قفزة نوعيّة في خدمات الإنترنت والجيل الثالثاستراتيجية تطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تمضي قدماً؛ هناك بعض العثرات التي تظهر تحديداً في سلوك إدارة هيئة «أوجيرو»، غير أنّ الحلّ قريب، كما يؤكّد وزير الاتصالات نقولا صحناوي. حلٌ يترافق مع الخطوات التطويرية المختلفة من خفض سعر الإنترنت إلى تطوير البنية التحتية للقطاع

1) أقرّ مجلس الوزراء أخيراً مرسوم خفض أسعار الإنترنت بنسبة وصلت إلى 80%، ونُشر المرسوم في الجريدة الرسميّة الأسبوع الماضي؟ متى وكيف سيشعر المستهلك بنتائج هذا القرار؟

ستدخل التعرفة الجديدة والسرعات المضاعفة حيّز التنفيذ في الأوّل من تشرين الأوّل. ويترافق خفض الأسعار هذا مع زيادة سرعة الإنترنت بمعدّل يتراوح بين 4 و8 أضعاف مقارنة مع السابق، إضافة إلى زيادة السعة (Cap) الشهرية بمعدّل يتراوح بين مرّتين و5 مرّات. وتُعدّ هذه الخطوة قفزةً نوعية بالنسبة إلى المستهلكين والشركات على حدّ سواء، ومن شأنها أن تغيّر العادات السائدة، وتسهم في إحداث طفرة اقتصادية في قطاع الاقتصاد الرقمي. ويشار إلى أنّ المرسوم لحظ أيضاً 3 خطوات أساسية:
أوّلاً، دعم المؤسسات التربوية من خلال تخصيصها بخفض 20% على تعرفة الإنترنت.
ثانياً، خفض تعرفة الخطوط الرقمية المحلية التي تبعد ما يزيد على 20 كيلومتراً عن السنترالين الرئيسيين في بيروت الكبرى بالمقارنة مع الوصلة القريبة من هذين السنترالين، بغية تحقيق الإنماء المتوازن والإسهام في نمو المناطق الريفية ومساعدة المبتكرين عبر خفض العبء المالي عنهم.
ثالثاً، خفض تعرفة الخطوط التأجيرية الدولية للشركات، بحيث صارت الأقل كلفة في الشرق الأوسط، ما يؤهّل لبنان ليكون مركزاً إقليمياً للاستثمارات المجدية للشركات العالمية.


2) كيف سيشمل هذا التطوّر جميع المستهلكين، فيما العديد منهم يحصلون على اشتراكاتهم من الشركات الخاصة؟

استشرنا الشركات الخاصة المعنية، فأبدت حماسة شديدة لفكرة خفض الأسعار، وتعهّدت بدورها بخفض الأسعار. المرسوم لا يفرض على الشركات الخاصة أسعار البيع لديها، لأن تلك الأسعار خاضعة للمنافسة. ولكن من البديهي أنّ الشركات ستخسر زبائنها لمصلحة وزارة الاتّصالات إذا قرّرت عدم الأخذ بقائمة الأسعار الجديدة.

3) يُمكن المستهلك الحصول على اشتراك «DSL» مباشرة من «أوجيرو» أو الشركات المزوّدة للإنترنت (ISP›s). ولكن هناك شكاوى كثيرة تفيد بأن الهيئة لا تؤمن الأجهزة اللازمة لتشغيل الاشتراكات، وهي مشكلة مستمرّة منذ فترة. ما هي الخطوات التي تعتمدونها لحلّها؟

بداية، تجدر الإشارة إلى أنّ المستهلك لا يحصل على الخدمة من «أوجيرو» بل من وزارة الاتّصالات التي تتعامل مع الهيئة كمزوّد خدمات لوجستية ومعلوماتية. أمّا بالنسبة إلى أجهزة تشغيل الإنترنت (Modems)، فقد رفضت الهيئة أن تشتريها رغم التعليمات الواضحة التي أصدرتها الوزارة وتعهّدها المسبق بدفع المترتبات، وذلك بحجّة عدم إمكان شراء الأجهزة من دون تلقّي الأموال اللازمة من الوزارة مسبقاً.
لكن، وفقًا لما ارتآه ديوان المحاسبة، لا تدفع الوزارة هذه الأموال إلّا على أساس الكلفة الفعلية، ما يعني أنّه يجب أن نتسلّم فاتورة أو على الأقلّ عقداً موقّعاً من أجل تحويل المال إلى «أوجيرو». الآن، نحن في صدد صياغة حلّ لهذه المشكلة، بما يسمح للمواطنين بأن يحصلوا على اشتراكات «DSL» جديدة، وآمل أن أتمكّن من إعلان هذا الحلّ في الأسابيع القليلة المقبلة.

4) كيف تتعامل وزارة الاتصالات مع «أوجيرو» حالياً؟ هل لا تزال هذه الهيئة خارج إطار القوانين وترفض تطبيق القرارات الصادرة عن الوزارة؟

«أوجيرو» تضم آلاف الموظفين، معظمهم من ذوي الكفاءات ويتّسمون بالنزاهة والإخلاص، ويعملون بعيداً عن الأضواء والتسييس من أجل خدمة المواطنين بالطريقة المثلى. وغالباً ما لا يرى اللبنانيون مساعيهم وجهودهم المضنية.
لكن تحت غطاء الاستقلالية المزعومة للهيئة، غرقت إدارتها الحالية، للأسف، في مستنقع من الممارسات غير القانونية التي أثّرت سلباً على شبكات الاتصالات وخدماتها، وسبّبت هدر الكثير من الوقت في تحسين هذا القطاع. وقد أدّى كلّ ذلك إلى خسارة تُقدّر بعشرات ملايين الدولارات.
لا بدّ من أن تعود الأمور إلى نصابها في أسرع وقت ممكن، ونحن نعمل في سبيل ذلك.

5) ما هو وضع لبنان الآن على صعيد السعات؟ تفيدون بأنّ البلاد تستغل حالياً أقل من 10% من المقوّمات التي يوفّرها كابلا «IMEWE» و«قدموس» الدوليان اللذان يصلان البلاد بالخارج؟

حتى شهر تموز 2011، كان لبنان برمّته يعمل بسرعة تناهز 3 جيغابيت في الثانية (3Gb/s)، وكان وزير الاتصالات السابق شربل نحاس (وزير العمل حالياً) قد وقّع منذ عام 2010 على شراء 210 جيغابيت في الثانية من كابل «قدموس» الذي يصلنا بقبرص. وفي كانون الأول 2010، وضع في الخدمة كابل «IMEWE»، ما سمح للبنان بالحصول على 120 جيغابيت إضافية.
إلى ذلك، ولأسباب مريبة يمكن أن تحمّل بعض الموظفين مسؤوليات جزائية، لم يُحرّر سوى سعة 10 جيغابيت إضافية عبر كابل «IMEWE»، ولم يحصل ذلك إلا بعد تأليف الحكومة الجديدة! وتُعدّ سعة 13 جيغابيت في الثانية الحالية كافية لاستيعاب زيادة السرعة والسعات المترتّبة على التعرفة الجديدة، وذلك لمدّة مقدّرة بين 3 و6 أشهر.
وللإيضاح، فإنّ تحرير سعات إضافية على أحد الكابلين يستلزم إعداد طلب موجّه إلى شركات نقل الاتصالات الدولية، إضافة إلى إجراء سلسلة اختبارات وبرمجة معلوماتية، وكل ذلك لا يتطلب إلّا أياماً قليلة.

6) أعلنتم سابقاً أن التجارب الأولية لخدمة الجيل الثالث (3G) في قطاع الهاتف الخلوي ستبدأ في هذا الشهر، على أن تستفيد شريحة من اللبنانيين من الخدمة بدءاً من الشهر المقبل. ماذا توضحون للمستهلكين على هذا الصعيد؟

ستبدأ الفترة التجريبية غداً (20 أيلول 2011)، وتطال 4 آلاف مشترك، ربعهم من الطلاب. وسيجري انتقاؤهم جميعاً بالقرعة، ويُضاف إليهم 500 مشترك من كبار المستخدمين. وبحلول 20 تشرين الأول المقبل، ستنطلق المرحلة الأولى من التغطية التي تشمل كل مدينة بيروت. وستُغطّى تباعاً وتدريجاً سائر المناطق وفقاً لبرنامج تنشره شركتا الخلوي، وذلك حتّى 20 شباط 2012، تاريخ إنجاز تغطية كل الأراضي اللبنانية.

7) الجيل الثالث سيقدّم خدمة الإنترنت بالحزمة العريضة اللاسلكية، فيما الحزمة العريضة السلكية (DSL Broadband) تنتظر إتمام مشروع مدّ شبكة الألياف البصرية (Fiberoptics). كيف يسير العمل على هذا الصعيد، وكيف تقوّمون الانعكاسات الاقتصادية لتطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في لبنان عموماً؟

إنّ سير العمل في تنفيذ مشروع الألياف البصريّة يجري وفق المخطّط له.
ومن المفترض مبدئياً أن نكون قد أنهينا المرحلتين الأولى والثانية في تشرين الأول 2012، ونأمل أن نطلق في نهاية العام الجاري عملية المناقصة للمرحلة الثالثة، أي «FTTX» (مدّ الألياف البصرية)، التي عندها سيحصل المواطن على الإفادة القصوى من منافع المشروع، إذ إنّ هذه المرحلة هي التي تصل ألياف المركز الهاتفي بالمبنى السكني أو أقرب نقطة إليه، لتحلّ مكان الش بكة النحاسية الحالية (ذات السعة المحدودة).
تستغرق المرحلة الثالثة حوالى ثلاثة أعوام من أجل تنفيذها، لكننا نأمل أن ننجز العمل في بيروت قبل نهاية عام 2013. وبعدما يجري وصل المساكن بالألياف البصرية، ستتجاوز السرعة المتاحة 100 ميغابيت في الثانية، ما يسمح بتوفير خدمات متعدّدة.
من بين تلك الخدمات هناك: إشارة تلفزيون عالية الوضوح والخدمات المدمجة، والمؤتمرات بواسطة الفيديو، والبرامج الإلكترونية العالية الوضوح.
من المتوقّع أن تكون النتائج الاقتصادية هائلة. نذكّر بأرقام البنك الدولي: لكلّ 10 نقاط اختراق إضافية على مستوى اشتراكات الإنترنت، يُتوقع نموّ في إجمالي الناتج المحلي بنسبة 1.38%. كذلك، مقابل كل 10% من اختراق الحزمة العريضة الخلوية (الجيل الثالث أو أكثر)، يُتوقع نموّ في إجمالي الناتج المحلي بنسبة 1%.
في أوروبا، تشير الإحصاءات إلى أن 25% من فرص العمل التي استُحدثت في السنوات الخمس الأخيرة ارتبطت بالاقتصاد الرقمي. وتمثّل هذه الأرقام أملاً حقيقياً لبدء تطبيق برنامجنا الاقتصادي الذي يهدف إلى أن يعكس هجرة الكوادر اللبنانية الشابّة، والذي يسعى إلى دفع لبنان في اتّجاه الاقتصاد المنتج.



100 ألف وظيفة

من المهمّ جداً التفكير في قطاع الاتصالات كمدخل للإصلاح لاقتصادي. فالتطوير في هذا الميدان يعني خلق فرص عمل والحدّ من الهجرة. ووفقاً لتقديرات القيّمين على القطاع، من الوزارة والهيئة الناظمة، يُتوقّع أن يولّد هذا التطوير أكثر من 100 ألف فرصة عمل محلياً، مباشرة وغير مباشرة