برزت أمس الخطوة العملانية الاولى في موضوع التمديد للمجلس النيابي، من خلال تقدم النائب نقولا فتوش باقتراح قانون معجّل مكرر لتمديد ولاية مجلس النواب الحالي الى 20 حزيران 2017، أي لعامين وسبعة أشهر إضافية خلافاً لتمديده الأول لعام وخمسة أشهر. ولم يظهر ما إذا كان فتوش قد قام بالامر نيابة عن مرجعيات وقوى تريد التمديد، لكنها تحاذر إعلان موقف واضح من الآن بشأنه، علماً بأن النقاش الجدي كان قد بدأ حول الامر في الاجتماع الذي ضم الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري، قبل يومين، والذي رأى فيه الأخير ضرورة البت سريعاً في أمر التمديد للمجلس النيابي لفترة تكمل ولاية ثانية له، معتبراً هذه الخطوة ضرورية، ورافضاً ربطها بتسويات أخرى.
ومع أن الرئيس بري أعلن رفضه التمديد، إلا أنه صارح الحريري خلال اللقاء بالقول: «إذا أردنا التمديد لمجلس لا يقوم بشيء، فهذا أمر لا معنى له. وإذا أردنا تفعيل المجلس وتشغيله، فهذا هو الاهم، قبل التمديد أو بعده». ودعا بري الحريري الى التفاهم مسبقاً على تسوية تاريخية، تنتج توافقاً على الانتخابات الرئاسية وعلى تفعيل عمل المجلس وعلى حسم عدد كبير من مشاريع واقتراحات القوانين التي تخص الناس وعجلة الدولة، وأنه يمكن بحث موضوع التمديد كجزء من هذه التسوية.
الحريري المهتم بالتمديد للمجلس قبل أي شيء آخر، ردّ على بري بأن الوقت غير مناسب لحسم التفاهم على كل هذه الأمور، ولكن «لنتفق على التمديد للمجلس وبعدها نعمل على انتخاب رئيس للجمهورية».

يصرّ التيار الوطني
الحر على عدم
حصول التمديد
للمجلس النيابي


وواضح أن بري الذي يملك أن يتحدث باسم غالبية قوى 8 آذار، لن يذهب الى تسوية لهذا العنوان من دون ضمان أمور كثيرة، أولها إعادة الحياة الى المجلس النيابي. وهو ما سبق أن أبلغه الى الوزير نهاد المشنوق الذي قال له إن الاوضاع الامنية في لبنان لا تتيح إنجاز الانتخابات في موعدها.
وكان لافتاً موقف الرئيس فؤاد السنيورة، الممهد لقرار التمديد، إذ قال «إننا نريد الانتخابات، وهذا القرار مبدئي ويجب أن نحاول أن نلتزم به، وإذا كان ذلك متعذراً، فلنكن واقعيين ونتحمل مجتمعين الموضوع، لا أن يزايد كل واحد على الثاني. لقد اضطررنا إلى أن نمدد خلال السنتين الماضيتين وتحملنا هذه المسؤولية مجتمعين، وهذه الأسباب ما زالت قائمة، ونعتقد أن الاولوية هي لانتخاب رئيس الجمهورية».

القوى المسيحية

وفي استطلاع لرأي القوى المسيحية، يبدو أن التيار الوطني الحر هو المصرّ على عدم حصول التمديد، فيما موقف القوات اللبنانية وحزب الكتائب غير محسوم، ربما في انتظار الموقف النهائي لقوى 14 آذار.
وفيما لم يوضح الرئيس أمين الجميل موقفه من التمديد، ركّز نجله النائب سامي الجميل على إصدار بيان للدفاع عن «إعلانات البيرة في طرابلس»، من دون أن يتطرق الى الاستحقاق النيابي، علماً بأنه سبق أن وعد بالنوم على درج مجلس نواب لضمان إجرائه في مواعيده. لكن وزير الحزب سجعان قزي قال لـ«الأخبار» إن قرار الكتائب «واضح برفضه التمديد هذه المرة لأي سبب كان، وهو موقف لا يستهدف مجلس النواب، ولا هو قرار سياسي، بل دستوري بحت لناحية الامتناع عن التشريع في المجلس النيابي في غياب رئيس الجمهورية. لذلك لا يمكن العدول عن هذا القرار إلا إذا تغير الدستور، وهو ما يميّزنا عن مواقف كتل أخرى». وتساءل: «لماذا لا يؤمّن النواب النصاب لانتخاب رئيس للجمهورية بدل تصويتهم على قانون لتمديد ولاية المجلس؟».
ومهما يكن من أمر، لم يعد في مقدور الأحزاب المسيحية اليوم، من قوات وكتائب، إغفال معارضة التيار الوطني الحر للتمديد والسير عكسه حرصاً على شعبيتها في الشارع المسيحي. لذلك، يقع الحزبان حالياً بين نارين: نار رفض القانون والتغريد خارج سرب حلفائهما، ونار الإحراج الشعبي الذي سيسبّبه قبولهما مجدداً به، الأمر الذي يفسر تريّث القيادتين في إعلان موقف فعلي وحاسم من إطالة عمر المجلس النيابي حتى ليوم واحد.
رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع دعا المواطنين أمس، خلال مؤتمر لمناسبة تأجيل الجلسة الرئاسية، الى محاسبة «النواب المعطلين لانتخاب الرئيس عبر إيجاد باب من أبواب المراجعة القانونية لملاحقتهم لعدم القيام بواجبهم في انتخاب رئيس للجمهورية»، في حين نسي أو تناسى دعوة المواطنين الى ملاحقة النواب الذين حالوا دون إقرار قانون انتخابي كان ليسهّل انتخاب رئيس للجمهورية أولاً، ويحول دون شرب المواطنين أنفسهم لكأس التمديد الذي بصم حزب القوات عليه بالعشرة.
من جهته، يرفض التيار الوطني الحر التمديد، وسأل عضو تكتل التغيير والاصلاح النائب إبراهيم كنعان: «من يتهمنا بعرقلة الانتخابات الرئاسية هل له الحق في أن يتحدث وهو الذي مدّد لمجلس النواب؟». كنعان أكدّ لـ«الأخبار» رفض التمديد «لأنه يضرب أسس النظام الديمقراطي ويمنع تداول السلطة ويدفع النواب الى التخلي عن وكالة الشعب»، فيما رأى النائب عن التكتل نفسه ألان عون أن «الحجة الأمنية العام الماضي تحوّلت اليوم الى حجة أمنية ورئاسية، رغم أن الظروف الأمنية أوائل التسعينيات حالت دون إجراء الانتخابات في كسروان فقط، وهو ما يمكن إعادة تكراره اليوم». وأضاف أن أي «مقاطعة مسيحية للتمديد تسلب الميثاقية من الجلسة وتمنع إجراءها».




بري: مفتاح التمديد في يد الحكومة

كرّر رئيس مجلس النواب نبيه بري، أمام زواره أمس، موقفه من رفض التمديد لمجلس النواب، وقال: «مَن يضمن أن التمديد سيؤدي إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية. سنبقى داخل الدائرة نفسها. عندما مدّدنا في المرة الماضية اضطررنا لأن نجعل التمديد سنة وخمسة أشهر عوضاً عن سنة حتى لا يتعارض موعد الانتخابات النيابية مع موعد انتخابات الرئاسة. مع ذلك، لم تجر الانتخابات الرئاسية وعطلوا مجلس النواب. ما هي الضمانات اليوم بأن التمديد لمجلس النواب سيؤدي إلى انتخاب الرئيس ولن يسبب مجدداً تعطيل دور مجلس النواب التشريعي؟». ورأى في رفض التمديد للمجلس «ورقة ضغط من أجل الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية».
وسئل: هل كل الأفرقاء ماضون في التمديد، فأجاب: «أنا ضد التمديد، والإحصاءات المنشورة أخيراً تشير إلى أن المزاج الشعبي لدى كل الطوائف مع إجراء الانتخابات النيابية». ولفت إلى أن «مفتاح التمديد في يد الحكومة. وحتى ولو أقر باقتراح نيابي، فإنه في نهاية المطاف سيذهب إلى مجلس الوزراء الذي يتولى صلاحيات رئيس الجمهورية لتوقيع القانون وإصداره. وإذا رفض وزير واحد توقيع قانون التمديد طار. مع ذلك، وإن أصرت الأكثرية النيابية على التمديد للمجلس، فسأكون ضده».
وسئل رئيس المجلس عن نتائج اجتماعه الأخير بالرئيس سعد الحريري، فقال: «اتفقنا على أولوية انتخاب رئيس للجمهورية وتفعيل المؤسسات الدستورية، أي مجلس النواب والحكومة، لأن من غير المقبول أن يظلا كما هما الآن. لا مجلس النواب يجتمع للتشريع، ولا الحكومة تعمل كما يجب».