على حقوقهن الطبيعية في الكرامة والمساواة مع الرجال في المواطنة، الا انهن بسبب التمييز والغبن التاريخيين اللذين عانين منهما، واللذين تكرسهما النظرة الاستعلائية والذكورية، ما زلن في موقع دوني في عدة حقول اقتصادية، اجتماعية وسياسية، بينما يتقْن على نحو مستمر للتخلص من العنف الاجتماعي المصلت، بشتى اشكاله، عليهن، بدءاً من العنف القانوني وصولا الى العنف الجسدي.
وجاءت الرسالة على خلفية المعلومات التي أكدت ان الرئيس سليمان وقع مرسوما جمهوريا وفق ما يملك من صلاحيات دستورية، يمنح من خلاله الجنسية اللبنانية لـ 700 شخص من 31 جنسية، اضافة الى عدد من مكتومي القيد، واصحاب الجنسيات قيد الدرس. وافادت المعلومات ان بين المجنسين نحو 145 سورياً و82 فلسطينياً، اضافة الى 46 مكتومي القيد، و16 قيد الدرس، كما يشمل المرسوم 45 فرنسياً و30 كندياً و20 اردنياً و100 اميركي و22 بريطانياً و16 عائلة مصرية و48 عراقياً. وفي المرسوم ايضا عائلات مكسيكية و12 برازيلياً و5 سعوديين واشخاص من تونس والهند وروسيا والامارات والنمسا واوكرانيا والفيلبين.
وفيما لم يصدر المرسوم رسميا في الجريدة الرسمية، لم يصدر عن قصر بعبدا حتى مساء امس بيان يوضح خلفية المرسوم المذكور والدوافع التي ادت الى صدوره قبل ايام من نهاية الولاية الدستورية.
وذكّرت حملة «جنسيتي حق لي ولاسرتي» بسعي النساء اللبنانيات، خلال عهد الرئيس سليمان، لتحقيق نقلة نوعية تؤدي الى اعتراف المجتمع اللبناني السياسي بحقوقهن، وكيف ان هذا الجهد لم يؤت ثماره المرجوة، وذلك على الرغم من كل الجهود والتضحيات والتحركات التي بذلت من قبل النساء وهيئاتهن في هذا المجال، والتي لم تؤد سوى لاقرار قانون مشوّه للعنف. واضاف بيان الحملة «للاسف يا صاحب الفخامة، فالمقاربة الرسمية لحكوماتك المختلفة ظلت قاصرة عن ادراك اهمية تحرير النساء من القيود التمييزية واطلاق قدراتهن، لكي يؤدين الدور الذي يمكّن المجتمع المتعاون والمتكافل بكافة اطيافه من تجاوز ازماته الحالية. ولا شك ان ابرز محطات الفشل في السير في هذا الاتجاه، رفض حكومة الرئيس نجيب ميقاتي اقرار قانون حق النساء في منح الجنسية لاسرهن، الذي استند في ذلك لتوصيات غير موفقة للجنة الوزارية التي تألفت لدراسة ذلك الموضوع، وبحجة عدم احداث خلل في التوازن الطائفي والخوف من توطين الفلسطينيين».

تبرر وزارة الداخلية
عدم نشر مراسيم التجنيس بأنها
مراسيم فردية

ورأت الحملة ان هذا المرسوم لم يمثل مفاجأة، ولا سيما انه سبق ذلك اقرار عدد من المراسيم المماثلة التي بقيت قيد الكتمان. ابرزها مرسوم التجنيس الرقم 10214 في ايلول 2013. واملت الحملة «أن يأتينا العهد الجديد برئيس للجمهورية على استعداد لتجاوز الاعتبارات الطائفية والالتزام بتحقيق دولة المواطنة والحقوق، وان يعمل على تحقيق المساواة بين المواطنين والمواطنات، وان يترجم ذلك بالدفع لاقرار تعديل قانون الجنسية».
وكان مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة قد وجه انتقادات الى الحكومة اللبنانية اثناء مناقشته تقريراً صادراً عن الأمين العام بان كي مون، في اذار الماضي، بشأن «حقوق الإنسان والحرمان التعسفي من الجنسية». ويوصي تقرير مجلس حقوق الإنسان الدول المعنية، وبينها لبنان، بضرورة أن تُضمِّن قوانينها المحلية ضمانات تحول دون وقوع حالات انعدام الجنسية. ويقع على عاتق الدول عبء إثبات أن فقدان الجنسية أو الحرمان منها لن يفضي إلى انعدام الجنسية. ويطالب التقرير بأن تتأكد الدول من أن قوانينها تنص على ضمانات تكفل إعمال حق الطفل في اكتساب جنسية. وتشمل هذه الضمانات إتاحة إمكانية الحصول على الجنسية لجميع الأطفال الذين يولدون في أرضها.
ويكرس قانون الجنسية اللبناني الذي وضعه الانتداب الفرنسي عام ١٩٢٥، تمييزاً فاضحاً باحكامه، ولا يزال هذا القانون ساري المفعول، وتتمسك به الطبقة السياسية والحكومات اللبنانية المتعاقبة، بذريعة التوازنات الديموغرافية، فيما لا يتوانى رئيسا الجمهورية والحكومة عن «تهريب» مراسيم بمنح الجنسية دون الاستناد الى معايير واضحة، ودون نشرها في الجريدة الرسمية، في خرق فاضح لمعايير المساواة وحق الوصول الى المعلومات الحكومية.
وتبرر وزارة الداخلية عدم نشر مراسيم التجنس في الجريدة الرسمية بانها مراسيم فردية، ويجري ابلاغ المستفيدين منها شخصيا. وان نشر المرسوم الصادر عام 1994 في الجريدة الرسمية كان بسبب تعذر ابلاغ آلاف المجنسين على نوع فردي، لكن هذا التبرير يتناقض مع نشر الوزارة لمراسيم سحب الجنسية من الافراد في الجريدة الرسمية تباعاً، فلماذا سحب الجنسية لا يعد مرسوماً فردياً، فيما منح الجنسية يصنف فردياً لتبرير عدم نشره في الجريدة الرسمية؟
منسقة حملة «جنسيتي حق لي ولاسرتي» لينا ابو حبيب، اكدت لـ «الأخبار» ان الحكومات والعهود المتعاقبة كرست التمييز والعنصرية في التعاطي مع قضية الجنسية على حساب حقوق النساء والرجال.
وأعلنت ابو حبيب «استمرار حملة الضغط على أصحاب القرار وعلى الأحزاب قبيل الاستحقاق الرئاسي وبعده»، مشيرة الى ان الحملة «بصدد رفع شكوى امام مجلس حقوق الانسان لمساءلة الدولة اللبنانية في شأن تخاذلها عن عدم إحقاق حقوق المواطنة للنساء، ولا سيما خلال المراجعة الدورية الشاملة، التي ستناقش سجل لبنان في اواخر العام المقبل».
وفشلت لجنة وزارية ألّفتها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الثانية في اقرار مشروع قانون جديد للجنسية، واكتفت باقتراح حلول مجتزأة وغير منصفة ترتكز على التمييز والعنصرية ضد النساء، ومراعاة الحساسية الطائفية المفتعلة. وأكدت هذه اللجنة التي ترأسها نائب رئيس مجلس الوزراء سمير مقبل «أن المساواة بين النساء والرجال، لا تعد مبدأ ملزماً اذا تسببت في خطر على المصالح الوطنية العليا»، وذلك على الرغم من ان المساواة وعدم التمييز منصوص عليهما في الدستور اللبناني. وأشارت اللجنة أيضا إلى أن لبنان ليس ملزماً بتنفيذ المعاهدات والاتفاقات الدولية لحقوق الإنسان.

يمكنكم متابعة بسام القنطار عبر | http://about.me/bassam.kantar