لم يتبدل خطاب الرياض تجاه النائب ميشال عون في موضوع رئاسة الجمهورية، حتى في «عزّ» العلاقة بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل. بالنسبة لمملكة «الوهابيين»، لا يزال عون يمثل قائد الجيش الذي رفض اتفاق الطائف عام 1989، متحدياً أن «يأخذ العالم توقيعي»، لينتهي به الأمر منفياً الى فرنسا.
وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل لم يخفِ ذلك. قال مراراً أمام مسؤولين لبنانيين إن وصول عون الى الرئاسة يمثل خطراً على «الميثاق الوطني»، متحدّثاً عن «عدم نسيان الإهانات التي وجّهها للمملكة». هذا الكلام نُقِل عن الفيصل في الأشهر الأخيرة، خلال «ذروة الغزل» بين عون والرياض، ومع تحوّل السفير السعودي علي عواض عسيري الى ضيف دائم في الرابية.
موقف الرياض «الثابت» من «الجنرال» عبّرت عنه أول من أمس صحيفة «الوطن» السعودية، في مقال تحت عنوان «رأي الوطن» اتهمت فيه عون، «الطامح للوصول إلى سدة رئاسة لبنان بأي ثمن كان بتقديم مشروع أشبه بالانقلاب على الحياة السياسية في لبنان، وتحويرها لصالح فئة معينة، دون اكتراثٍ بما ستعود به الأمور على بلدٍ ذي تركيبة طائفية معقدة، عبر تحويل انتخاب الرئيس من نظامٍ برلماني إلى شعبي». واعتبرت أن هذا الطرح يمثل «خدمة للحليفين حزب الله والنظام السوري في وقتٍ واحد، عبر إعطاء دمشق الفرصة للدفع بمرشحٍ بعينه، قد يكون الحليف التاريخي زعيم تيار المردة سليمان فرنجية».

مصادر عونية تعتبر أن الرسالة مُرسلة من سعود الفيصل أكثر مما هي من المملكة

أما «الجنرال» فليس بالنسبة إلى «الوطن» إلا ورقة «سيحين عليها يوم وتحترق. التيار العوني الذي وضع ثقله كغطاءٍ مسيحي لخدمة الحزب المنغمس في الدم السوري، سيجد نفسه يوماً ما خارج اللعبة السياسية، بعد فقدان الشعبية التي يحظى بها، ما إن يحين موعد نهاية الدور المطلوب منه».
«الوطن» هي جزء من «مؤسسة عسير للصحافة والنشر» التي يتولى رئاسة مجلس إدارتها الأمير بندر بن خالد الفيصل آل سعود. ويتعامل الوسط السياسي اللبناني مع ما يُنشر فيها كتعبير عن الموقف السعودي الرسمي.
تقول مصادر نيابية في تيار المستقبل إن المقال يؤكد أن «الفيتو الذي وضعته المملكة على عون لا يزال قائماً. ويبدو أن لا اتفاق رئاسياً قريباً»، فيما لم يكن معظم نواب تكتل التغيير والإصلاح الذين تحدثت معهم «الأخبار» على علم بمقال «الوطن». نفى هؤلاء وصول أي رسالة سعودية سلبية أو إيجابية الى الرابية في الموضوع الرئاسي. نائب كسروان فريد الخازن يعيد الأمر الى وجود «رأيين سعوديين. الأول معارض لعون، والثاني غير مبال بالاستحقاق. تماماً كما في تيار المستقبل». يقول إن العلاقة مع الحريري «لم ولن تنقطع قبل حصول لقاء بينه وبين عون». أما مسار رئاسة الجمهورية «فلم ينضج بعد، وخاصة أن هناك مشكلة في إيجاد بديل للجنرال». يؤكد الخازن أنه «أصلاً لا توجد رسالة سعودية لتصل، لذلك لا نعلم ما قد تكون خلفية «الوطن». المشكلة بين المستقبل والوطني الحر تكمن «في عدم وجود تواصل بما فيه الكفاية. العلاقة تطبخ على نار خفيفة جداً، والسبب وجود عدد كبير من المتضررين في 14 آذار وتيار المستقبل». مصادر عونية أخرى تعتبر أن «الرسالة مُرسلة من سعود الفيصل أكثر مما هي من المملكة ككل. الرجل لا يزال تفكيره جامداً منذ ربع قرن». أما محلياً، فهي تُترجم «باستمرار الجمود، إضافة الى محاولة ضغط من قبلهم على النائب وليد جنبلاط المنفتح أخيراً على الجميع».