تشير النتائج الأولية لدراسة حول تقويم أثر الأزمة السورية على البيئة في لبنان إلى أن كمية النفايات الصلبة التي ينتجها النازحون السوريون سوف تصل إلى حوالى 324,000 طن سنوياً بحلول أواخر العام الجاري، ما يوازي 15,7% من النفايات التي كان ينتجها المقيمون في لبنان قبل بداية النزوح.
وتتضمن الدراسة التي مولها الاتحاد الأوروبي جزءين أساسيين: أولهما يتمحور حول تحديد الأثر البيئي للأزمة السورية على لبنان ضمن قطاعات بيئية أساسية، فيما يتطرق الجزء الثاني إلى إعداد خطة إدارية بيئية تشمل التدابير التخفيفية اللازمة.
وقد قدمت وزارة البيئة، أمس، النتائج الأولية للجزء الأول المتعلق بتحديد الأثر البيئي للأزمة السورية، على أن يتم نشر الدراسة الكاملة في نهاية شهر آب المقبل.
وبحسب تقرير الأمم المتحدة السادس حول الاستجابة لحاجات الأزمة السورية، فإن عدد النازحين السوريين يتوقع أن يرتفع إلى 1,835,000 شخص مع نهاية هذا العام، ما يمثّل زيادة عدد السكان في لبنان التي كانت متوقعة لعام 2044.
وبحسب النتائج الأولية للدراسة التي شارك في إعدادها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإن هذا الازدياد في الكثافة السكانية يشكّل ضغطاً إضافياً كبيراً على البيئة، وتحديداً في قطاعات النفايات الصلبة، المياه والمياه المبتذلة، الهواء، واستخدام الأراضي والأنظمة الإيكولوجية.
ويلاحظ أن النتائج الأولية للدراسة لم تتطرق الى الضغط المتزايد على الأراضي الحرجية الناجم عن الرعي الجائر، مع تدفق آلاف رؤوس الماشية منذ بداية اندلاع الأزمة السورية، وذلك بحسب التقرير الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)، الذي أشار الى أن انهيار النظام الصحي البيطري في سوريا، قد ساهم في نقل العديد من الأمراض الحيوانية من خلال القطعان التي عبرت لبنان.
ومن المعلوم أن التلوث الناتج من تزايد كميات النفايات الصلبة سينعكس سلباً على المياه السطحية والجوفية، حيث تشير النتائج الأولية للدراسة الى أن المناطق الأكثر تأثراً بهذا التلوث هي صرار وفنيدق وعدوة (الشمال)، وبعلبك وبر الياس ومشغرة (البقاع)، ورأس العين وقانا (الجنوب). أما تلوث المياه الجوفية فيظهر بشكل مرتفع في صرار وبرقايل وعدوة وكفرزينا وحامات (الشمال)، وبعلبك وتعلبايا وسعد نايل وبر الياس وقب الياس وغزة (البقاع)، ورأس العين وكفر تبنيت (الجنوب).
كما يؤثر توسّع المكبات العشوائية على تلوث التربة وتدهورها، بالإضافة إلى تلوث الهواء من جراء حرق هذه المكبات _ وهي الممارسات التي غالباً ما يتم اللجوء إليها للتخلص من النفايات في المكبات العشوائية. ويؤدي ذلك إلى الإضرار بالصحة والسلامة العامة من خلال الملوثات السامة التي تطلق في الهواء، وتتسرب إلى باطن الأرض، بالإضافة إلى تكاثر الحشرات والقوارض. وتشير النتائج الأولية إلى أن الأمراض الأكثر شيوعاً هي السل والتيفوئيد والإسهال والحساسية في العينين. مع الإشارة إلى أن الظروف التي تحيط بالنازحين السوريين تزيد العبء على المراكز الصحية، ما يؤدي إلى ازدياد كمية النفايات الطبية المعدية التي تتطلب معالجة خاصة قبل التخلص منها.
وتشير النتائج الأولية للدراسة إلى أن معدّل استهلاك المياه للنازح السوري يتراوح بين 64 و104 ليترات يومياً، ما يزيد الطلب على المياه بنسبة 8 إلى 12% على المستوى الوطني (وذلك بنسب مختلفة وفقاً لكثافة وجود النازحين في المناطق)، ما من شأنه تسريع وتيرة النقص في المياه الذي يشهده لبنان هذا العام بشكل خاص.
وإن هذا الازدياد في الطلب على المياه دفع بمؤسسات المياه الى حفر آبار جديدة، ما يساهم في ارتفاع الكلفة التشغيلية للمؤسسات. وبحسب مؤسسة مياه البقاع، تقدر زيادة الفاتورة السنوية لاستهلاك الكهرباء على مستوى المؤسسة بحوالى مليار ليرة لبنانية في السنة.
وبحسب الدراسة فإن كمية المياه المبتذلة الناتجة من النازحين السوريين ستصل إلى 34 ــ 56 مليون متر مكعب مع نهاية العام الجاري، بما يوازي ارتفاعاً في مجموع المياه المبتذلة المنتجة على المستوى الوطني تتراوح نسبته بين 8 و 14%.

زادت نسبة انبعاثات
ملوثات الهواء 20 بالمئة
على المستوى الوطني
ويؤدي ازدياد كمية المياه المبتذلة إلى طفح شبكات الصرف الصحي وانسدادها، ما يتسبب بارتفاع كلفة تشغيل هذه الشبكات وصيانتها، وذلك بنسبة وصلت إلى 40% و50% في السنتين الماضيتين، بحسب إفادات اتحادات البلديات في الشمال والبقاع والجنوب.
هذا مع الإشارة إلى أن نسبة كبيرة من المياه المبتذلة تنتهي في الأنهر والمياه السطحية والأودية، ما يزيد من نسب التلوث في المناطق الحساسة بيئياً، كحوض الليطاني.
وتساهم الأزمة السورية في زيادة تلوث الهواء من خلال الانبعاثات الصادرة عن قطاعات النقل والطاقة والتدفئة والنفايات الصلبة. فعلى سبيل المثال، يتبيّن من النتائج الأولية للدراسة ازدياد بنسبة 20% في انبعاثات ملوثات الهواء على المستوى الوطني، من جراء الارتفاع الكبير في حركة مرور السيارات في المدن الرئيسية التي تستضيف النازحين السوريين وفي منطقة بيروت الكبرى.
كما تشير النتائج الأولية إلى ازدياد انبعاثات أوكسيد النيتروجين بنسبة حوالى 10% من جراء لجوء عدد كبير من النازحين إلى المولدات الكهربائية لتأمين حاجاتهم. أما نسبة الزيادة في انبعاثات أوكسيد النيتروجين من جميع القطاعات المذكورة أعلاه فهي تصل إلى حوالى 20%.
ومن المتوقع أن يشهد عدد من المدن، كبيروت وزحلة وبعلبك وطرابلس وصيدا، تدهوراً في نوعية الهواء، ما سيؤثر على الصحة العامة وخاصة لدى المسنين والأطفال وذوي الحالات المرضية الصدرية.

يمكنكم متابعة بسام القنطار عبر | http://about.me/bassam.kantar





1224 مخيماً

يعيش حوالى 15% من النازحين في مخيمات غير رسمية، لها أثر سلبي هام على استخدام الأراضي والمناظر الطبيعية بسبب توسع المخيّمات أفقياً.
وارتفع عدد هذه المخيمات بنسبة تفوق الأربعة أضعاف خلال عامين (من 282 مخيماً في عام 2012 إلى 1224 مخيماً في 31 أيار 2014). توجد معظم هذه المخيمات في البقاع (721 مخيماً) وفي عكار (300 مخيم)، ما من شأنه تقليص المساحات الزراعية.
وتشير النتائج الأولية للدراسة إلى أن عدداً من الأنظمة الإيكولوجية يتأثر سلباً بالأزمة السورية، وخاصة المناطق الحساسة بيئياً، مثل ضفاف الأنهر والسهول وغابات السنديان والملول، وخصوصاً في اليمونة التي يتوقع أن تواجه خطر قطع جائر للأشجار خلال فصل الشتاء المقبل.