مارس المدير العام للأوقاف الإسلامية الشيخ هشام خليفة، أمس، صلاحياته الممنوحة له حديثاً بموجب المادة 13 من المرسوم الاشتراعي رقم 18/55. دعا خليفة «مجلس الانتخاب الإسلامي» الى انتخاب مفت جديد للجمهورية في 31 آب المقبل، في بهو دار الفتوى في عائشة بكار. بالطبع، لن تنشر رئاسة الحكومة الدعوة في الجريدة الرسمية، لكن عدم نشرها، بحسب مصادر في دار الفتوى، «لا يعني أنها غير سارية المفعول»، مؤكدة أنه يكفي «لصق القرار على باب الدار لسريان مفعوله».
المعنيون في عائشة بكار بدأوا بإعداد لوائح الشطب. وقالت مصادر الدار إن «العملية لن تكون سهلة، وستتطلب وقتاً، لأن عدد أعضاء الهيئة الناخبة ارتفع من 106 إلى ما يقارب 4 آلاف»، مؤكدة أن اللوائح ستكون جاهزة قريباً. وأضافت ان «باب الترشح لمنصب المفتي فتح أمام الجميع، واللجنة القضائية في المجلس الشرعي جاهزة لاستقبال الطلبات».
وفي اتصال مع «الأخبار» قال خليفة إنه أصبح «المدير التنفيذي للإعداد للانتخابات بحسب الصلاحيات التي أعطاني إياها القانون». ومع تزايد احتمال وجود مفتيين، تمنى خليفة «حل الأمور قبل الوصول الى تلك المرحلة». لكن في حال عدم تدخل عقلاء الطائفة حتى ذلك الحين، فإن الدار «مستمرة في إجراءاتها حتى انتخاب مفتٍ جديد».


المجلس الشرعي
التابع للمستقبل: قباني بات يشكل إساءة لموقعه وخطراً على وحدة الصف



وعلى المقلب الآخر، عقد المجلس الشرعي (التابع لتيار المستقبل) الممددة ولايته اجتماعاً طارئاً أمس في مسجد محمد الأمين. وكرر بيان صدر عن المجتمعين ما جاء في بيانهم أول من أمس، إثر اجتماعهم مع رؤساء الحكومات السابقين، فأكدوا عدم شرعية المجلس المنتخب، وهاجموا المفتي الشيخ محمد رشيد قباني الذي بات «يشكل إساءة لهذا الموقع السامي وخطراً متمادياً ومحدقاً على وحدة الإخوة العلماء والمشايخ وعلى وحدة الصف الإسلامي»، ويسعى الى «النيل من مكانة ومقام رئاسة الحكومة الذي هو الموقع الأول للمسلمين السنة في لبنان، وانطلاقاً مما بات واضحاً، فإن أداء وتصرفات المفتي تجعل من المركز شاغراً من الناحية العملية كدور وأداء لمفتي الجمهورية». وفي ختام بيانهم، طلب المجتمعون من رئيس الحكومة تمام سلام بصفته «رئيس مجلس الانتخاب الإسلامي دعوة المجلس بأقصى سرعة ممكنة لانتخاب مفت للجمهورية وفقاً لنص المادة 8 من المرسوم الاشتراعي رقم 18/1955 (التي عُدّلت في عهد رئيس الحكومة رفيق الحريري وتحصر الدعوة الى انتخاب مفتٍ جديد في يد رئيس الحكومة) للأسباب والمعطيات الخطيرة ودرءاً للفتنة».
ومع دعوة الطرفين مجلسيهما الانتخابيين الى انتخاب مفتٍ جديد، يمكن القول إن الصراع وصل الى خواتيمه. فإما أن يكون هناك «مفتيان، أو يتدخل العقلاء في اللحظة المناسبة لإيجاد تسوية لكل ما يجري»، بحسب مصادر مطلعة على النزاع. ولكن مصادر الدار أكّدت أنه «ليس هناك حتى الآن بوادر حل في الأفق». وعمّن سيتحمل مسؤولية خطيئة وجود مفتيين، أجابت بأن «الرئيس سلام يتحمّل المسؤولية إذا ما دعا الى انتخاب مفتٍ جديد». ورجّحت إقدام رئيس الحكومة على هذه الخطوة «لأنه موظف عند آل الحريري وعند الرئيس فؤاد السنيورة».
من جهتهم، يتوقع أنصار تيار المستقبل في المجلس الشرعي الممددة ولايته استجابة سلام لمطلبهم والدعوة الى انتخاب مفتٍ قبل نهاية شهر رمضان. وقال عضو المجلس الشرعي الممدّد لنفسه محمد مراد، في اتصال مع «الأخبار»، إنه وزملاءه قدموا لسلام الحيثيات الموجبة لضرورة «الدعوة الى انتخاب مفتٍ في أسرع وقت ممكن». يذكر أن أعضاء في المجلس الشرعي المنتخب حاولوا في الفترة الماضية التواصل مع سلام ورؤساء الحكومات السابقين لإيجاد حل للأزمة. فحمل نائب رئيس المجلس الشرعي المنتخب، ماهر صقال، مبادرة الى الرئيس نجيب ميقاتي نصّت على «تجميد عمل المجلسين، ودعوة المفتي الى انتخاب مجلس شرعي جديد موحد يُعدّ لانتخاب مفت جديد»، تقول مصادر متابعة للأزمة، وتضيف: «رفض الرئيس ميقاتي المبادرة بعدما أبدى موافقته عليها بادئ الأمر». إلا أنه لا شيء يشير الى أن هناك حلاً قريباً في الأفق. المجلس المنتخب يرى أن الحل يكون في «مشاركة تيار المستقبل وأنصاره في انتخاب مفت جديد ضمن الهيئة الموسعة التي لا يمكن التلاعب بها»، كما قال أحد أعضاء المجلس الشرعي. وأضاف «هناك قاعدة شرعية تقول إن المجموعة الكبيرة لا يمكن أن تكون على خطأ. فليشاركوا في انتخاب مفتٍ جديد ضمن الهيئة الموسعة التي ستسمح للمفتي الجديد بتمثيل شريحة كبيرة من المسلمين السنّة».
الى ذلك، أصدر رئيس الحكومة السابق سليم الحص بياناً نوّه فيه بـ«قرار توسعة الهيئة الناخبة»، معتبراً أنه «قرار صائب، لأنه يتيح الفرصة لأكبر شريحة من المسلمين، وليس لفئة معينة، باختيار الشخص صاحب السيرة الحسنة من ذوي الكفاءة لشغل هذا المنصب الحساس». ودعا الى «وقف الانفعالات وسحب السجال الدائر في وسائل الإعلام والعمل الجاد والصادق لرأب الصدع الحاصل لضمان وحدة الطائفة والصف الإسلامي».