مع اقتراب نهاية ولاية مفتي الجمهورية محمد رشيد قباني في 14 أيلول المقبل، لم تصل مسألة انتخاب مفتٍ جديد إلى خاتمتها «التوافقية» السعيدة بعد. ويشير الانقسام الحاصل بين دعوة قباني إلى انتخابات مفت جديد في 31 آب، وما تسرّب عن نية رئيس الحكومة تمام سلام الدعوة إلى انتخابات في 10 آب، إلى أن دار الإفتاء قد تشهد انتخاب مفتيين مع نهاية الشهر الحالي، إذا تعرقل الوفاق طبعاً.
«انتخاب مفتيين قد يكون مصيبة بالنسبة إلى دار الإفتاء وموقعها الريادي في لبنان»، يقول رئيس حزب الاتحاد الوزير السابق عبد الرحيم مراد لـ«الأخبار». ويكشف مراد عن «اتصالات الأيام الأخيرة» التي تقودها السفارة المصرية في لبنان، بالتعاون مع مختلف الأفرقاء المؤثّرين في ملف دار الإفتاء، للخروج بتسوية تكفل انتخاب مفتٍ واحد، وتبعد عن دار الإفتاء كأس الانقسام.
يعود مراد بالذاكرة إلى ما قبل نحو شهرين، حين تداعت أغلبية الشخصيات «السنية المستقلة» خارج فلك فريق 14 آذار، إلى اجتماع في منزل مراد في تلة الخياط. ويشير الوزير السابق إلى أن الحاضرين، اتفقوا على جملة من الأمور، أهمها «المحافظة على هيبة دار الإفتاء والمفتي، وتحديداً المفتي الحالي، ورفض الكلام عن احتمال وجود مفتيين»، كما اتفق الحاضرون على «أن يكون هناك تواصل بين الفريقين السياسيين في الطائفة السنية، والتفاهم على ترشيح مفت واحد بالتزكية، وإقرار الإصلاحات في دار الإفتاء، ولا سيما موضوع الهيئة الناخبة، وتوسيعها ضمن ضوابط». ويذكر مراد أن الاجتماع استدعى اتصالات من الرئيسين سعد الحريري وفؤاد السنيورة بالرئيس عمر كرامي، واتصالاً من الرئيس سليم الحص به، للسؤال عما إذا كان المجتمعون يريدون دعم قباني لانتخاب مفت ثانٍ، فـ«كان الجواب أننا نريد مفتياً واحداً»، يقول مراد.
من هنا بدأت الاتصالات والزيارات، و«تكلل الطرح بمبادرة من الأزهر عبر السفارة المصرية، والقنصل المصري في بيروت شريف البحراوي». ويشير مراد، إلى أن المبادرة المصرية اليوم، المدعومة سعودياً وسورياً، «تقوم على ترشيح الشيخ عبد اللطيف الدريان مرشح تزكية، وقد عرضنا الأمر على الرئيس سلام، وعلى سماحة المفتي».
ويضيف رئيس حزب الاتحاد أن «الرئيس سلام بحسب القانون القديم الذي أصدره الرئيس رفيق الحريري، من واجبه أن يدعو إلى انتخابات لمفت جديد، وعندما التقيناه أكد أن لا مانع لديه من مرشّح تسوية». من جهته، يقول مراد إن «المفتي لم يقتنع كليّاً بعد، وأكد أنه لا يزال مصراً على الدعوة إلى الانتخاب في 31 الجاري، لكن ليس لديه مرشّح حتى الآن». وبحسب مراد، فإن المفتي وفريقه في الهيئة الناخبة «يشيرون إلى أنه ليس مهماً من يكون المفتي، هذا في الشكل، المهم هو المضمون، أي الإصلاحات المطلوب إدخالها على قانون الحريري، وتحديداً موضوع توسيع الهيئة الناخبة التي اختصرها قانون الرئيس الحريري من 3500 ناخب إلى 108 ناخبين، ويطالبون بضمانات». ويقول مراد، «لقد استطعنا التوصّل إلى صيغة في المبادرة المصرية لضمان تحقيق الإصلاحات، وستعرض على المفتي قريباً جداً، في ظلّ وجود تفاهم واضح لدى جميع الأفرقاء، حتى في فريق الحريري، ورؤساء الحكومة السابقين، على عدم السماح بوجود مفتيين».
الأيام المقبلة حاسمة إذاً، هل يقتنع قباني بالمبادرة المصرية، وينجح مرشّح التزكية؟ أم تشهد الدار مفتياً في 10 آب، ومفتياً ثانياً في بداية أيلول المقبل؟