لم يمل أساتذة الجامعة اللبنانية المتعاقدون المستثنون من ملف التفرغ من المطالبة المتكررة بإنصافهم وتصحيح الشوائب والمخالفات والتجاوزات في ملف التفرغ. هؤلاء يتسلّحون، حتى الآن، بالبيانات لمواجهة رئيس الجامعة اللبنانية عدنان السيد حسين، الذي يحاول «تجميل» صورة «الملف الأسود» الذي أدخل عددا كبيرا جدا من الأساتذة الذين لا يستوفون الشروط المطلوبة ولا حاجة للجامعة إليهم، نتيجة التدخلات الحزبية، على حساب أساتذة آخرين يستوفون كامل الشروط. وأكدت مصادر لـ «الأخبار» أن الأساتذة المستثنين بصدد الإعداد لمواجهة مباشرة لتحصيل الحقوق ابتداءً من الأسبوع المقبل.
وقد أصدر المستثنون بيانا طالبوا فيه رئيس الجامعة بعرض أسماء المتفرغين الجدد مع كل التفاصيل المرتبطة بمسيرتهم الأكاديمية والعلمية، لتتضح الصورة الحقيقية أمام الرأي العام وأهل الجامعة. ويأتي ذلك ردا على تصريح اذاعي للسيد حسين يقول فيه إن الأساتذة الـ 1213 الجدد كانوا يدرسون في الجامعة، «ومش صحيح انو في ناس سقطت بالباراشوت»، حيث أكد السيد حسين أن الأسماء التي لا تتمتع بالأهلية «لا يتخطى عددها العشرات».
الا أن الأساتذة أعادوا التذكير بالتدخلات السياسية في الملف، وبأن عددا من المتفرغين الجدد «ليسوا من بطانة الجامعة اللبنانية، ولم يطوبوا من المتميزين، سواء كانوا يملكون عقودا فيها أم كانوا من الهابطين عليها بمظلة المحاصصة والمحسوبيات».
وهذه التدخلات السياسية سبق أن اعترف بها رئيس الجامعة نفسه في عدة مناسبات، حيث عبر عن «عدم رضاه» عن ملحق وزير التربية الياس بو صعب الذي ضم 305 أساتذة لا تعرف عنهم الجامعة أي شيء، بحسب ما أكد السيد حسين في مقابلة سابقة مع «الأخبار». وقد أشارت «الأخبار» أيضا في تحقيق سابق بشأن تلاعب الأحزاب السياسية، وبالأخص حركة أمل، بالملف المرفوع من الجامعة الى مجلس الوزراء، الذي ضم 916 اسما استُبدل عدد كبير منهم بآخرين محزبين أو مقربين من «أمل»، اذ تنصل السيد حسين خلال لقائه مجموعة من الأساتذة المتعاقدين من مسؤوليته، مشيرا إلى أن العمداء هم من أعدوا الملفات، كل في كليته.

نشر لائحة بأسماء المتفرغين يعد المطلب الأهم للمعترضين


بيان الأساتذة يأتي أيضا ردا على ما عدّوه «ضربا» لشروط التفرغ. فهذه الشروط غير منصوص عليها بالفعل في قوانين محددة أو عامة، فكل كلية لها نظامها الداخلي الذي يفترض به أن يرعى تفرغ الأساتذة، ورئيس الجامعة نفسه سبق ان حدد الشروط العامة المتعارف عليها بين أهل الجامعة (آخر مرة كانت خلال رعايته حفل تخرج طلاب كلية طب الاسنان في 1 آب) المتمثلة في النصاب التعليمي وسنتي خبرة في التدريس في الجامعة اللبنانية (وهما الشرطان اللذان تخلّى عنهما رئيس الجامعة بحسب تصريحه الأخير) ومعادلة الشهادة، وتقويم الشهادة والتقويم الاكاديمي.
ولكن يبدو أن السيد حسين تبرأ من جزء مما قاله، ويتسلح بالسلطة الاستنسابية للجامعة في تفريغ الأساتذة، فيقول إنه حتى لو درّس الأستاذ «5 و6 سنين» فهذا لا يعني أن التفرغ حقه، «حتى لو بيدرس 400 ساعة»، مضيفا أن الموضوع يتعلق بالاختصاص وحاجة الجامعة الى التفرغ في هذا القسم أو ذاك، اذ عدّ الأساتذة هذا التصريح بمثابة تبرير «لستر الشوائب كي لا تفضح عورات الاستنساب ويظهر الظلم الواقع على عدد لا يستهان به من أساتذة الجامعة».
فهل يجوز أن يكون الأستاذ الذي يدرّس في الجامعة منذ سنين، لا حاجة للجامعة اليه؟ أو الى تخصصه؟ والا لما تركته في كادرها التعليمي كل هذا الوقت. وكيف استطاع السيد حسين معرفة حاجة تخصصات الأسماء المرفقة في ملحق بو صعب، الذي لا تعرفها الجامعة حتى! هذه التساؤلات حملها الأساتذة في بيانهم، اذ وجدوا في كلام السيد حسين «استهانة بقدراتهم لأنه يبخس حق كل أستاذ يعطي من جوهر عمره». ورأى الأساتذة فيه عجزا عن اعتماد معيار تفرغ يحقق العدالة للجميع، وفي كلام السيد حسين «بيان إعدامنا»، عبر نسف المعايير «التي نتسلح بها لتوقد أحقيتنا بالمطالبة بإنصافنا، ما هدد وجودنا وشهاداتنا وتضحياتنا».
ما الذي يضمن أن الأساتذة الذين لا يستوفون الشروط بالمئات لا «بالعشرات»؟ يسأل الأساتذة، الذين طالبوا بإحصاء المستحقين وضم أسمائهم إلى أسماء زملائهم في ملف تفرغ لكل المسحقين الذين يستوفون الشروط الأكاديمية والقانونية، ودعوا إلى لقاء للمستحقين من الأساتذة مع رئيس الجامعة أسوة بزملائهم المتفرغين الجدد للتداول في أمور الجامعة من ناحية، وفي آلية إنصافهم بملف تفرغ خاص بهم من ناحية أخرى.
نشر لائحة بأسماء المتفرغين، تتضمن كافة التفاصيل المتعلقة بمسيرتهم الأكاديمية والعلمية، أي السنة التي بُدئ فيها التعليم في الجامعة اللبنانية والاختصاص وسنة نيل الدكتوره وغيرها من الأمور، تعد المطلب الأهم، الذي من شأنه أن يسهم في تحديد الأساتذة الذين لا يملكون نصابا تعليميا، ولا تعرفهم الجامعة، وتوضيح الحاجة الحقيقية الى تخصص مختلف الأساتذة الجدد.
«الأعراف» التي تنظم ملف التفرغ لم تعد واضحة بالنسبة إلى أهل الجامعة، الذي سبق أن سألوا رئيس الجامعة ووزير التربية عن المعايير المعتمدة في اعداد كافة الملفات المرتبطة بالتفرغ، لكنْ لم تدرس الحاجات الحقيقية للجامعة ليقدر على أساسها العدد المفروض تفريغه في كل كلية، والاختصاصات المطلوبة في الأقسام والفروع. وما يؤكد هذه الفرضية، قرار مجلس الوزراء، الذي طلب من الجامعة تحديد ملاكات جميع الكليات والمعاهد، على أن يصار الى وضع الملاكات موضع التنفيذ وربط الشغور بالتفرغ في هذه الملاكات لاحقا.