بدأ جيش اسرائيل «يصرخ : لا قدرة على خوض حرب ضد حزب الله. العدو في بلاد الارز جاهز ومتحفز وقادر على تحقيق الانجازات، اما نحن، الجيش الاسرائيلي، فلا. لا مال لدينا، ولا تدريبات ولا وسائل قتالية، والحرب المقبلة، خاسرة لا محالة». هذه هي خلاصة تقرير صحيفة يديعوت احرونوت، امس، نقلا عن مصادر عسكرية رفيعة المستوى، في الجيش الاسرائيلي.
بدا واضحا ان تقرير الصحيفة، كما التقارير الاخرى التي سترد تباعا في الفترة المقبلة، تحركها المؤسسة العسكرية الاسرائيلية على خلفية الصراع على الميزانية الامنية. الهدف منها هو افهام الاسرائيليين بان الامتناع عن زيادة ميزانية الجيش، ستؤثر سلبا في قدراته واستعداده لحربه المقبلة مع حزب الله .
من هنا، فإن مقاربة التقارير العبرية ذات الصلة، لا تستقيم الا باستحضار النظرة الاسرائيلية الفعلية لقدرات حزب الله ولحجم التهديد الذي يمثله، إذا نشبت الحرب، تماما كما يرد في يديعوت احرونوت. وفي الوقت نفسه، لا يمكن فهم هذه التقارير، على انها مبالغة لكسب المزيد من المال، اذ إن الميزانية الامنية هي جزء لا يتجزأ من القدرة العسكرية الاسرائيلية، ومن دون المال ستتقلص التدريبات والتزود بالسلاح ومستوى الجاهزية لخوض الحرب، وهي الحرب التي تدرك اسرائيل مسبقا، ما ينتظرها فيها.

الفشل الاستخباري
في غزة لا يمكن للجيش الاسرائيلي ان يكرره في الساحة اللبنانية

صحيح ان الجيش الاسرائيلي خاض معارك في الماضي حول الميزانية، وخرج ايضا، كما سيخرج الان، منتصرا، الا ان المعركة الحالية اكثر الحاحا واهمية مما سبق. الفشل العملياتي والاستخباري في قطاع غزة، كما تبدى في العدوان الاخير، لا يمكن للجيش الاسرائيلي ان يسمح بتكراره في الساحة اللبنانية، او بعبارة ادق، سيحاول ان يمنع تكراره، الا ان ذلك متعذر من دون امكانات. وهذا ما يقوله تقرير يديعوت، وغيره من التقارير المقبلة. فاسرائيل قادرة على احتواء فشلها في قطاع غزة، لكنها لن تكون قادرة على احتواء الفشل في لبنان، وإن كانت اضرار فشل العدوان على غزة تكتيكية، فانها ستكون في المقابل، ضد حزب الله، كارثية واستراتيجية.
بالعودة الى تقرير يديعوت احرونوت، المنقول عن مصادر في الجيش الاسرائيلي، جرى التحذير من خطر النقص في الميزانية الامنية، وهو الامر الذي يترجم نقصا في الخطط والجاهزية، وفي الاستعداد للمواجهة المقبلة مع حزب الله. وما يزيد من خطورة ذلك، هو زيادة قوة حزب الله وقدراته، قياسا على ما كان عليه في الماضي. «وهذا التحدي سيكون مغايرا للتحدي الاخير في غزة، اذ لن يقتصر على جبهة واحدة، بل سيكون على جبهتين: ارض الارز وارض الاسد». ويرد في تقرير يديعوت احرونوت ان من يعرف التفاصيل بشأن «المخاطر الكامنة في الحدود مع لبنان وسوريا، ويعرف مستوى جاهزية الجيش الاسرائيلي، سيكون قلقا جدا، اذ جرى تقليص تدريب الوحدات النظامية، والغي تدريب الاحتياط، والجيش غير مزود بادوات كافية لخوض الحرب. لدى الجيش عدد قليل من آليات «النمر»، المدرعة جيدا، مقابل آليات ومدرعات خفيفة لا يرقى تدريعها الى المستوى المطلوب، وهي شبيهة بتلك المدرعة التي تسببت بكارثة في عملية الجرف الصامد في غزة. ولو عرف الجمهور نسبة هذه الاليات وعددها، لتأكد انها ستتحول الى مصيدة موت للجنود الذين سيكونون في داخلها، امام صواريخ حزب الله المضادة للدروع».
من ناحية الدفاع الجوي، الوضع ليس افضل بكثير. بحسب المصادر العسكرية الاسرائيلية، الجيش يملك فقط 9 بطاريات قبة حديدية، ومن الواضح أنها لن تكفي لمواجهة الكارثة التي ستحدث لدى تساقط آلاف الصواريخ على اسرائيل.
ضباط في قيادة المنطقة الشمالية، وخبراء في الاستخبارات، بكل ما يتعلق بحزب الله، يؤكدون ان الحزب يعمل على النقيض من اسرائيل: فهو يتسلح ويزداد قوة ويتحسن. وفي حوزته 100 الف صاروخ من انواع مختلفة، وهي أثقل وأكثر دقة ومدى أطول من تلك التي جرى استخدامها عام 2006، كما ان لديه قدرة على اطلاق تبلغ 1000 صاروخ في اليوم، فيما ليس لدى اسرائيل رد يحول دون ذلك.
ويرد في تقرير يديعوت احرونوت، انه «فيما يجلس جنود الاحتياط في صالونات بيوتهم في اسرائيل، بدلا من خوض التدريبات بسبب نقص في الميزانية، فان (الأمين العام لحزب الله، السيد حسن) نصر الله، حوّل منطقة القصير في سوريا الى معسكر تدريب، وفي حزب الله ما يزيد على 5 الاف بين ضابط ومقاتل يعملون باستمرار في سوريا، ويحاربون ويمتلكون الخبرة العسكرية... تدربوا على اطلاق الصواريخ البعيدة المدى، وهذه هي الصواريخ التي تمثل عنصرا حاسما في الحرب المقبلة مع اسرائيل. وعمليا، يتدرب مقاتلو حزب الله منذ ثلاث سنوات، وهذا حلم كل تنظيم محارب».
في الماضي، اضافت الصحيفة، وعد نصر الله بأنه سيحتل الجليل، ومن أجل هذه المهمة، «لا يحتاج حزب الله الى الانفاق، اذ يكفي أن يعبر الحدود ويسيطر على احدى البلدات الاسرائيلية. وفي القيادة الشمالية، يعرفون أن قائد حزب الله جاد، ولذلك غيرت القيادة الشمالية على نحو دراماتيكي خطة الحرب، وحولتها الى خطة دفاعية، وقياسا بما جرى في غزة، فان التحدي في الشمال اكبر بكثير».
ضابط رفيع في قيادة الاركان (يشير التقرير الى انه «عقلاني») أكد ضرورة ان تصحو اسرائيل، «فاذا لم يكن سلاح البر قويا بما يكفي، فسوف نواجه مشكلة في الشمال. وهناك من يقول إن حزب الله لا يريد حربا مع اسرائيل، ولن يبادر اليها غدا صباحا... إلا أنه يجب رؤية الصورة كاملة بكل ما يتعلق ببناء القوة لحزب الله، مقابل الصدأ الذي اعتلى وحدات الجيش
الاسرائيلي».