أكد الرئيس نبيه بري ضرورة تنويع مصادر تسليح الجيش وزيادة عديده وتحديث عتاده، مشدداً على أن «التصدي للإرهاب التكفيري ليس مسؤولية السنّة في لبنان، كما أن التصدي للعدوان الإسرائيلي ليس مسؤولية الشيعة، والتصدي لتهجير الأقليات ليس مسؤولية المسيحيين»، بل «مسؤولية وطنية مشتركة»، ومن الضروري أن «يكون مسؤولية عربية ودولية مشتركة».
كلام بري أتي في كلمة وجهها أمس، في الذكرى السادسة والثلاثين لتغييب الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه. وقال برّي في قضية الإمام ورفيقيه إنه «تم تشكيل لجنة متابعة رسمية بقرار من مجلس الوزراء، وهي لم توفر جهداً في أي مكان وعلى أي صعيد، وقد انطلقت هذه اللجنة في عملها من ثوابت أهمها: العمل لتحرير الإمام ورفيقيه، إرسال سفير الى ليبيا ليكون سفيراً للقضية، لا محل للتطبيع مع ليبيا قبل تعاون الجانب الليبي في هذه القضية وإنهائها، مطالبة الإعلام بالمواكبة الدقيقة والمسؤولة، التأكيد أن هذه القضية لبنانية عربية إسلامية إنسانية شريفة ومقدسة، ولذا فإن الوسائل المعتمدة في متابعتها هي دائماً شرعية وقانونية ولا محل هنا للمساومات ولا للتورط في الصراعات والحسابات الفئوية».

بري: الفوضى التي تضرب منطقتنا ستؤدي إلى تقسيم المقسم

وأشار برّي إلى أن «المتابعات تحصل ساعة بساعة بمواكبة مني شخصياً، وبتنسيق تام مع عائلة الإمام الصدر، ولكن لا بد من لفت العناية الى أننا نتعامل غالباً من دولة إلى دولة لأننا رأينا في ذلك فائدة أكبر للقضية، كما أن الاستماع إلى أشخاص مقيمين في تلك الدول لا يتمّ إلا وفق خيارات لا تتيح إجراء تحقيق بكل ما في الكلمة من معنى». وأضاف «إننا وبعد جهود مضنية على مدار عامين كاملين، أوفدت مع الوفد الرسمي موفداً خاصاً إلى رئيس المؤتمر العام الليبي، وتم توقيع مذكرة تفاهم إثر ذلك بين الدولتين اللبنانية والليبية بخصوص هذه القضية؛ وأهم ما تضمنته: اعتراف الجانب الليبي رسمياً بحصول جريمة الخطف في ليبيا من قبل نظام معمر القذافي، والإقرار بحق المنسّق القضائي اللبناني حضور التحقيقات وتقديم الاقتراحات والحصول على المعلومات». إضافة إلى «تعهد الجانب الليبي بفتح أبواب التعاون في هذه القضية بشكل أكثر جدية وفعالية. لكن وللأسف، ما إن تم توقيع المذكرة حتى انهارت الأوضاع في ليبيا، وهكذا كان لا بد من وضع خطة للبقاء على أهبة الاستعداد وترقب الأمور، كما أننا درسنا ونطبّق خططاً بديلة، ولا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي حيال هذه القضية». أما على الصعيد القضائي الوطني، فلفت برّي إلى أن «القضية لا تزال قيد النظر في شق منها أمام المجلس العدلي، كما تم تقديم ادّعاء شخصي بوجه مدعى عليهم جدد من كبار وأهم أركان نظام معمر القذافي مع الأدلة التي تدينهم».
محلياً، أكد الرئيس برّي «أننا في حركة أمل نرى أن إنجاز الاستحقاق الرئاسي سيبقى يحتلّ موقع الأولوية، لأن الدولة لا يمكنها السير من دون رأس». وأضاف إن «إتمام انتخابات الرئاسة سيفتح الباب لإنجاز مختلف الاستحقاقات، ومنها الانتخابات النيابية، ويطلق عملية سياسية نحن أحوج إليها لمواجهة استحقاقات وتهديدات الإرهاب العابر للحدود والدول، وهي تهديدات طرقت أبوابنا وشعرنا بها طوراً على شكل أزمة نازحين، وتارة على شكل معتقلين وتفجيرات واجتياحات كما حدث لعرسال، وجولات لحروب صغيرة كتلك التي شهدتها طرابلس وصيدا». ورأى أن «الوحدة الوطنية تشكل ضرورة وطنية في سبيل مواجهة الإرهاب كما كانت سلاحنا بمواجهة العدوان الإسرائيلي عام 2006. وأن مواجهة الإرهاب ليست مسألة أمنية أو عسكرية فقط، إنها مسألة تفكيرية تثقيفية وطنية». واعتبر أن «التصدي للإرهاب التكفيري ليس مسؤولية السنة في لبنان، كما أن التصدي للعدوان الإسرائيلي ليس مسؤولية الشيعة، والتصدي لتهجير الأقليات ليس مسؤولية المسيحيين». وأضاف إن «التصدي للإرهاب والعدوان والتهجير هو مسؤولية وطنية مشتركة تعبر عنه الدولة الواحدة، ومن الضرورة بمكان أن يكون مسؤولية عربية ودولية مشتركة». ورأى أن المطلوب دولياً «قرارات بدعم سيادة الدول ووحدة أراضيها ومؤسساتها وشعوبها وتكويناتها». والمطلوب وطنياً «تأكيد الاستثمار على زيادة قوة الردع الوطنية التي تميز الجيش اللبناني، وزيادة عديده وتحديث عتاده وإنجاز إيصال المعدات المطلوبة للجيش من فرنسا بموجب المكرمة السعودية الأولى، وتوظيف المكرمة الثانية وبالسرعة المطلوبة، والانتباه الى ضرورة تنويع مصادر الأسلحة».
إقليمياً، رأى برّي أن «ما يحدث في العراق أو سوريا أو اليمن أو ليبيا أو تونس وما يتهدد دائماً الشقيقة الكبرى مصر أمر يعني لبنان، ويجب على لبنان أن يكون محامي التعايش». واعتبر أن «عيوننا يجب أن تبقى مفتوحة باتجاه الجنوب، وأن تتوحد على أن إسرائيل هي التي تُمثل التهديد الوجودي للبنان». وعلى الصعيد الوطني كذلك، رأى أنه «آن الأوان من أجل ضخ الحياة في مشروع الدولة ورسم خريطة طريق يلتزم خلالها الجميع بتنفيذ كامل لاتفاق الطائف بشقيه الدستوري والإصلاحي».
وحذر برّي من أن «ما يوصف بالفوضى البناءة التي تضرب منطقتنا ستؤدي إلى تقسيم المقسم وجعل الكيانات الراهنة فدراليات وكونفدراليات». وقال إن «المانع الرئيسي أمام قيام إسرائيليات جديدة وأمام تشكيل الدولة الداعشية، هو انطلاق العملية السياسية بعد إنجاز كل الاستحقاقات في العراق». وأنه قد «آن الآوان لاعتراف الجميع بأن الحل السياسي هو السبيل لحل المسألة السورية واليمنية والليبية ومنع وقوع تونس ضحية العنف، وأنه لا بد من عمل عربي موحد واستراتيجية عربية موحدة لمواجهة الإرهاب».
وختم برّي كلمته قائلاً: إن «ضعف القوة التي أثبتها العدوان الإسرائيلي على غزة يجب أن يؤدي بنا الى العودة الى مشروع فلسطين وإلى الاصطفاف خلف هذه القضية المركزية، وإلى تأكيد انحيازنا للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني في تحرير أرضه وتقرير مصيره وقيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس». وأضاف إن «كبح الإرهاب التكفيري، كما العدوانية الإسرائيلية، يعتمد على وحدة الموقف في إطار برنامج عربي لمواجهة هذا الإرهاب».
(الأخبار)