رغم تأكيد الرئيسين الروسي والأوكراني، في اليومين الماضيين، أنه لا يمكن حلّ الأزمة الأوكرانية إلا عن طريق الحوار، إلا أن ذلك لم يمنع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من التطرّق إلى فكرة جديدة وهي إعطاء صفة دولة لشرق أوكرانيا، وذلك في مواجهة ضغوط الغربيين الذين يهددون بفرض عقوبات جديدة على موسكو.
وتطرّق بوتين في مقابلة مع التلفزيون الرسمي، نقلت وكالات الأنباء الروسية مقتطفات منها، إلى أنه «يجب أن نبدأ فوراً محادثات جوهرية، حول قضايا التنظيم السياسي للمجتمع ومنح وضع دولة لجنوب شرق أوكرانيا، بهدف حماية المصالح المشروعة لسكان هذه المنطقة»، الأمر الذي حاول المتحدث باسمه ديمتري بيسكوف، التقليل من شأنه، قائلاً إن هذه التصريحات لا تعني على الإطلاق أن بوتين يدعو إلى بحث استقلال هذه المناطق، وإنما يطالب «بمحادثات شاملة» بين كييف والانفصاليين. وأضاف بيسكوف إن على أوكرانيا «أن تأخذ في الاعتبار مصلحة سكان نوفوروسيا».
وفي وقت أكد فيه بوتين أنه اتفق مع الرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو على حلّ الأزمة الأوكرانية بالطرق السلمية، شدّد على أن «روسيا لا تستطيع أن تقف موقف المتفرج اللامبالي من إبادة الناس في أوكرانيا»، معتبراً أن ما يجري في دونيتسك ولوغانسك، هو «رد الفعل الطبيعي للناس الذين يعيشون هناك ويدافعون عن حقوقهم». وقال إن الحلّ سيأتي عبر المفاوضات، مشيراً إلى أن أخطاء الاستيلاء على السلطة بالقوة لن تتكرر.

بوتين اتفق
وبوروشينكو على حلّ الأزمة بالطرق السلمية

وأعرب بوتين عن اعتقاده بأن «هذا درس جيّد لنا جميعاً من أجل أن ننهي هذه المأساة في أسرع وقت ممكن، وبالطرق السلمية والحوار». وقال: «بالمناسبة، اتفقت على هذا الأمر مع الرئيس بيوتر بوروشينكو، كما اتفقنا على أن لا يكرّر أحد أبداً تلك الأخطاء التي ارتكبت في أوكرانيا، خلال عملية الاستيلاء على السلطة، كونها كانت السبب الأول في ما يحدث حالياً». ودعا إلى وقف عاجل لإطلاق النار وإعادة تأهيل البنية التحتية. كما حثّ سلطات كييف على البدء بحوار موضوعي وعميق مع جنوب شرق البلاد.
وكان الرئيس الأوكراني قد أكد أن تحقيق السلام عبر الحوار يحظى بأولوية لدى أوكرانيا. وقال، خلال لقائه رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو في بروكسل السبت، إن «السلام الذي يجب تحقيقه عن طريق الحوار فقط، يجب أن يحظى بالأولوية بالنسبة لنا في الوقت الحالي».
وأضاف: «من المنتظر أن يتم تحقيق تقدم حقيقي في الأسبوع المقبل»، في إشارة إلى مجموعة الاتصال الخاصة بتسوية الأزمة الأوكرانية، التي ستستأنف لقاءاتها في مينسك اليوم. وتابع: «ننتظر أن يتجلى في الأسبوع المقبل تقدم حقيقي في مفاوضات السلام، إذ إننا على وشك الوصول إلى نقطة اللاعودة. على كل طرف في النزاع إدراك مسؤوليته. دعونا لا نشعل شرارة حرب جديدة في أوروبا».
وعارض بوروشينكو المساعدة العسكرية الغربية المباشرة لأوكرانيا. وقال إن كييف لا تعوّل على أن «يقاتل عسكريون من دول أخرى جنباً إلى جنب مع العسكريين الأوكرانيين». وأشار إلى أن أوكرانيا تحتاج إلى «دعم عسكري تقني» دولي، وإن كان أعرب عن أمله في أن لا يترك الاتحاد الأوروبي السياسة الروسية تجاه أوكرانيا من دون رد، بحسب تعبيره.
على خط مواز، وصف رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو العقوبات الأوروبية ضد روسيا بـ«العقيمة»، وهدد باستخدام حق النقض ضد إجراءات عقابية إضافية بحق موسكو، كونها «ستلحق الضرر باقتصاد ومصالح بلاده». وأشار إلى عبثية فرض عقوبات جديدة قبل معرفة تأثير العقوبات السابقة المفروضة على روسيا.
وجاءت تصريحات فيكو، بعد اجتماع لقادة الاتحاد الأوروبي عقد في بروكسل بطلب من زعماء الاتحاد بهدف وضع مقترحات لعقوبات جديدة على روسيا، بسبب الأزمة الأوكرانية. وأمهل قادة الاتحاد، في ختام هذا الاجتماع، روسيا أسبوعاً واحداً لتغيير موقفها في أوكرانيا تحت طائلة فرض عقوبات جديدة عليها.
في غضون ذلك، أعلنت موسكو أنها سلّمت كييف 63 عسكرياً عبروا الحدود الروسية في 27 الشهر الماضي، وذلك بعد ساعات قليلة من إفراج كييف عن 10 من جنود الإنزال الروس كانوا قد عبروا الحدود الأوكرانية عن طريق الخطأ في 26 آب الماضي.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، الأناضول)