يوم الجمعة الفائت، أطلت أزمة الأمن الغذائي مجدداً. هذ المرة من مدينة بعلبك، حيث برزت حالات تسمم كثيرة لدى عائلات بأكملها. العوارض نفسها ظهرت على الكثيرين: أوجاع في المعدة، تقيّؤ وإسهال مع ارتفاع في حرارة الجسم.
مساء الخميس، طلبت الطفلة دلع العكاري (4 سنوات) من والدها شراء سندويشات الطاووق والفاهيتا لها ولإخوتها من أحد مطاعم بعلبك. صباح الجمعة بدأت عوارض التسمم بالظهور على أفراد العائلة، الأمر الذي دفع الوالد لنقلهم إلى مستشفى المرتضى. ترقد دلع اليوم في مستشفى المرتضى في بعلبك إلى جانب والدتها وشقيقتيها، في حين يرقد والدها وأخواها في الغرفة المجاورة. القصة نفسها تكررت مع إحدى العائلات التي قصدت المطعم نفسه في مدينة الشمس.
بعض العائلات ظنّت أن ما يحصل لها هو «حالة عرضية» ناتجة من تقلّب الطقس، فاختارت العلاج في الصيدليات بواسطة الأمصال والمضادات الحيوية، ليتبيّن لاحقاً أنها حالة تسمم جماعي طالت أكثر من 40 شخصاً. حالات التسمم بدأت تتفاقم بدءاً من يوم السبت الفائت، فتوزّع المصابون على مستشفيات دار الحكمة في الجمالية ـ بعلبك، المرتضى، دار الأمل الجامعي ورياق العام، ونقلت حالتان إلى مستشفى أوتيل ديو في بيروت.
إثر شيوع خبر التسمم الغذائي، تحرك مكتب الصحة في بعلبك وأخذ عينات من المأكولات في المطعم بغية تحليلها، كما أوضح طبيب القضاء الدكتور محمد الحاج حسن. وشدد حسن على «ضرورة انتظار النتائج المخبرية لاتخاذ الإجراءات المناسبة بحق المخالف، سواء كان المطعم أو الجهة التي تؤمن احتياجات المطعم الغذائية».
كذلك عقد محافظ بعلبك ـ الهرمل بشير خضر اجتماعاً في سراي بعلبك، بناءً على توجيهات وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور، أصدر خلاله قراراً بإقفال المطعم إلى حين صدور النتائج المخبرية، بغية «تحديد المسؤوليات واتخاذ الإجراءات الصارمة بحق المخالفين». وأعلن رئيس بلدية بعلبك حمد حسن أن «عدداً من حالات التسمم أبلغنا بها عضو لجنة الصحة في البلدية ورئيس قسم الصحة، وسنعمل بالتعاون مع قسم الصحة لتحديد نوع التلوث والجرثومة ورفع القضية إلى الجهات المختصة». في السياق ذاته، أصدر أبو فاعور تعميماً على جميع المستشفيات طلب فيه إبلاغ مديرية العناية الطبية في الوزارة بأي حالات تسمم غذائي لكي تتخذ الوزارة الإجراءات اللازمة في هذا الخصوص.
المفاجئ في الأمر هو أن العائلات التي أصيبت بحالات تسمم غذائي من المطعم المشتبه فيه «لم تتقدم بشكاوى إلى المراكز الأمنية»، إذ أكد مسؤول أمني أن الأجهزة الأمنية فتحت تحقيقاً في الحادث بناءً على ما تردد بين الناس يوم أمس، مشيراً إلى أن عدم ادعاء العائلات المصابة منذ يومين «ساهم في طمس قضية لا ينبغي السكوت عنها». وشدد المسؤول الأمني على أن التحقيقات لن تقتصر على صاحب المطعم المشتبه فيه وطريقة حفظه للمأكولات والمواد الغذائية، بل ستشمل ايضاً مصادر تلك المأكولات والمواد الغذائية، وبشكل خاص مزارع ومسالخ الفروج، إضافة إلى مزارع الدجاج وإنتاج البيض.