حلّ تكتل التغيير والإصلاح بوزرائه الثلاثة، جبران باسيل، إلياس بو صعب، وأرتور نظريان، إضافة إلى عدد كبير من النواب، من بينهم نواب المتن الشمالي (باستثناء النائبين إبراهيم كنعان وغسان مخيبر)، أمس، ضيوفاً على مائدة النائب ميشال المر ونجله الوزير السابق إلياس المر. الغداء الذي أقيم على شرف وفد لجنة الصداقة الفرنسية اللبنانية لا يعني بحدّ ذاته الكثير. لكن إحاطة المرّ نفسه بأعضاء التكتل يلفت الانتباه، خصوصاً بعد إشارة مصادر الرابية إلى تقارب جدّي مع «العمارة»، قد يتوّج بتحالف سياسي.
وهو ما يقود إلى معالجة ملف مرشحي قضاء المتن الشمالي من زاويتين مختلفتين، يحددهما قرار أبو الياس، وضع بيضته الذهبية في ميزان قوى 14 آذار مجدداً، أو إعادتها إلى سلة الرابية. يقول مطلعون على تطور العلاقة بين عون والمر إن «الاتصالات دائمة بينهما، واحتمال التحالف تجاوز الخمسين في المئة». يكادون يجزمون بأن الأمور بالنسبة إلى المر لم تعد تتعلق بالخيار السياسي أو الخلاف الشخصي، بل بضمان مستقبل زعامة ابنته ميرنا. وبالمناسبة، غياب ميرنا عن لائحة المرشحين يبرره المقربون منها بثقتها بأن «التمديد آت، واستقالتها من رئاسة اتحاد بلديات المتن الشمالي من أجل انتخابات غير واردة يفقدها الاتحاد والنيابة معاً».
تاريخياً، لا مكان للمصادفة في «عمارة المر» أو خياراته، كما لا مصادفة أيضاً في تغييب كنعان ومخيبر عن ديوانيته وعن دائرة تواصله مع العونيين. تكرّ سلسلة «اللامصادفات»: يغيب اسم صديق المر النائب العوني سليم سلهب عن قائمة الترشيحات (على أحد المقاعد المارونية) ويحضر اسم صديق المر وأحد أبرز صلات الوصل بينه وبين عون، العميد الركن المتقاعد فؤاد الأشقر. والأخير واحد من الضباط الذين أدّوا دوراً كبيراً خلال قتالهم إلى جانب عون، وتوطدت علاقته بالمر الذي أسهم في إخراجه من السجون السورية، يوم كان زعيم بتغرين وزيراً للدفاع. خلافاً لبقية مرشحي التيار، لم يغرق الأشقر، في الأعوام العشرة الماضية، في مشكلات العونيين الداخلية أو المناطقية، ولم يقطع علاقاته بالضباط ولا بقدامى القوات أو بالأحرار، ولا حتى بالقوميين.
في المقابل، يواجه العونيون معضلة في تحديد مرشحيهم عن المقاعد المارونية الثلاثة الباقية. إذا صحّ اعتماد عون مقولة عدم إعادة ترشيح النائب الذي أنهى ثلاث دورات، يصبح لزاماً عليه استبعاد النائبين إبراهيم كنعان ونبيل نقولا عن اللائحة، فتعلو حظوظ وليد بو سليمان وجان أبو جودة؛ علماً بأن غالبية الإحصاءات تضع كنعان في المرتبة الثانية بعد النائب سامي الجميّل، يليهما نقولا.
لم تعد خيارات المر تتعلق بالخيار السياسي أو الخلاف الشخصي بل بمستقبل ميرنا

وتجدر الإشارة هنا إلى مرشحين آخرين مقربين من التيار، هما النائب السابق إميل إميل لحود والمرشح نصري نصري لحود. ينطلق الأول في ترشحه من كونه استمراراً لسياسة والده الرئيس السابق إميل لحود ومن تأييد بعبدات وجوارها له، فيما ينطلق الثاني من كونه ابن رئيس مجلس القضاء الأعلى الراحل نصري لحود وصهر وزير الدفاع سمير مقبل. أما المقعد الرابع فمتروك، كما جرت العادة منذ 2005، لواحد من مرشحَي الحزب السوري القومي الاجتماعي، النائب السابق غسان الأشقر والعميد قيصر عبيد.
على المقلب الآخر، يتأرجح المقعدان الأرثوذكسيان في المتن بين ثلاثة مرشحين جديين: المر والوزير بو صعب والنائب غسان مخيبر. في حال حسم المر تحالفه مع عون، يصبح لزاماً الحديث عن استثنائه لمخيبر من كل نشاطات العمارة وحرصه على مجاورة كرسيه لكرسي الوزير بو صعب ووصفه أمام موظفي العمارة بـ«الحليف»، طالباً تحييده من الانتقادات. وهذا سيؤثر في توجه الرابية حتماً لدى اختيارها زميل المر على اللائحة (إذا ثبت التحالف وجرت الانتخابات) لسببين: الأول ارتياح عون لصداقة الرجلين، والثاني نشاط بو صعب الخدماتي والوزاري والسياسي مقابل «كسل» مخيبر وتركيزه التشريع القوانين دون غيره من الواجبات. ولكن، في حال قرار عون تطبيق شعاري فصل النيابة عن الوزارة وإنهاء خدمات كل نائب أتم ثلاث دورات، أن يبعد الرجلين عن دائرة الترشيحات ويعيد الفنان غسان الرحباني إلى اللعبة مجدداً. أما إذا تخلت الرابية عن شعاراتها، فيمكن الإبقاء على كنعان ونقولا عن المقعدين المارونيين، والإبقاء أرثوذكسياً ايضاً على مخيبر واعتماد بو صعب (في حال فشل التوافق بين عون والمر). فيما مقعد الأرمن الأرثوذكس محسوم سلفاً للطاشناق المتمثل بالنائب هاغوب بقرادونيان، ومن المرجح أن تبقي قوى 14 آذار على المقعد فارغاً كما في عام 2009. أما المفارقة اللافتة، فتكمن في المقعد الكاثوليكي اليتيم الذي يتنافس عليه ثلاثة عونيين هم: جورج عبود وإدغار معلوف وشارل جزرا والوزير السابق شربل نحاس. الأول من خلفية شمعونية ويحوز أصوات الأحرار في ما عدا حركته النشيطة والمكثفة منذ عامين في القضاء، والثاني يدعمه عمه النائب إدغار معلوف، وهو موظف في كازينو لبنان، والثالث أحد أطباء عون الشخصيين، وهو محبوب في الوسط العوني ومعروف بخدماته الطبية. أما نحاس، فغير ناشط في المتن نهائياً ولا حضور له في مختلف المناسبات، فضلاً عن انتمائه فعلياً إلى دائرة بيروت الأولى لا إلى قضاء المتن.




14 آذار معلّقة بـ «شوار» المر


تقف قوى 14 آذار اليوم على «شوار» قرار النائب ميشال المر: يرجّح دعمه لها عدم تبدّل نتائج عام 2009 بخرقه والنائب سامي الجميّل، ويفتح قرار تحالفه وعون سقف الاحتمالات بما فيها إسقاط الجميّل أو الاتفاق ضمنياً على تجيير بعض الأصوات له ضماناً لاستمرارية حزب الكتائب في معقله الرئيسي. سابقاً، استفردت بكفيا بحياكة اللائحة كاملة، وهو ما لن تتساهل فيه القوات بعد الآن، بحسب المرشح عن المقعد الماروني ادي أبي اللمع؛ إذ يفترض «بمفاوضات تسكير اللوائح أن تحصل وفق موازين القوى ولن نقبل إلا بالمشاركة في التسمية». تحصر مصادر قوى 14 آذار حظوظ المرشحين الباقين بين سركيس سركيس ورازي الحاج ومارون أبو جودة.
وفيما يرفع سركيس حظوظه عبر تمويله جزئياً للائحة، يفرض الحاج نفسه من خلال خدماته الإنمائية، ومن خلال امتلاكه، خلافاً للنواب والمرشحين، ماكينة خاصة في عدد كبير من البلدات، ضمنها بسكنتا وجوارها. أما أبو جودة، فطبيب كتائبي من جلّ الديب يرصد حديثاً في بعض المناسبات الاجتماعية ويحوز رضا سامي الجميّل. أرثوذكسياً، يسمّي المر عادة المرشح الثاني الياس مخيبر، إلا أن الكتائب محرج هذه المرة بترشح أحد مسؤوليه السابقين، رياض مزهر، المدعوم من شباب الحزب والناشط في وسطهم. أما المعضلة الأبرز، فتكمن في ترشح رئيس مجلس الأقاليم والمحافظات السابق في حزب الكتائب ميشال مكتف، الذي يوقع بكفيا بين نارين: نار اعتماده رغم رفض سامي للأمر والاستفادة من أصواته التي تفوق الخزان الكتائبي، ونار استبعاده وما يرتبه ذلك من مضاعفات.