«كنت خايفة، خايفة عحالي، عبنتي، عأهلي أكتر شي، والعالم للي انصدمت يطلع منّي هيك، إني إختار هيك شخص...بس خلص كل شي إلو حدود». كلام ردّت فيه تمارا حريصي على من لامها في انتظارها لسنة ونصف السنة صامتةً من دون اللجوء الى أي جهة مدنية أو عسكرية للحماية. تمارا التي انتظرت أن يستباح دمها أكثر كي تتمكن من الهروب من جحيم منزلها مع ابنتها الصغيرة، هل يراد لها أن تشكل حالة للتعميم؟ ما المطلوب منها قبل بلوغها هذا الحد من «الانتحار الإرادي»؟ وفي المقابل ماذا يجب على الجمعيات المدافعة عن حقوق المرأة والحامية لحقوقها أن تتخذه من خطوات؟
أمس، اتصلت بـ«الأخبار» سيدة تتعرض للعنف منذ 3 سنوات. عنف وصل الى حافة عنقها وتهديدها بالقتل مرات عدة أمام أولادها الأربعة وحتى أمام المحكمة والسلطات الدينية. السيدة التي تتحفظ «الأخبار» عن ذكر اسمها ومكان إقامتها حماية لها، روت كيف بدأت تتعرض للتعنيف من قبل زوجها بعدما أدخل امرأة جديدة الى حياته، ومنذ تلك اللحظة بدأ مسلسل الجحيم، مرة بوضعه سكيناً على رقبتها أمام أولادها وأخرى بتهديده علناً وأمام القاضي بأن لديه القدرة على «إعدامها أمام الجميع». السيدة المعنفة التي حصلت على الطلاق عادت الى منزلها لما يتهدد أولادها من الضياع والمعاملة السيئة التي يلقونها في بيت أهل الزوج. المرأة اليوم تعيش مأزقاً حقيقياً. فهي تعيش في سجن فرضه زوجها عليها بمنعها من الخروج إلا في أيام العطلة مع أختها. وفي المقابل، ومن خلال تواصلها مع جمعية «كفى»، عبّرت الجمعية عن عجزها عن مساعدتها لعدم امتلاكها الصفة القانونية للتدخل والحماية. «كفى» طلبت من السيدة المعنفة المجيء الى مركزها في بدارو لتوقيع وكالة تتيح لها التحرك وتوكيل محام يدافع عنها، علماً بأن الأمر يصعب تحقيقه. إزاء هذا الوضع الصعب وتزايد الخطورة على هذه السيدة والعجز عن مساعدتها في انتظار إمضاء التوكيل مع «كفى»، ماذا يجب أن يحصل في هذه الحالة؟ هل ننتظر بلوغها حالة تمارا أو قبلها الكثيرات من اللواتي مضين وأصبحن في قائمة الوفيات؟

الجمعية عاجزة عن المساعدة لعدم امتلاكها الصفة القانونية
«الأخبار» اتصلت بـ«كفى» التي أكدت أن هذه الحالة تتواصل معها منذ أكثر من شهرين ولديها المعطيات الكاملة عنها. ووضعت اللوم على هذه السيدة التي ضربت مواعيد عدة مع الجمعية ولم تأت كما وعدت، طالبة في حالتها هذه الاتصال بالـ112 للتدخل ووصولها الى المخفر، وبعدها يصار الى تقديم شكوى بحق الزوج، وبالتالي يصبح لـ«كفى» الصفة القانونية للتدخل. فهذه حدودها القانونية ولا تستطيع الدخول الى المنزل لانتشالها مع أبنائها من هذا التعنيف: «نحن لسنا دولة.. مش هيدا شغلنا.. شغلنا المتابعة». بهذه العبارات ردّت «كفى» على تساؤلنا حول عدم التدخل الى الآن.
من جديد، وبغية معرفة ما ينبغي أن يحصل على الفور في حالة هذه السيدة التي تعاني من خطورة عالية في حالتها، لجأت «الأخبار» الى المحامي نزار صاغية الذي أكد ضرورة التدخل السريع في هذه الحالات عبر تقديم إخبار إلى النيابة العامة من أي فرد أو جمعية، ومنها «كفى» التي تعلم تفاصيل هذه الحالة وجميع معطياتها، وكان عليها كما يقول صاغية التحرك في هذا الاتجاه لإعطاء الدرك الإشارة بغية إنقاذها. وفي كل الأحوال، لن تقع الملامة كلياً على الجهات المفترض أن تساعد في حالات العنف الأسري، فالقرار يجب أن يخرج من السيدة نفسها باتخاذها الخطوة الأولى في الخروج من جحيمها الى السلطات القضائية، خاصة مع صدور قرار الحماية أخيراً، والأهم صدور الحماية المستدامة للمرأة المعنفة مع أولادها.